الأمية الرقمية…”السيستيم طايح”

موظفون استعملوها لتفادي الإحراج ومرتفقون يفضلون البقاء رهينة العنصر البشري عند الحديث عن الأمية الرقمية قد يتبادر إلى ذهن المرء، أن الأمر يتعلق بالمرتفقين فقط، بينما الحقيقة أن هناك عددا من الموظفين من مازال حبيس الأوراق لفشله في الاندماج مع سياسة الرقمنة. وإذا كان ورش الرقمنة يهدف إلى تبسيط المساطر الإدارية والحد من العراقيل والمماطلة وكذا سياسة "باك صاحبي" والرشوة، فإنه لا بد من الإشارة إلى أن لازمة "خاصك ورقة" و"سير تال غدا ورجع"، هي التي مازالت سائدة بمجمل الإدارات بالبيضاء التي تعتبر العاصمة الاقتصادية، دون الحديث عن باقي المدن التي تنتمي إلى الهامش. القيام بجولة صغيرة بعدد من الإدارات يجعل المرتفق يقف على حقيقة اختيار عدد من الموظفين إدارة ظهورهم للرقمنة، بسبب غياب تكوين فعال، أو بسبب فشلهم في التأقلم مع الرقمنة لأمية عدد منهم في مجال المعلوميات، وهو ما أدى إلى جعل المرتفقين رهينة العنصر البشري. وإذا كان هذا حال أغلب الموظفين، فإن الأمية الرقمية هي واقع يعيشه عدد كبير من المرتفقين، الذين بدورهم يتفقون مع موظفي الإدارة في قضية واحدة ووحيدة، ألا وهي الإبقاء على إجراءات العمل بالوثائق عوض الرقمنة. وفي الوقت الذي باشرت فيه إدارات عديدة بالبيضاء العمل بالرقمنة ومنحت المرتفق إمكانية تقديم طلباته وملفاته إلكترونيا، بهدف تيسير ظروف الخدمات وتجويدها وتسريع الإجراءات بما يخدم مصالح المرتفقين، فإن هناك أشخاصا يفضلون استمرار العمل ب"الوثائق" لأنهم يرون أن الخدمة الإلكترونية عائق أمامهم لأنهم لا يُحسنون القراءة والكتابة، في حين يجد المتعلمون أنفسهم مرتبكين في كيفية الولوج للخدمات الإلكترونية، بسبب أميتهم في مجال التكنولوجيا. ومن المظاهر التي تكشف أن الأمية الرقمية واقع معاش، صعوبة عدد من المرتفقين في استخراج أرقام الانتظار من الآلة المخصصة لذلك ونوعية الخدمات المرغوب فيها، وهو ما يجعل عددا منهم يستعينون بخدمات "السيكيريتي"، الذي يترك مهامه في حماية الأمن الخاص والعام بالوكالة التي يحرسها، ليتحول إلى موظف "جوكير" يقوم بجميع الوظائف في آن واحد. وبهدف تنظيم المرتفقين والقضاء على الازدحام، خصص عدد من الإدارات نداء آليا لضبط وتنظيم المناداة على المرتفقين لتجنب الفوضى، التي يمكن أن تنشأ عن أشخاص لا يحترمون الصفوف، فبعد الضغط على زر الآلة يتسلم صاحبها ورقة بها رقمه الخاص ويجلس في مكانه، في انتظار المناداة عليه آليا، إلا أن هناك من يجد نفسه قد فاته الموعد، بسبب عدم قدرته على قراءة الأرقام بعد تجاوز تلك السهلة الاستيعاب. وليس هذا فحسب، فإن التقدم بطلبات المرتفق على الموقع الإلكتروني المخصص، يجعل عددا من الأشخاص مرتبكين ومتخبطين في مكانهم يبحثون عمن يتكفل بذلك، الأمر الذي ساهم في ظهور فئة تتاجر بأمية المرتفقين، دون الحديث عن الاطلاع على أمور تدخل ضمن المعطيات الخاصة. وإذا كان جلالة الملك محمد السادس، الذي يتميز برؤيته الاستباقية، دعا قبل سنوات إلى ضرورة تعميم الإدارة الإلكترونية بطريقة مندمجة تتيح الولوج المشترك للمعلومات بين مختلف القطاعات والمرافق واعتماد الإدارة الرقمية لتبسيط المساطر الإدارية، باعتبارها الطريقة الأنجع لتجويد الخدمات وتسريعها، لجأ بعض موظفي الإدارات العمومية وكذا الخاصة، الذين يعانون أمية في مجال الرقمنة إلى التماطل في معالجة الملفات المعروضة عليهم، ما نتج عنه تعطيل مصالح المواطنين. وإذا رغب المرتفق في الاحتجاج على التماطل والإهمال اللذين يستوجبان المحاسبة، يواجه بعبارة "السيستيم طايح"، من قبل الموظف الذي يستعمل هذه اللازمة، تفاديا للإحراج الناتج عن أميته في مجال الرقمنة، حتى لا يجد نفسه مطالبا بترك مكانه لمن هم أكثر دراية بالمجال. محمد بها

الأمية الرقمية…”السيستيم طايح”

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

26 سنة لأربعة بارونات كوكايين

رقمنـة الإدارة... جيـوب المقاومـة

مقالات ذات صلة