جرائم الأصول : قتل والده بدم بارد

لم يصدق سعيد أنه هو من قتل والده، بل وقف مشدوها مذهولا بعد استفاقته من غفوته عقب الإجهاز على والده بدم بارد وكأنه يذبح دجاجة. استرجع شريط الأحداث بسرعة وكأنه يشاهد لقطات من فيلم لألفريد هيتشكوك الذي يمتزج فيه الخيال بالواقع، أو كأنه يقرأ رواية بوليسية لأغاتا كريتسي، مليئة بالأحداث الدموية. التقط السكين التي ما زالت تحمل دليل جريمته النكراء ولفها في ورق من جريدة باهتة وخرج لاستنشاق هواء يبعده عن الضيق الذي ألم به.وفي تفاصيل هذه القضية، التي شغلت أسرة سعيد، عقب اختفاء رب الأسرة، تشير التقارير إلى أنه عاد مسرعا إلى مراكش حيث تقطن والدته، وأخبرها أن والده توجه إلى الدار البيضاء لقضاء بعض أغراضه.لم تطمئن والدة سعيد، لعلمها أن الحاج لا يتغيب إلا إذا أخبرها بمكان سفره وغيابه. وطلبت من ابنها الأكبر السؤال عن والده بالاتصال به عبر هاتفه المحمول أو عند معارفه وأصدقائه الذين له معهم معاملات تجارية. حاول محمد الاتصال بوالده كما أمرت والدته، لكن ظل خارج التغطية، مما زاد من هواجسها وقلقها.وعاد سعيد إلى مكان الحادث ولف الجثة في غطاء صوفي وجرها إلى حديقة البيت الفسيح، وحفر حفرتين كبيرتين، ووضعها في واحدة منهما. وردم التراب عليها وكأن شيئا لم يكن. واتصل بصاحب عربة وطلب منه مده بكمية من التراب، لأنه يريد زرع بعض الشجيرات بحديقة بيتهم. واستقبل التراب ووزعه فوق الحفرتين بعدما زرع شجرتين وسوى الأرض.لم ترتح الأم وظلت تستنطق سعيد وتستفسره عن والده وظروف سفره، قبل أن يعترف لها بأنه أقدم على قتله بعد سوء تفاهم وقع بينهما ببيتهما الموجود بالبادية. جن جنونها وبدأت تصرخ وتولول، وسمعها ابنها الأكبر وعلم بواقعة وكيفية وفاة والده. وأخبر الضابطة القضائية، التي رافقت المتهم إلى المنزل المذكور، ودلها على مكان وجود الجثة.انتدبت الفرقة الأمنية مجموعة من العمال للقيام بعملية الحفر مرفوقين بعناصر من المكتب الصحي وانتدبت سيارة لنقل الأموات. وبدلالة من الظنين، توجهت الفرقة الأمنية والعمال إلى مكان حديث الحفر والزرع يحتوي على ركام من التراب. وبعد مباشرة عملية الحفر من قبلهم، تم التأكد من وجود جثة الهالك وهي ملفوفة في غطاء صوفي على وشك التحلل تنبعث منها رائحة كريهة نتيجة التعفن الذي لحقها بعد مرور وقت طويل على دفنها. وتم نقلها إلى مستودع الأموات بالمستشفى الإقليمي ووضعت رهن إشارة العدالة للتشريح الذي سيقود إلى معرفة حقيقة الوفاة.واستمع للمتهم، فصرح أنه رافق والده على متن سيارة من نوع "بوجو 206"، إلى المنزل الموجود بالبادية، بعد اقتنائه مستلزمات وجبة الغذاء. وخرج لإحضار نجار للقيام ببعض الإصلاحات بالباب الرئيسي. وفي الليل وبعد خلوده للنوم بالغرفة الموجودة بالطابق العلوي، نادى عليه طالبا منه وصل ملكية المنزل الذي يقطنونه بمدينة مراكش، الذي كان يحفتظ به لديه. وأمام تعذر تلبية طلبه، ثارت ثائرة الهالك وقام بدفع الجاني إلى الخلف، وكرد فعل من هذا الأخير قام هو الآخر بمبادلة والده بالمثل حتى سقط على السرير، ثم توجه مباشرة إلى سكين كانت موضوعة على طاولة السرير المذكور وقام بطعن أبيه بواسطتها من غير أن يحدد أماكن الإصابات الموجهة للقتيل. وبعد أن تأكد من وفاته غادر البيت بعد أن أحكم إغلاقه.بعد عدة جلسات قضت الغرفة الجنائية بمحكمة الاستئناف بآسفي بإدانة المتهم وحكمت عليه بالإعدام. أحمد ذو الرشاد (الجديدة)

جرائم الأصول : قتل والده بدم بارد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

إرهاب تحت قبعة «الجهاد» : القاعدة أكبر تهديد لمنطقة الساحل والصحراء

محكيات أحمد الطالبي : اليوسفي وأبو أيوب يسهران على ترتيبات عودتي

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات