أصوات يهودية من الذاكرة : سافو… سحر أندلسي بالغرب

تمثل "سافو المغربية" وجها مشرقا من أوجه التعايش الديني المغربي، هذه الفنانة المغربية اليهودية تصر في كل مناسبة تتاح لها، على التأكيد على رمزية هذا التعايش عبر سلوكها الشخصي وإبداعاتها الفنية في مجالات مختلفة. قالت في أحد حواراتها "أنا يهودية ولست إسرائيلية" عشقها ل"تامغرابيت" دفعها إلى التأكيد أنها "أصيبت بخيبة أمل حين زارت إسرائيل، وجدتهم غربيين أكثر من اللازم ، لم أحس أني قريبة منهم، أنا المراكشية ذات الخلفية العربية الأندلسية...".رغم استقرارها بفرنسا منذ أن كانت في السابعة عشرة من عمرها، إلا أن ما تلقته وتربت عليه قبل هذه الفترة خلال طفولتها، لم يكن ليبارح كيانها، إذ ظلت مسكونة بالبيئة المراكشية التي ترعرت فيها، إذ رأت النور في مكان غير بعيد عن ساحة جامع لفنا الشهيرة بالمدينة الحمراء، مع ما تحمله هذه الساحة من رمزية ودلالات.كان لوالد دانيال إبغي، وهذا هو اسمها الحقيقي، تأثير كبير في توجهها نحو الغناء، إذ كان عاشقا ومتذوقا كبيرا لطرب الآلة الأندلسية فضلا عن حرصه على الاستماع إلى روائع الطرب الشرقي الكلاسيكي، خاصة أم كلثوم ومحمد عبد الوهاب وفريد الأطرش وفيروز على وجه التحديد، قبل أن ينتقل هذا الشغف الموسيقي إلى ابنته.تأثر دانيال، التي اختارت في ما بعد اسم "سافو" الذي يحيل على شاعرة إغريقية قديمة، بالتراث الأندلسي جعلها تشتغل في ما بعد على متونه وطبوعه، وتوظفها في أعمال فنية نشدت من خلالها العالمية، كما هو الأمر بالنسبة إلى أحد ألبوماتها المعنون ب"حديقة أندلسية" حرصت فيه على توظيف روح العديد من رموز الثقافة الأندلسية وأيقونات التسامح عبر التاريخ مثل ابن عربي وابن ميمون وابن رشد وتوما الأكويني وغيرهم، بشكل قرب هذا التراث من المتلقي الغربي عموما، والفرنسي على وجه التحديد، بحكم أن الألبوم جاء فرنسيا على مستوى الشكل، وعربيا أندلسي المضمون.درست المسرح بباريس، قبل أن تشد الرحال في اتجاه الولايات المتحدة الأمريكية، وتحديدا بنيويورك، حيث التحقت بفرقة television مغنية روك، إذ قضت بها مدة، قبل أن تغير الوجهة في اتجاه العاصمة البريطانية لندن، وهناك واصلت مسارها الفني باشتغالها على باكورة أعمالها الفنية وهو عبارة عن ألبوم غنائي بعنوان "جانيس" الذي كان مقدمة لسلسلة ألبومات، توالت بعد ذلك حتى بلغت أزيد من 16 ألبوما، بما يفوق 150 أغنية جلها من تأليفها وتلحينها.غنت سافو بلغات عديدة منها الفرنسية والإسبانية والعربية، كما ظلت مرتبطة بالراحلة أم كلثوم إذ ظلت حريصة في العديد من حفلاتها، على تقديم رائعة "الأطلال" بصوتها عربون محبة ووفاء لهذه الفنانة، التي كانت تقول عنها إنها مثال للصرامة والتدقيق في اختيار الكلمات والألحان، وأنه من الواجب تقريبها لمن لا يعرف من الجمهور الغربي.لم يقتصر مجال اشتغال سافو فقط على هذا الجانب، بل نقبت أيضا في التراث الشعبي المغربي وقدمت شذرات منه منتقاة بعناية من رصيد غناء العيطة، أو استلهام الأنغام الكناوية، كما ترجمت بعض الأغنيات الفرنسية إلى الدارجة المغربية، منها أغنية "مع الوقت" لليو فيري. كما أغنت سافو الأدب الشّعري بثلاثة دواوين هي "دفتر الأسابيع ال14" (2004) و"قبل أن أرى" (2005) و"حرب الكلمات" (2009). كما ألفت في مجال الرواية تسع روايات، أهمّها "عنف ناعم" (1982) و"يفضلون القمر" (1987) و"كذبة" (1996) و"المندبة كبيرة والميّت فأر" (1999).. أنجزت، أيضا، كتابا جماعيا "شرق أوسط قريب" فضلا عن اهتمامات أخرى في مجال الفن التشكيلي. عزيز المجدوب

أصوات يهودية من الذاكرة : سافو… سحر أندلسي بالغرب

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

المرأة في مغرب زمان... شعوذة وعنف وخيانة : الحمام أحسن مواعد الحب

التشرميل...رسائل مشفرة لاسترجاع الأمن : التشرميل يدخل عبر نوافذ الأنترنيت

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات