فضائح التذاكر

عوض أن نركز، في الأيام القليلة المقبلة، على مباراة نهاية، بقيمة عالمية، جمعت عملاقي القارة الإفريقية (الوداد الرياضي والأهلي المصري)، أصر تجار التذاكر ومافيا التلاعب بأوراق الدخول، للمرة الألف، على جرنا إلى الدرك الأسفل من النقاش. وعوض أن نفرح بحدث رياضي بهذا الحجم، ونفتخر بوصول فريق مغربي للمرة الثانية على التوالي، إلى نهائي عصبة أبطال إفريقيا، عدنا سنوات إلى الوراء، ونحن نفشل في إيجاد "صيغة" غير مشبوهة لبيع تذاكر الدخول إلى مباراة في كرة القدم. مسؤولون وسماسرة ووسطاء وأنذال بشبكات وعلاقات وارتباطات مختلفة، يواصلون إفساد الحكاية برمتها، لجني ملايين الدراهم في ظرف أسبوع، عبر استغلال كل المنافذ والأخطاء والتسهيلات للتلاعب في أسعار تذاكر قفزت من 50 درهما إلى 500 بالنسبة إلى المدرجات العادية، وإلى 2000 درهم بالنسبة إلى المدرجات المغطاة، وإلى أرقام خيالية، إذا رغبت في متابعة المباراة من المنصة الشرفية. وبعملية حسابية بسيطة، يمكن الحديث بسهولة عن أرباح بقيمة نصف مليار ذهبت إلى الجيوب، في ظرف ثلاثة أيام، استفاد منها تجار السوق السوداء، الذين فتحت لهم جميع الأبواب والمنصات لاقتناء عدد أكبر من التذاكر بثمن بخس، وعرضها على مواقع البيع الإلكتروني، أو البيع المباشر لمن يدفع أكثر. والأفظع من كل ذلك، أن مشجعين نجحوا بصعوبة في الدخول إلى المنصة (التي لا يعرف أحد متى تشتغل ومتى تتعطل)، وأدوا ثمن التذاكر، وتوصلوا بتواصيل مقابل ذلك، ليفاجؤوا أن تذاكرهم (بالأرقام التسلسلية نفسها)، سحبت من قبل أشخاص آخرين، علما أن القانون لا يسمح بسحب التذكرة دون الإدلاء ببطاقة التعريف الوطنية. ودون لف أو دوران، فإن المسؤولية تتحملها شركة واحدة لتنشيط الفضائح، تعجز، إلى حد الآن، عن ضبط مجرد منصة إلكترونية لبيع التذاكر بطرق أكثر أمانا، وتضمن حق الجميع في الولوج والتسجيل والأداء والسحب، ضمن قواعد الشفافية والنزاهة المتاحة من خلال رقمنة أنظمة البيع. فقبل أيام، ذكر اسم هذه الشركة في حادث وفاة مأساوية ذهبت ضحيتها مشجعة في مقتبل العمر، وجدت نفسها وسط "تسونامي" بشري من المشجعين، كان أغلبهم يحمل تذاكر حقيقية للولوج إلى الملعب، دون أن يتمكنوا من ذلك، بعد أن سبقهم أصحاب التذاكر المزورة، وتلك التي تنشط في السوق السوداء. واعتقدنا أن سقوط روح أمام ملعب لكرة القدم، سيكون نهاية لمسلسل الفساد والتلاعب في التذاكر وفتح الأبواب لتنشيط السوق السوداء، كما اعتقدنا أن فتح تحقيق في حادث الوفاة وملابساته سيكون رادعا لمسؤولي الشركة، لكن يبدو أن "ما يوجد في العظام، لا يزيله الماء الساخن"، كما يقول المثل المغربي. إن الأمر واضح جدا، ولا يحتاج سوى إلى تفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، وتحرك النيابة العامة لفتح تحقيق يسير في اتجاه الإعلان عن النتائج، وترك الأجهزة القضائية ذات الاختصاص تتكفل بمهمة تحديد التهم والجزاءات والعقاب. لقد تجاوزت فضائح التذاكر حدود أخطاء بسيطة، أو مجرد سهو، أو اختلال تقني في منصة، إلى جريمة متكاملة الأركان تستهدف سمعة المغرب وصورته، وتنسف إنجازاته في الرياضة. إن الأمر أشبه بمؤامرة وخيانة عظمى، لا تقبل أدنى مجال للتسامح. وإلا اتهمنا الجميع بالتواطؤ.

فضائح التذاكر

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

سقوط محتال "السماوي" بمراكش

التحقيق في حسابات سرية لـ"مؤثرين"

مقالات ذات صلة