جرائم الأصول : ذبح والدته التي كانت تسعى لعلاجه

لم تكن السعدية، التي جاهدت وكابدت وعانت الويلات، في سبيل تربية أبنائها، تعتقد أن وفاتها ستكون على يد واحد منهم. سهرت الليالي وعملت بالحقول والدور في سبيل توفير اللقمة السائغة لفلذات كبدها، فكان جزاؤها الغدر والطعن في مختلف أنحاء جسمها. كان دوار سواني الموس العشوائي الموجود على مشارف أزمور، قبل ضمه إلى المدار الحضري، هادئا صباح يوم من الأيام الذي وافق يوم أحد وهو يوم عطلة . تشير وقائع هذه النازلة، إلى أن سكان الدوار الذي يضم ضعاف الدخل ومحدوديه، سمعوا صرخة قوية، تلاها عويل وبكاء حار، أدى بهم إلى الهرولة في اتجاه بيت السعدية. تحلق العديد من النساء والرجال حول بيت جارتهم، فيما ظل الأطفال يطوفون جيئة وذهابا، بحثا عن خبر يجيب عن فضولهم الصبياني وسبب كل هذه الحركة التي دفعت بآبائهم وأمهاتهم إلى الخروج والجي بهذه الطريقة.تمكنت إحدى الجارات بصعوبة من ولوج البيت، وبعد برهة، خرجت تولول وتصرخ، "لقد ذبحها المسخوط". لم تعرف النسوة عمن تتحدث الجارة، التي كانت تضع يديها فوق رأسها وتولول وتندب خذيها. وولج العربي شقيق السعدية، وخرج ووجهه تعلوه صفرة واضحة يغلب عليها الشحوب. وبالكاد، علم الحضور أن الأمر يتعلق بالابن المريض، بعد أن اعتقد البعض أن الأمر يتعلق بزوجها.واتصل شقيق الهالكة بمقدم الدوار، الذي أخبر بدوره قائد المنطقة. ووصل الخبر إلى مصالح الأمن الوطني بآزمور. وبعد نصف ساعة، وصلت سيارة لنقل الموتى وتبعتها سيارة تحمل عناصر أمنية تابعة للمفوضية الجهوية للأمن الوطني بالمدينة ذاتها. وتدخل الضابط المكلف بالملف وفسح المجال لمصالح الوقاية المدنية، التي عملت على نقل جثة الهالكة إلى مصلحة حفظ الأموات بالمستشفى الإقليمي بالجديدة لإخضاعها لعملية التشريح الطبي، حسب الضوابط القانونية.وتمكن الضابط بمساعدة اثنين من معاونيه من إيقاف المتهم البالغ حوالي عشرين سنة من عمره، دون أية مقاومة، ووضعوه مصفدا داخل سيارة المصلحة. واستمعت الضابطة القضائية لبعض جيران الهالكة، فصرحوا أن المتهم كان يعاني من اضطرابات نفسية. واقتيد إلى مقر الشرطة القضائية، ووضع تحت تدابير الحراسة النظرية بأمر من النيابة العامة لتعميق البحث معه حول الأفعال المنسوبة إليه.وتبين حين الاستماع إليه، أنه ظل يعاني اضطرابات نفسية، وكان يتناول أدوية مهدئة، وبعد الانقطاع عن استعمالها، أصيب بمضاعفات صحية، دفعت به إلى الإجهاز على والدته، التي قررت في ذلك اليوم نقله للعلاج. وقالت إحدى قريباته، إن الجاني البالغ من العمر 21 سنة، كان يستغل الطابق السفلي بدوار سواني الموس بآزمور، فيما يستغل والداه وإخوته الطابق العلوي. وجاءت واقعة الاعتداء لما التحقت الضحية بابنها من أجل مرافقته إلى مقام «الولي الصالح سيدي مسعود» بالبيضاء، حيث أمسك بتلابيبها وأدخلها بالقوة إلى غرفته وأوصدها من الداخل وقام بذبحها، قبل أن يمثل بجثتها بتوجيه عدة طعنات إلى كل جسمها.وبعد مثوله أمام هيأة الحكم والاستماع إليه، وإلى ملتمس دفاعه الرامي إلى إحالته على خبرة طبية لتحديد مدى مسؤوليته حول الأفعال المنسوبة إليه، وبعد الكلمة الأخيرة للمتهم والاختلاء للمداولة، أصدرت الغرفة الجنائية التابعة لمحكمة الاستئناف بالجديدة، قرارها القاضي بإحالته على مستشفى الأمراض العقلية ببرشيد، بعدما اقتنعت بعدم مسؤوليته عن الأفعال التي ارتكبها في حق والدته. وظل المتهم شاردا، ولم تبد عليه آثار الندم أو الانفعال، قبل إعادته إلى السجن المحلي لسيدي موسى، للقيام بالإجراءات القانونية لتحويله إلى برشيد. أحمد ذو الرشاد (الجديدة)

جرائم الأصول : ذبح والدته التي كانت تسعى لعلاجه

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

مباراة الأسود وليبيا مهددة بالإلغاء

محكيات أحمد الطالبي : اليـد السـوداء وحـديث العـودة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات