محطات في تاريخ السينما المغربية : 90 في المائة من الشباب لم يلجوا قاعة سينمائية

من المشاكل الكبرى التي تعرفها السينما المغربية في انطلاقتها الجديدة منذ العشرية الأولى للقرن الواحد والعشرين والتي جعلتها من السينمات الإفريقية الثلاث إلى جانب مصر وجنوب إفريقيا والتي تفرض الانتباه إليها على المستوى العالمي، "من هذه المشاكل" مسألة الوظيفة التربوية والاجتماعية لهذه السينما. تكمن المفارقة في هذا السياق في أن أكثر من 90 في المائة من شباب المغرب اليوم لم يلجوا قاعة سينمائية طيلة حياتهم، وبالتالي فهم لا يعرفون مطلقا ما هي السينما باعتبارها تجربة فردية في قاعة معتمة أمام شاشة كبرى يغرق فيها الوعي ويتحقق فيها التماهي ويرتوي فيها الذوق ويلتحم فيها الخيال الفردي بالتخييل الفني الذي ينهل من المتخيل الجماعي للوطن والإنسانية جمعاء.يتعلق الأمر بشبكة القاعات السينمائية التي هي أكثر من مجرد فضاءات لعرض الأفلام: إنها فضاءات سحرية لتفتيق الميولات ولإطلاق الأحلام من عقالها عبر بوابات الطموح للاندماج في مجالات الإبداع وصناعة الفن الموجه للمجتمع بالتفكير في قضاياه المطروحة والتي تبلورها التساؤلات والاهتمامات الجماعية.بدأ المغرب منذ تأسيس المركز السينمائي المغربي بإنشاء شبكة من القاعات السينمائية بعد ما دمرت أولاها التي بنيت باذخة تضاهي كبريات القاعات في العالم آنذاك سنة 1935 والتي تستوعب ألفي متفرج هي سينما "فوكس" الأكبر إفريقيا من قبل فرنسي، وقد بلغ عدد القاعات في مسلسل إنشاء شبكة وطنية للقاعات منذ نهاية الخمسينات حوالي 370 قاعة بمختلف المدن المغربية الكبرى والمتوسطة بل وحتى الصغرى حتى نهاية الثمانينات.آنذاك كان عدد التذاكر التي بيعت لدخول السينما بالمغرب يتجاوز 40 مليون تذكرة بكل ما يعنيه ذلك من تثمين للتربية الذوقية والفنية والمدنية لدى مرتادي السينما من التلاميذ والطلبة والمراهقين والنساء، إذ كانت قاعة السينما على الأقل توحي لمرتاديها بصورة مشرقة عن اللباس وأناقته وعن الحوار ولياقته وعن الحب وأهميته وعن النظافة ومساهمتها في صناعة قيمة الفرد والبيت وعن الحارة وقيمة الشهامة فيها، ناهيك عن الموسيقى وتهذيبها للإحساس وتخصيبها لذاكرة التذوق وفن الكلام.مقابل هذه الأربعين مليون نحن الآن أمام رقم مؤسف ودال على التراجع المريع وهو حوالي مليوني تذكرة سنويا، ولعل هذا دليل آخر على المضاعفات الخطيرة لانعدام إستراتيجية وطنية لحماية الهوية الثقافية والتربوية الذوقية لجماهير مجتمعنا الذي يصبو للتحديث والعصرنة ودمقرطة حياة المواطن.مقابل هذا الإشكالي، يمكن القول إن هناك نوعا من التصحيح النسبي الذي يبقى ضعيفا له على واجهتين: أولاهما تصوير الأفلام الأجنبية بالمغرب الذي بلغ مستوى يمكن معه الحديث عن مساهمة محترمة للصناعة الثقافية في الاقتصاد الوطني، وهو ما كان من الممكن أن يكون أقوى بكثير لو تخيلنا للحظة أن المغرب يتوفر على شبكة من القاعات تعادل الألف قاعة مثلا وهو رقم متواضع. آنذاك ستتخلص الدولة من الدعم بل وقد تجني بعضا من المداخيل من أفلام مغربية من المؤكد أنها ستسترد تكلفتها إلى جانب أرباح ستنعش الشغل والمداخيل الضريبية بالإضافة إلى ما لا يقدر بثمن، وهو المساهمة في بناء المواطن الحداثي.حوالي 60 مليون دولار وأكثر هو مدخول تصوير الأفلام الأجنبية بالمغرب. رقم نسبي يتغير بتغير الوضعين الوطني والإقليمي والعالمي.أما شبكة المهرجانات فهي المتنفس الثاني المصحح لبعض من غياب الوظيفة التربوية للسينما المغربية. إعداد : أمينة كندي

محطات في تاريخ السينما المغربية : 90 في المائة من الشباب لم يلجوا قاعة سينمائية

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

العروسي... صوت الجبل : لم يتعامل كثيرا مع رموز العيطة الجبلية

حكــايــات اللاعـب "زاز" : الدليمي كلفني بالتجسس على أصدقاء بنبركة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات