استئنافية الحسيمة تحت ضغط الزوار وكثرة القضايا

فرض مسؤولوها الانضباط والإنتاج ما سهل معالجة العديد من الملفات المعروضة عليها يزور العديد من المواطنين القاطنين بمدينة الحسيمة والمناطق التابعة لها، بعض المرافق العمومية مضطرين أو مرغمين، منها المستشفيات والسجون والمحاكم. وتحتفظ الذاكرة الشعبية المغربية للفضاء الأخير بتصورات متباينة جلها تحيل إلى اعتبار المحكمة، مكانا لا يتمنى أي شخص التردد عليه من تلقاء نفسه. رغم ارتباط محكمة الاستئناف بالحسيمة، على غرار محاكم المملكة، بالنزاعات بين الأفراد أو المؤسسات، وعوالم الجريمة والتحقيقات، فإن ثمة مواطنين يترددون على المحكمة نفسها، لمتابعة الجلسات التي تعقدها غرفتا الجنايات الابتدائية والاستئنافية يومي الاثنين والأربعاء، للنظر والتداول في عدة قضايا جنائية كالسرقة الموصوفة والقتل العمد والتزوير وهتك العرض وإضرام النار، وغيرها من القضايا التي تستأثر باهتمام الرأي العام المحلي، خاصة الشباب. وتضم استئنافية الحسيمة قاعتين للجلسات، تعرف تلك المخصصة لانعقاد جلسات الغرفتين، توافد المواطنين لحضور جلساتهما، وتستجيب لجميع الشروط الموضوعية، وتساعد على توفير الجو الملائم حتى تمر الجلسات في أحسن الظروف. بمجرد ما تدلف إلى داخل بهو المحكمة، يطالعك بعض رجال الأمن والأمن الخاص، جالسين بمكتب الاستقبال على الجهة اليمنى، يتفحصون الوافدين بنظرات تختلف حسب طبيعة الشخص الداخل، ويمنعون الوافدين من الوقوف أمام باب المحكمة، أو داخل بهوها حفاظا على الهدوء. وفي جانب من البهو، ينتصب حاسوب قيل إنه يسهل مأمورية المواطنين للاطلاع على ملفاتهم. وتمر الجلسات داخل المحكمة في ظروف جيدة، تساعد عمل هيأة الدفاع، كما أن إدخال المعلوميات في معالجة الملفات، يساعد موظفيها على القيام بعملهم. أغلب المتهمين الذين يحالون على غرفتي الجنايات الابتدائية والاستئنافية بالحسيمة للمحاكمة، يكونون متابعين من طرف قاضي التحقيق بجرائم مرتكبة ضد الأشخاص أو الأصول أو ضد المرأة والأطفال، وجرائم هتك العرض بالعنف والاغتصاب والسرقة الموصوفة والقتل العمد. سألت « الصباح « داخل بهو المحكمة أحد المتقاضين حول تبسيط المساطر وتسريع الإجراءات وجودة الخدمات بالمحكمة، وعن مدى استجابة الأخيرة لحاجيات المتقاضين، فأجاب « بأن استئنافية الحسيمة تتميز بنوع من الانضباط والإنتاج، وتعالج العديد من الملفات المعروضة عليها، وأن المسؤولين نظموا باب دخول المتقاضين والمواطنين وتوجيههم إلى أهدافهم، تفاديا للازدحام». خارج المحكمة، عاينا مواطنين يتجاذبون أطراف الحديث ويتناقشون في ما بينهم حول نسخ الأحكام ومسألة التنفيذ، خاصة تنفيذ قضايا حوادث السير، بينما يقف البعض الآخر منفردا ينظر إلى ساعته كأنه ينتظر شيئا أو شخصا ما، أو يتحدث في الهاتف ويحرك إحدى يديه بطريقة عصبية، في انتظار بداية الجلسة. مواطنون آخرون جالسون على كراسي الانتظار، منهم من يتفحص أوراقه ومنهم من يتأمل في ملامح الخلق وهو يقبض على وثائقه الملفوفة وسط حقيبة بلاستيكية. موعد الجلسات ينطلق في التاسعة أو التاسعة والنصف صباحا على أبعد تقدير. أغلب المواطنين الذين يتابعون هذه الجلسات، رجال وشباب مختلفة أعمارهم، ونساء وربات بيوت. ويتطلب الأمر أحيانا الحضور باكرا لحجز المقاعد، وتفادي البقاء خارج القاعة نتيجة الازدحام، على غرار ما حدث أثناء محاكمة نشطاء حركة 20 فبراير وبعض معتقليها. وتشرئب أعناق الجميع نحو المتهمين المتابعين في حالة اعتقال بعد دخولهم القاعة تحت أنظار عناصر الأمن التي تطالب أحيانا بالتزام الصمت، بأمر من رئيس الغرفة. يسود الصمت قاعة الجلسات بمجرد دخول هيأة المحكمة المكونة من ثلاثة مستشارين بالنسبة إلى غرفة الجنايات الابتدائية وخمسة إلى الجنايات الاستئنافية، فيما يأخذ المحامون الأماكن المخصصة لهم. وتتميز الجلسات أحيانا بكثرة الملفات، وقد تضم ثلاثين قضية أو أزيد، وقد تستمر ساعات طويلة، وهو ما يزيد من متاعب هيأة الدفاع وكذلك الهيأة القضائية التي تبت في هذه الملفات والتي تجد صعوبة كبيرة، إذ يتطلب الأمر طرح أسئلة على المتقاضين وقد يستغرق الملف حين يكون جاهزا نصف ساعة من الزمن. اعتاد زوار المحكمة على ملامح العون «ميمون» الذي يحضر الملفات إلى القاعة، والتي تآكل بعضها من كثرة الاستعمال، ويحرص « ميمون « على تصفيفها بعناية فوق المنصة، في حركة تكشف عن حنكته.» المحكمة لا ترتبط فقط بالنزاعات، بل هي أيضا مكان يقضي فيها الناس بعض المصالح الإدارية ذات طابع مدني مثل استخراج بعض الوثائق الخاصة وغيرها «، يقول أحد المتقاضين. وتزداد حرارة التقاضي في محكمة الاستئناف بالحسيمة خلال فترة الصيف، خاصة بالنسبة إلى الجالية المغربية المقيمة بالخارج التي تنتظر حضورها إلى أرض الوطن لقضاء العديد من الأغراض القضائية. ويخيم الهدوء على باقي أرجاء المحكمة، باستثناء بعض المتهمين الذين ينتظرون أمام مكتب قاضي التحقيق أونواب الوكيل العام للملك.جمال الفكيكي (الحسيمة)

استئنافية الحسيمة تحت ضغط الزوار وكثرة القضايا

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

إغلاق متجر للخمور بابن سليمان

المرشد القانوني : جنحة التصرف في المال المشترك بسوء نية للمسير الشريك

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات