القن السري للنجاح

كشف جلالة الملك محمد السادس، السبت الماضي، عن السر، وعن مكونات الوصفة، وأوراق خارطة الطريق. في خطاب الذكرى الـ24 للجلوس على العرش، رفع جلالته، أمام المغاربة والعالم والمنتظم الدولي، الغطاء عن القن السري للنجاح والاستحقاق والمستقبل والانتصارات الكبرى، وهو رقم يتكون من ستة حروف، لخصها في "الجدية». كلمة خفيفة على اللسان، لكنها ثقيلة في ميزان الفعل، وفي مكيال الاتزان والوطنية والمسؤولية والالتزام والصبر على المكائد ومواجهة الشدائد. كلمة تلخص إرادة لا تقهر ولا تلين على المضي قدما إلى الأمام. لقد ذكرنا جلالة الملك بأخلاق الآباء والأجداد، حين كانت "الجدية" عملة تقاس بسعر الذهب، وكان المعقول "كلمة"، والكلمة (بتسكين اللام) سكينا على الرقبة، والاستقامة نشاطا روتينيا، والالتزام في القول والفعل قيمة، تشتق منها باقي القيم ومبادئ الحياة الأخرى. بالجدية، قال جلالة الملك، حقق المغرب مكاسب واستحقاقات في واجهات مختلفة، على يد شباب وأطر وكفاءات مغربية، أعطيت لهم الفرصة والثقة، وحققوا المعجزات، إذ أضحى المغرب، أول بلد عربي وإفريقي، يتوفر على سيارتين "صنع في المغرب"، واحدة منهما تشتغل بوقود الهيدروجين الأخضر. وبالجدية نفسها، والعمل الدؤوب، والصبر، والنية، ورضى الوالدين، حقق المنتخب الوطني الحلم، ووصل إلى نصف نهائي كأس العالم، مقارعا أعتى المنتخبات العريقة، التي أسقطها الواحد تلو الآخر. لقد شاء جلالة الملك، وهو يستعرض باعتزاز وفخر كبيرين، نجاحات المغرب في 23 سنة الماضية، أن يذكر المواطنين والمسؤولين وأصحاب القرار، في مختلف المواقع، بأنه كلما تشبثنا بقيم الجدية والمعقول والاستقامة، كلما كانت النتائج أفضل، وعادت بالنفع العميم على الجميع. ولم يعدم الخطاب الملكي عددا من الأمثلة الحية في عدد من القطاعات، في الصحة والحماية الاجتماعية ومراجعة النموذج التنموي ومواجهة الأزمات الدولية المترتبة عن جائحة «كوفيد 19»، والأزمات اللاحقة للحرب في روسيا وأوكرانيا، والتغيرات المناخية، وهول الظرفية الاقتصادية، والتضخم، وارتفاع الأسعار في الأسواق الدولية. في كل ذلك، خرج الوطن رابحا ومنتصرا في معركة التحديات الكبرى، بسبب الحرص على العمل الجدي والمواظبة عليه وتغليب المصلحة العليا والإستراتيجية والحيوية للبلد على ما عداها من المصالح الأخرى، مهما اشتدت لعبة التوازنات. ولعل دخول القضية الوطنية الأولى إلى مرحلة من الوضوح الديبلوماسي والسياسي، يعد نموذجا من نماذج نجاح المقاربة الجدية في التعاطي مع هذا النزاع الإقليمي المفتعل، إذ قال جلالة الملك، ذات خطاب، إن الصحراء المغربية هي النظارة التي ينظر بها المغرب إلى العالم، فإما أن تكونوا معنا، أو تكونوا مع غيرنا. وناهيك عن استحقاقات وصفة "المعقول"، التي سطر عليها جلالة الملك، يحمل الخطاب الملكي رسائل مشفرة إلى هؤلاء الذين جربوا مسالك أخرى غير الجدية، فسقطوا في شر أفعالهم. فكما يوجد بيننا مواطنون ومسؤولون يعتنقون الجدية، ويجعلونها برنامج عمل يومي، هناك من يخطط لجعل "التخلويض" والفساد والمناورات والالتفاف على القانون سبيلا لنجاح مغشوش، سرعان ما تنكشف عوراته أمام الجميع، والأمثلة، هنا، أكثر مما تحصى. وعليه، فلا ينفع إلا المعقول في بلاد الشرفاء والأولياء والمؤمنين الصالحين بقضايا الوطن حتى النخاع. ومن غش المغاربة، في سم إبرة... فلن يكون منهم، بكل تأكيد.

القن السري للنجاح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

المصري صابر في طريقه للرجاء

فضائح وخروقات في الميركاتو

مقالات ذات صلة