القاضي الحطاب… عاشق القراءة

قسم حياته بين العلم والقنص واستطاع تعلم اللغة الأمازيغية لكي يكون قريبا من المتقاضين عندما تذكر اسم الراحل القاضي أبو مسلم الحطاب، فلابد أن تستحضر متلازمة العشق الجنوني لكتب القانون والهوس بالقنص اللذين شكلا محور حياته واستأثرا بجل وقته. القاضي الحطاب عصامي بما تحمله الكلمة من معنى، بدأ من الصفر، وكون نفسه بنفسه واستطاع أن يحقق تمنياته في الحصول على الدكتوراه حتى بعد تقاعده في 2003، وحلمه في أن يصبح قاضيا. لم تكن طفولة الحطاب، الذي توفي في 29 أكتوبر 2021، سهلة فبعد ولادته بأولاد حريز وبالضبط بأولاد سليمان ببرشيد في 1932، تلقى تعليمه الأولي هناك ثم التحق رفقة والدته بفاس لإتمام الدراسة الابتدائية ومتابعة دراسته الثانوية. لم يحصل أبو مسلم الحطاب على شهادة الباكلوريا، غير أن ذلك لم يمنعه من إتمام دراسته، إذ أن عزيمته كانت قوية وشغفه وحب التعلم سيطرا عليه ليقرر الحصول على الكفاءة في الحقوق وتمكن من ذلك في 1956 من جامعة محمد الخامس. انخرط بالسلك القضائي في 1959 إثر نجاحه في المباراة التي نظمتها وزارة العدل بتاريخ 24 أبريل 1959 لاختيار بعض النواب بمحاكم السدد، حيث عين وعلى التوالي قاضيا للحكم بكل من محكمتي خنيفرة وميدلت ونائبا لوكيل الملك بكل من محاكم ميدلت والرماني وإقليمية الرباط ابتداء من 1967، وفي 1970 عين رئيسا لمحكمة السدد بالجديدة إلى غاية نهاية 1974، تخللتها مدة انتدب فيها لرئاسة محكمة السدد بمراكش، وبعدها عين وكيلا لدى ابتدائية الجديدة. خلال تلك الفترة ولإيمانه القوي بالرسالة التي يحملها على عاتقه في الفصل بين الناس، وبالنظر إلى أنه عمل في محاكم كان أغلب المتقاضين بها لا يتقنون اللغة العربية، ويتطلب الامر للاستماع إليهم وجود مترجم، وهي المسألة التي أرقته كثيرا، خاصة بعدما خاطبته إحدى النسوة بعبارة باللغة الأمازيغية وقالت له "بغيتك تعرفني أش نقول"، أحس بجسامة المسؤولية الملقاة على عاتقه وقرر تعلم الأمازيغية وانخرط في الموضوع بجديبة جعلته يتقن اللغة أكثر من بعض الأمازيغ بلكنتها وجزئياتها. لم يكن المرحوم الحطاب مهووسا بالقراءة فحسب، إلى جانبها كان له شغف كبير بالقنص، وكان يمازج حتى في رحلات القنص بين تلك المتعة والقراءة والنقاش في القانون، إذ لم يكن يبخل بالمعلومة القانونية عن طالبها. في 1977 عين أبو مسلم مستشارا بالمجلس الأعلى والتحق بالغرفة الجنائية قبل أن يعين وكيلا عاما للملك لدى محكمة الاستئناف بسطات. وفي 1983 عاد مرة أخرى إلى المجلس الأعلى وفي 1991 عين رئيس غرفة به، إذ أشرف على أحد أقسام الغرفة الجنائية، ثم أحد أقسام الغرفة المدنية إلى ان أحيل على التقاعد في 1999 حاملا معه صفة القاضي الشرفي من الدرجة الاستثنائية، ووسام الرضى من الدرجة الممتازة حظي به لمناسبة عيد العرش ل1974 ووسام العرش من درجة فارس حظي به للمناسبة نفسها في 1991. وخلال تلك المدة ورغم التزاماته المهنية، حصل على الإجازة العليا في الشريعة الإسلامية من جامعية القرويين في 1969، والإجازة في الحقوق من جامعة محمد الخامس في 1974، ودبلوم الدراسات العليا في القانون المدني من جامعة الحسن الثاني في 1986، ودبلوم الدراسات العليا في قانون الأعمال من جامعة محمد الخامس في 1992، متوجا مسيرته الدراسية بشهاداة الدكتوراه في الحقوق بعد تقاعده في 2003 بميزة مشرف جدا ، فلم يفارق الكتاب يداه حتى في اللحظات الأخيرة من حياته التي زهد فيها عن كل شيء إلا العلم والقنص. كريمة مصلي

القاضي الحطاب… عاشق القراءة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

آش خاصك تدير؟: الترخيص بفتح مؤسسة للتعليم العتيق

هلال الناظور... صعود الدقائق الأخيرة

مقالات ذات صلة