جرائم الأصول : خنق والدته بمنديلها

دفع الطمع والجشع عبد الله إلى التفكير في قتل والدته ليتمكن من الاستفادة من الإرث والرحيل إلى المدينة ليحيا حياة ظل يحلم بها منذ صغره. وفكر وقرر ونفذ جريمته دون أن يرف له جفن أو ترتعد فرائصه جراء إقدامه على قتل من حملته وهنا ووضعته كرها. وكاد الابن الضال أن يفرح بنجاح الخطة التي رسمها وخطط لها منذ سنوات ونفذها ، بعدما أقنع زوجته بالصراخ والعويل وادعاء، أن والدته سقطت بغتة، ولفظت أنفاسها. ولم يدخر جهدا في إقناع كل من حضر لتقديم العزاء، بحزنه لفقدان والدته، التي كانت له سندا وظهرا ضد عوادي الزمن. وبقدر ما انطلت الحيلة على جيرانه، بقدر ما زرعت الشك في نفس الممرض، الذي انتدب للتأشير على عملية الدفن، وهو ما دفعه إلى الأمر بنقل الجثة إلى المستشفى لاستكمال الإجراءات الإدارية قبل دفنها.بعد وفاة والده عاد عبد الله من المدينة إلى مسقط رأسه من أجل مباشرة أشغال والدته، التي لم يكن لها غيره. وبحكم أن والده ترك لهما بعض المواشي وأراضي فلاحية، عاد للعيش مع والدته لمساعدتها في أشغال البيت ومزاولة أشغال الفلاحة وتربية المواشي. وكانت والدته فرحة بوجوده إلى جانبها، إذ استطاع أن ينسيها زوجها، الذي فقدته إلى الآبد.ولم يكد عبد الله يقضي السنة الأولى بالبادية، حتى بدأ يحس بالضجر والملل وفكرت والدته في تزويجه، لعل الزوجة تنسيه وتلهيه وتملأ فراغه بالولد. وبحثت له عن زوجة تعرف والديها جيدا، زوجة خدومة وصبورة، ومستعدة لخدمتهما. وفرح بزوجته ولم يستمر الفرح مدة طويلة قبل أن يعود إلى ديدنه. وبدأ يفكر في الرحيل، رغم أن زوجته وهبت له ابنا وبنتا. وظل يلح على والدته ويطالبها ببيع الأرض والمواشي والرحيل للعيش بالمدينة، وظلت تنهره وتصده. وتعب من ترديد كلامه على مسامعها وبدأت أفكاره السوداء تزن عليه، ففكر في سرقة المواشي وبيعها، ولكنها لن تشفي غليله. فلو سرق الأغنام، لن يستطيع سرقة الأرض، وفكر في إبعاد والدته بكل الوسائل، وإن اقتضى الحال اغتيالها.وأخبر زوجته بذلك، فاستغربت كيف يفكر الرجل في قتل والدته من أجل بضعة فدادين، فالناس تملك العمارات والضيعات ولا تفكر في الإجهاز على والديها ولكنه الجشع والطمع، وحاولت ثنيه على ما يفكر فيه، وأنبته على ذلك ولكنه أصر على القضاء عليها ليخلو له الجو. وفي يوم ساخن، كانت الزوجة منشغلة عنه، فسمعت ضوضاء بفناء الدار، ولما خرجت لاستطلاع الأمر وجدت زوجها يمسك بتلابيب والدته واضعا منديلها حول رقبتها. وظلت واقفة ومذهولة من شدة الخساسة والوضاعة، التي وصل إليها زوجها وخافت منه وهو الذي قتل والدته، قد يجهز عليها هي الأخرى.وطلب المتهم من زوجته الشروع في الصراخ والعويل، ففعلت ما أمرت به، بل وزادت من عندها وجاهدت نفسها في إخراج الدموع وجعلها وسيلة لإقناع الجيران. وحاول الابن الضال البكاء والظهور بمظهر الحزين على وفاة والدته، وانتقل عند الممرض الوحيد المكلف بالتأشير على عملية الدفن، وكادت الحيلة أن تنطلي عليه لولا أنه تنبه إلى خدوش واحمرار حول رقبة الهالكة، فشك في أمر الوفاة واستقدم سيارة الإسعاف لنقلها إلى المستشفى الإقليمي.وحاصرته الضابطة القضائية بأسئلة دقيقة وواجهته بشكوكها ووجهت له اتهاما مباشرا بقتل والدته، فانهار واعترف بجريمته، ونودي على الزوجة التي كانت تتظاهر بالحزن، ولما وجدته محاطا برجلين، علمت أن السر انكشف، فبدأت تبكي واعترفت بتفاصيل الحدث. أحمد ذو الرشاد (الجديدة)

جرائم الأصول : خنق والدته بمنديلها

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

التشرميل...رسائل مشفرة لاسترجاع الأمن : ويستمر "التشرميل" وتتعقبه الحملات الأمنية

محكيات أحمد الطالبي : إدريس البصري يوقع على أصعب فصل في حياتي

مقالات ذات صلة