أوراق من ذاكرة رويشة : رويشة في حضرة الملك… والكلمة

من أجمل اللحظات التي كان يستحضرها محمد رويشة رحمه الله، يوم استدعي إلى القصر الملكي مع مجموعته، إلى جانب المجموعات الشعبية والعصرية، وحدثنا عن مشاركات ناس الغيوان وحميد الزهير وتنشيط باز..كما حدثنا عن باقي الفرق الشعبية الغنائية والعصرية .. وحين جاء دوره، استدعي لأداء فقرته الغنائية، وبعد أن أدى التحية ومجموعته للملك الحسن الثاني رحمه الله، أمره الملك بان يقدم له الآلة الوترية.. وذكر لنا كيف أن الحسن الثاني، فحص الآلة الوترية، وسأل محمد رويشة عن مكونات هذه الآلة، فكان الجواب، يقول محمد رويشة، "جلد ماعز وخشب الأرز يا مولاي"، فأعاد له الآلة الوترية، وطلب منه الملك أن يغني. فاختار المرحوم أن يغني قطعة: "بديخيش اسيدي يا ربي جود غيفي".ويعني عنوان القطعة بالعربية "بدات باسمك ياربي جود علي" ولكن المثير يقول محمد رويشة إنه بعد الانتهاء من هذه القطعة الأمازيغية، التمس من الملك الراحل الحسن الثاني أن يستمع إلى ترجمتها الى العربية، فكان جواب الملك "فهمنا القطعة وأدركنا مقاصدها ومغازيها". لم تكن علاقتي بمحمد رويشة مبنية على تبادل المنفعة المادية. فما ثبت عنا أننا سلمناه نصوصا زجلية، لحنها وغناها في مناسبات وسجلها في "تيشكافون"، وجاء بعد ذلك، وسلمنا تعويضا عن القطع، لم تكن هذه الأمور واردة عندنا نحن الاثنين.كانت علاقتنا تنحو منحى البحث والتكوين .. وكنا نصر على انفتاحه على الإعلام المكتوب والمرئي والمسموع.. وكانت لقاءاتنا بحضور كعموش وبامولود، ورشات عمل للاشتغال.كان يستشيرنا في تلحين بعض القطع.. وكنا نبدي الآراء، فيتقبلها بصدر رحب.. فيضع آلته جانبا، ثم يخوض في النقاشات ساعات طويلة مقلبا الموضوع من جميع جوانبه.وذات يوم، قال لي بالحرف الواحد رحمه الله "بعد هذه السنوات من تعاملك الفني معي، وبعد كل القطع الذي قدمتها لي، ستمدني بخمس قطع ألحنها وأسجلها في الشركة، ومن الآن فصاعدا ستستفيد بنصيب من حقوق المؤلفين".عدت إلى مسودة ديواني الزجلي "الحفرا" / خنيفرة، واخترت له خمسة نصوص .. وتوجه برفقة "بامولود" وباقي أفراد المجموعة إلى البيضاء .. وبعد أيام، جاء واتصل بي وخاطبني قائلا: إن الحاج حسن (مدير الشركة) يقول له إن القطع التي يمكن تسجيلها يجب أن تكون على شاكلة " خارجا من الحمام كتشالي بالفوطة".فقلت له يا أخي، مع احترام صاحب هذه القطعة، أنا لا استطيع أن اكتب مثل هذا الكلام.هذه الواقعة ذكرتنا بزجال جاء من الصحراء المغربية، وكان أخوه استشهد في الصحراء، فطلب مني نصا زجليا، وطلب من محمد أن يلحنه ويغنيه، وطلب منه رويشة أن يسمعنا النص الزجلي من جديد.. فأعاد الزجال الإنشاد مرة أخرى. فقال له المرحوم رويشة "من لحن هذا الكلام وغناه، سيودع السجن". إعداد: أحمد هيبة

أوراق من ذاكرة رويشة : رويشة في حضرة الملك… والكلمة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

من الملاعب إلى كراسي المسؤولية : مزوار... عميد منتخب السلة وعاشق الريال

إرهاب تحت قبعة «الجهاد» : القاعدة أكبر تهديد لمنطقة الساحل والصحراء

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات