دراسة في القانون: قراءة في المادة 49 من قانون مدونة الأسرة

أغلبية الأزواج يرفضون أي شرح أو تفسير لمقتضيات المادة الاتفاق بين الزوجين، تتم ترجمتــه في عقد مستقل عن عقد الزواج، يمكن تسميتــــــــــه: عقد اتفـاق بين الزوجين، أو عقد تدبيــر الأموال المكتسبـــة. ونجد المشرع لم يحدد أجلا لإنجــاز هذا العقد باعتباره عقدا رضائيا يتحقق متى توفرت أسبابه ومبرراته، حسب تقييم طرفي العقد، وللإشارة، فإنه بإمكـــــان الأزواج الذين أبرموا عقود زواجهم قبل صدور المدونة وبعدها ويجوز لهم، أن ينجزوا هذا العقد، تفعيلا لأحكام المادة 49، التي أقرت نظاما يمكن أن يسري ويطبق على كل العلاقــــات الزوجية السابقــــــــة واللاحقة، وحبذا لو ألزم المشرع الزوجين بكتابة العقد مستقلا عن عقد الزواج وأثناء إبرامه لدى العدلين يتضمن : إما اتفاقهما على تدبير هذه الأموال التي ستكتسب أثناء فترة الزواج، أو استقلال الذمة المالية لكل طرف عن الآخر، وذلك احترازا وتفاديا لكل ادعاء قد يلجا إليه أحدهمـــا في مواجهة الآخر. إن هذا الاتفاق الذي نصت عليه المادة سالفة الذكر، هو اتفـاق اختياري ورضائي، يجد سنده يصطلح عليه فقها وقانونا في التصرفات التي تدخل في نطاق مبدأ سلطان الإرادة، الذي يخول لكل شخص تدبيـر شؤونه وإدارة أمواله، والتصرف فيها بالشكل الذي يراه ملائمــا من غير أن يخالف القواعـد الآمرة. فهذا الاتفاق إذن يحدد فيه نصيب كل واحد في الأموال المكتسبة بين الزوجين .- مجلة قضـــاء الأسرة، العدد 4/2009 ص : 73. وهذا العقد والذي يصدر غالبا عن العدول يكتسب حجيته القوية، في الإثبات ولا يطعن فيـــــــــه إلا بالـــــــــزور . دور العدول في إشعار الزوجين بمقتضيـــات المادة 49 من المدونة : إن دور العدول لا يقتصر على كتابة العقد والإشهاد عليه فقط ، بل يتعداه إلى توجيـه النصـح والإرشاد للمتعاقدين، واطلاعهم على القواعد القانونية ، والأحكام الشرعية المتعلقـــة بالموضـــوع ، وغيرها في إطار توثيق عقود الزواج ، كل ذلك سعيا منهم لتأدية رسالتهم المهنية على الوجه المطلوب، والقيام بدورهم المنوط بهم، وبذلك فإنهم يقدمون كل الشروحـات اللازمة المتعلقة بمقتضيات المادة 49 فـضلا عن تفسير وتوضيح كل ما يتعلق بالموضــوع أو له ارتبــــاط به وبعقد الزواج بشكل عــام، رغم أن الفقرة الثالثة من المـــادة المذكــورة، قررت أن يقــــوم العدلان بهذا الإشعار بالأحكام سالفة الذكر للزوجين، دون إلزامهما بذلك. والمثير في هذا الباب أن بعض الجهــات لا تتردد في توجيه الاتهام المجاني للعدول بالتقصير في شرح المادة 49 للزوجين والإشعار الكافي بأحكامها، وهذا اتهام مرفوض وغير مقبول ، ولا يرتكز على أساس مطلقا ، وعليهم أن يعلموا جيدا بأن أغلبية الأزواج يرفضون أثناء مجلس العقد التطرق إلى أي شرح أو تفسير يتعلق بمقتضيات هذه المادة ، أو له علاقة بالشرط أو الاتفاق ، وهذا راجع للثقــــــــــــــافة المغربية الأصيلة السائدة، وإلى السلوكـــــــات والحفاظ على التقاليد والعادات الموروثة لدى جل الأسر التي يميزها الحرج والحيـــــــــــــاء، في مثل هذه المناسبــات ويستحيل تغييرهــا بسهـــولة. حيث أن التطرق إلى الجانب المالي بين الزوجين ، وشروط تدبيره في نظرهم وتصورهم يرون فيه مبالغة وقفزا على القيم والمبادئ والأخلاق، وقد يزيح عامل حسن الظن الذي يجب أن يسود بين العـــائلتين ، ولأن عقد الزواج أسمى من المال ومن منـــــــاقشة المال، ومن كل الشروط في منـــــــاسبة تعتبر من أغلــــى وأعز المناسبـــات لدى الأسرتين معا، وهي منــــــــاسبة العرس والزواج . ونجدهم يعتقدون أن تنظيم أو مناقشة طرق تدبير ما يتعلق بالمال بينهما فيه إخلال ومساس كبير بنبل وحرمة الزواج وقدسيته، التي من المفروض أن نبعدها عن أي مساومة أو نقيد نبلها بشرط من الشروط . فالزواج ميثاق سام غليظ ومتين يسمو عن كل مساومة أو تفاوض، وهو الذي يميزه عن غيره من العقود والالتزامات المدنية الأخرى ، وهذه المبادئ والأخلاق الفاضلة التي تتميز بها الأسر المغربية، هو ما يجعل العدول أثناء إبرام عقود الزواج يتحملون الكثير من المتاعب والجهد، أثناء شرح مقتضيات هذه المــادة للمتعـــاقدين وتفسيرهــــا لهم. ونجد في كثير من الحـالات أن حتى التفاوض بشأن مبلغ الصداق، أو الوفاء باحتياجات إقــامة الحفل ولوازمه، أو توزيع الإنفاق داخل الأسرة بين الزوجين بمستوياته المختلفة، يبقى غير متوازن، وغير عادل بين الطرفين، ولا يرتبط بضوابط واضحــــة لهذه الاعتبـــارات، ويبقى الحرج فيه والاحتشـــــــــام هو السائد ، وقد يكون من جانب أحد الطرفين على الأقل ، وقد تكون في الغـــالب الزوجة على الأرجح ، الأمر الذي قد يخلق بوادر كامنة في المستقبل لخلافــــات أسرية تترقب الوقت المناسب لتبرز إلى السطح ، وربما تنفجر في شكل نزاعـــات وخصومات، قد تغيب معها كل المودة والرحمة والسكينة التي يجب ان تملأ عش الزوجية وأرجـاء البيت وكيـــــــان الأسرة عموما. بقلـم : محمد ساسيوي رئيس المجلس الجهوي لعدول مكناس النائب الاول لرئيس الهيأة الوطنية للعدول

دراسة في القانون: قراءة في المادة 49 من قانون مدونة الأسرة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

تطورات ملف ارتشاء رئيس مركز تسجيل السيارات بصفرو

إدانة متهم بالسرقة من داخل مسجد بمكناس

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات