قرارات ملك استثنائي : إعدام الجنرالات يوم عيد الأضحى

يشكل قرار إعدام مجموعة من الجنرالات عقب المحاولة الانقلابية بالصخيرات، يوم عيد الأضحى، قرارا صعبا من بين القرارات التي اتخذها الملك الراحل الحسن الثاني. فيما بين 10 و 13 يوليوز 1971، لقي 9 جنرالات من أصل 15 حتفهم، إما عن طريق رصاص الانقلابيين أو برصاص فرقة الإعدام بمعسكر مولاي إسماعيل بالرباط. ومن بين الذين لقوا حتفهم بقصر الصخيرات، الجنرال إدريس النميشي (سلاح الجو)، الذي قتله الانقلابيون، والجنرال الغرباوي صهر محجوبي أحرضان مؤسس الحركة الشعبية، الذي قتله اعبابو، الذي لقي هو الآخر حتفه على يد الجنرال الهواري، أما الجنرال المذبوح، فمقتله شكل حالة خاصة. عشية فشل الانقلاب، تم اعتقال الجنرالات المشكوك بأمر مشاركتهم أو مساندة الانقلابيين، وخضعوا جميعهم لتحقيق سريع، أشرف عليه الجنرال محمد أوفقير، بعد أن منحه الملك الحسن الثاني جميع الصلاحيات العسكرية والمدنية. في اليوم الثالث، بعد مجزرة قصر الصخيرات، رافق الجنرال أوفقير الجنرالات المعتقلين إلى ثكنة مولاي إسماعيل بالرباط للإشراف على تنفيذ إعدامهم دون محاكمة. وفي ظرف أقل من ثلاثة أيام، فقد المغرب 9 جنرالات (منهم من سقط على أيدي الانقلابيين ومنهم من أعدم)، أغلبهم من أصول أمازيغية، وقد تابع المغاربة مراسيم إعدامهم على شاشة التلفزة مباشرة، كما حجت جماهير غفيرة بإيعاز من السلطات المحلية لمعاينة مراسيم إعدام 4 جنرالات، هم بوكرين وحبيبي وحمو ومصطفى و4 كولونيلات والكومندار إبراهيم المنوزي، وأغلب هؤلاء لم تكن تربطهم أدنى علاقة بالعمل السياسي، حيث سبق أن ساهموا في قمع التحركات النضالية الجماهيرية بمختلف أرجاء المملكة.ويحكي من عاش تلك اللحظات في الانقلاب أن طلقات الرصاص كانت تأتي من كل اتجاه، مما أسقط الكثير من الضحايا من مختلف الشرائح (عسكريون ومدنيون، جنرالات، أطباء وموظفون سامون وفنانون وخدم ومواطنون بسطاء). وحين انتفض المذبوح على ما وقع، أمر اعبابو أحد رجاله بقتله بدم بارد، ثم اتجه باحثا عن الكولونيل الشلواطي لتكليفه بقيادة الحركة الانقلابية من خلال إقناع باقي الجنرالات بالانضمام إليها.. وهو ما سيباشره فعلا لدى التحاقه بالقيادة العامة للجيش، وكل من أظهر تبرما يكون مصيره الموت في الحال، والطامة أن الجنود (1400 جندي وضابط) كانوا يطلقون النيران، وهم يصرخون «عاش الملك!»، وكأنهم كانوا يدافعون عن الملك من اعتداء انقلابي يقوم به آخرون. ولم يتبين هؤلاء الأمر، وخاصة الذين هاجموا «القيادة العامة» (حوالي 200 جندي)، إلا بعد سقوط اعبابو برصاص رجال الجنرال البوهالي، الذي خر هو الآخر صريعا في تلك المواجهة، حيث استسلموا ليلا بالقرب من الإذاعة، لكن إطلاق النار عليهم بعد تسليم أسلحتهم سيؤدي إلى مقتل حوالي 113 تلميذا منهم. أما باقي الانقلابيين الأحياء، ففروا بجلدهم بحثا عن المخابئ، فتخلص بعضهم من سلاحه وملابسه العسكرية.. لكن مصيرهم المظلم، كان لهم بالمرصاد، إذ اقتيد بعضهم إلى تازمامارت، والبعض الآخر كان مصيره الإعدام.أن يعطي الملك الراحل الحسن الثاني أوامره بإعدام هذه المجموعة من الجنرالات كان أمرا صعبا، وأن يتم تنفيذ ذلك في عيد الأضحى، كان أصعب أيضا، لأن المغرب كان في سياق تكوين قوة عسكرية، ولم يكن يتوفر على الكم الكافي من الضباط العسكريين والفنيين، وأغلب هؤلاء تلقوا تكوينا راقيا في فرنسا وإنجلترا والولايات المتحدة الأمريكية، وقاموا جميعهم بدورات تدريبية، وهذا الجيل من الضباط كان متميزا، حيث جاء في إطار حماسة المغرب لتكوين جيش قوي بمنطقة شمال إفريقيا.إذن كان القرار صعبا للغاية، كأن الحسن الثاني كان يقطع جزءا من يده، إذ أنه بعد الانقلاب لم يبق للمغرب سوى جنرال متآمر ودموي، هو محمد أوفقير، الذي منحه الحسن الثاني كافة الصلاحيات المدنية والعسكرية، وهو قرار خطير أيضا استغله الجنرال في محاولة التخلص من الحسن الثاني، ما أدى إلى انقلاب الطائرة الملكية الفاشل.وقد احتاج المغرب وقتا طويلا من أجل إعادة تكوين نخبة عسكرية، إذ أنه من السهل التخلص من الجنرالات برمية رصاصة ولكن من غير السهل تكوين جنرال مقاتل على مدى سنوات طويلة. إعداد: عبدالله الكوزي

قرارات ملك استثنائي : إعدام الجنرالات يوم عيد الأضحى

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

أزمة "الكاش" تهز البنوك

نساء يضللن العدالة : فتاة بخريبكة توهم قاضيا بصوتها الذكوري

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات