ثورة هادئة

يخلد الشعب المغربي، غدا (الأحد)، ومعه نساء ورجال الحركة الوطنية والمقاومة وجيش التحرير، الذكـرى الـ70 لملحمة ثورة الملك والشعب، التي جسدت واحدة من أروع صور التلاحم في مسيرة الكفاح الوطني، الذي خاضه الوطنيون المغاربة، بقيادة بطل التحرير المغفور له محمد الخامس وأسرته، في سبيل الحرية والاستقلال والوحدة الترابية. ففي 20 غشت 1953، ارتكب جنرالات الاستعمار الفرنسي الغاشم واحدا من أكبر أخطائهم، حين فكروا في فصل العرش الملكي عن الشعب المغربي، ورتبوا لقرار سياسي غاشم، يقضي بنفي الأسرة الملكية وإبعادها إلى خارج البلد، فكان الرد سريعا من المغاربة الأحرار، في مختلف القرى والمداشر والجبال والمدن والحواضر الكبرى، وبمختلف فئاتهم ومهنهم وأعمارهم، الذين اعتبروا الخطوة الفرنسية، إهانة وحطا بالكرامة، وتعاملا غير لائق مع رمز وطني في حجم ملك البلاد، يفترض الجواب اللائق. ولم يتأخر الجواب فعلا، إذ انطلقت الشرارة الأولى لكفاح وطني مسلح، قادته مجموعة من الشباب، من رجال ونساء آمنوا بشعار ما سلب بالسلاح والدم والجور، لا يسترد إلا بالطريقة نفسها، فاستُرخصت الأرواح والدماء والأموال والمدخرات في سبيل التحرير والانعتاق والاستقلال، وفُرض على الإدارة الفرنسية الرضوخ إلى الأمر الواقع، حين قبلت، ذليلة، قرار عودة الملك إلى عرشه. إنه التاريخ غير القابل للتزوير والتحريف، والوقائع والشهود والشهادات والأحداث والملاحم والصور، التي تقدم دروسا وعبرا، وتعطي أدلة قاطعة بأن لحم المغربي مر لا يمكن بلعه بسهولة، ومعدنه الأصيل والحقيقي لا يظهر إلا في الشدائد والصعوبات والمحن، والاستعمار الفرنسي كان واحدا من هذه المحن، التي تغلب عليها الشعب المغربي بتلاحم وثيق مع العرش، لدحر المحتلين في وقت مبكر، وفرض الشروط التي تليق بمقاومة مغربية أبية وحرة ومستقلة ،وحركة وطنية شكلت السند والدعم، لما بعد الحصول على الاستقلال السياسي. وبالروح نفسها يواصل الشعب المغربي، بقيادة الملك محمد السادس، ثورة هادئة في جميع المجالات وعلى جميع الواجهات، حولت المغرب إلى رقم صعب في المعادلات الدولية، وحديث متواصل عن عبقرية مغربية مبدعة، مستقلة وذات سيادة، وصوت في المنتديات الإقليمية والعالمية، وكفاءة في التدبير وجدية في إيجاد الحلول، في إطار السلم والأمن الدوليين. ورغم أهميتها التاريخية وسياقها السياسي الدقيق، لم تشكل ثورة الملك والشعب، سوى ملحمة من ملاحم بالمئات، جسدت روح الاعتزاز بالوطن والغيرة عليه والاستعداد لحمايته بشتى الطرق وفي كل الأوقات، في بلد يتقن لعبة الانتقال، من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر. ثورات في كل الأزمنة، واحدة منها يقودها منذ أكثر من 20 سنة، ملك وطني وطموح، يحتفل، بعد غد (الاثنين)، بعيد ميلاده الذي أراده جلالة المغفور له محمد الخامس، أن يكون عيدا لكل الشباب المغربي. ثورة للبناء والتطوير والتنمية وتشييد صروح السيادة الطاقية والغذائية والدوائية، وفي مجال البنيات التحتية والاقتصاد النظيف، يقودها شباب وشابات، في أعمار الزهور، يصلون أمجاد الماضي، بإنجازات الحاضر وتطلعات المستقبل. شباب قائدهم ملك، مؤمن بهذه الفئات الحيوية من المجتمع، ولا يمر خطاب دون التذكير بأهمية منح الفرص المستحقة للأجيال الصاعدة والتواصل معها وتحفيزها، وتسهيل سبل التكوين والاندماج في شتى الميادين.

ثورة هادئة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

مصرع أب وابنه في انهيار أتربة

اللبؤات ممنوعات من الاحتراف بالخليج

مقالات ذات صلة