دراسة في القانون : التدخل الطبي لفائدة الأشخاص الموضوعين تحت الحراسة النظرية

المسطرة الجنائية قننت التدخل الطبي في عدد محدود من المواد لعل التفسير السليم للنصوص المذكور، يجعل للشخص الموضوع تحت الحراسة النظرية، الحق في وضع يسمح له بالاستفادة من جميع الحقوق ومن ضمنها حقه في طلب إجراء فحص طبي إما مباشرة وإما بواسطة محاميه الذي له حق الاتصال به ، علما أن هذا الحق شهد مجموعة من التغييرات في ما يخص وقت السماح به في ظل التغييرات المتلاحقة لقانون المسطرة الجنائية على نحو ما سنوضحه في حينه.تأسيسا على ما ذكر يتعين التأكيد أن الدستور المغربي وضع المبادئ العامة التي تعتبر المدخل الأساس للاستفادة من الحماية المقررة لفائدة الأشخاص الموضوعين تحت الحراسة النظرية الواردة في المواثيق الدولية، لكن التساؤل المطروح في هذا المقام يتجلى أساسا في مدى مسايرة القوانين العادية، عموما قانون المسطرة الجنائية على وجه التحديد للتوجه المذكور. وهذا ما سنتناوله بالتحليل في النقطة الموالية.2 - التدخل الطبي لفائدة الأشخاص الموضوعين تحت الحراسة النظرية من خلال قانون المسطرة الجنائية الحالي :حرص قانون المسطرة الجنائية الصادر بتاريخ 03 أكتوبر 2002 كما تم تغييره وتتميمه، بإبراز المبادئ الأساسية في مجال حقوق الإنسان. حيث اهتم القانون المذكور بضرورة تحقيق نوع من الانسجام و التكامل بين هاجس توفير المحاكمة العادلة وفقا للنمط المتعارف عليه عالميا، واحترام حقوق الأفراد وصون حرياتهم من جهة، وإشكالية الحفاظ على المصلحة العامة والنظام العام من جهة أخرى. والجدير بالذكر أن قانون المسطرة الجنائية قنن التدخل الطبي لفائدة الأشخاص الموضوعين تحت الحراسة النظرية من خلال عدد محدود من المواد التي أخفقت حقيقة _ في تقديرنا الشخصي _ في تنزيل المبادئ الفضلى المقررة في المواثيق الدولية ذات الصلة، إلا أن ما يشفع لها ولو نسبيا أنها جاءت قبل صدور دستور المملكة الجديد الذي وضع خارطة طريق واضحة المعالم في حماية الحقوق والحريات.وهكذا نصت المادة 73 من قانون المسطرة الجنائية في فقرتها الثانية على أنه إذا تعلق الأمر بالتلبس بجناية... يحق للحامي المختار أو المعين أن يحضر الاستنطاق كما يحق له أن يلتمس إجراء فحص طبي على موكله ....يتعين على الوكيل العام للملك، إذا طلب منه إجراء فحص طبي أو عاين بنفسه أثارا تبرر ذلك أن يخضع المشتبه فيه لذلك الفحص.... إذا تعلق الأمر بحدث يحمل أثارا ظاهرة للعنف أو إذا اشتكى من وقوع عنف عليه يجب على ممثل النيابة العامة وقبل الشروع في الاستنطاق، إحالته على فحص يجريه طبيب.... ويمكن لمحامي الحدث أن يطلب إجراء الفحص المشار إليه.وتجدر الإشارة إلى أنه إذا كانت المادة 73 قد أشارت إلى التدابير ذات الطبيعة الطبية الممكن اتخاذها لفائدة الشخص الموضوع تحت الحراسة النظرية في إطار التلبس بجناية الذي يشتبه في تعرضه لأعمال التعذيب، فإن مقتضيات المادة 74 من قانون المسطرة الجنائية تضمنت المقتضيات نفسها تماما فيما يتعلق بالتلبس بجنحة التي تدخل في اختصاص وكيل الملك . ويلاحظ من خلال المادتين المذكورتين أن المشرع الجنائي أخفق إلى حد كبير في توفير ضمانات كافية لضحايا أعمال التعذيب من النقاط التالية:1 - استعماله لعبارة طبيب دون تحديد دقيق لهذا الطبيب المؤهل لأجراء هذا النوع من الفحوص وما بنبغي أن يتحلى به من مميزات أخلاقية وكفاءة علمية، الأمر الذي ينعكس بدون شك على مصداقية وشفافية التقرير المنجز من طرفه الأمر الذي يجعل مصلحة الضحية والوصول للحقيقة أمرا غاية في التعقيد في كثيرا من الأحيان. 2 - إن التدابير ذات الصبغة الطبية المقررة لفائدة الأشخاص الذين سبق وضعهم تحت الحراسة النظرية تم التنصيص عليها فقط للأشخاص الذين تم ضبطهم في حالة تلبس في حين سكت النص عن تقرير الضمانات نفسها لفائدة الأشخاص الذين يتم وضعهم تحت الحراسة النظرية في الأبحاث التمهيدية العادية.3 - عدم الإشارة إلى الجهاز الذي سيتولى الإشراف على نقل المعني بالأمر إلى المؤسسة الصحية التي ستتولى إجراء الفحوصات الطبية، ما سيفتح المجال لإمكانية نقله من طرف الشرطة التي يشتبه في تورطها في تعذيبه. علما أن حضور تلك الشرطة لتلك العملية من شأنه أن ينعكس على عنصر الحياد الذي يجب أن يتحلى به الطبيب لوجود نوع من الإكراه المعنوي على الطبيب.4 - الملاحظ أن المشرع وإن أحسن فعلا حين استعمل عبارات يستشف منها الطابع الإلزامي لأجراء الفحص الطبي، إلا أن صفة الإلزام قد تتجرد من كل قيمة قانونية ما دامت غير مقترنة بأي جزاء.5 - عدم تحديد لأي عناصر يتعين احترامها على مستوى الشكل و كذا الموضوع في التقرير المنجز من طرف الطبيب حتى يتسنى له تقديم رؤية واضحة لأجهزة العدالة الجنائية على مدى ارتكاب أعمال التعذيب من عدمه.6 - عدم إحاطة عملية تسليم التقرير الطبي إلى الجهات المختصة بضمانات السرية التامة حفاظا على الفعالية المطلوبة، مما قد ينعكس سلبا على مجرى البحث. من ناحية أخرى نصت المادة 77 من نفس القانون على أنه «يتعين على ضابط الشرطة القضائية الذي أشعر بالعثور على جثة شخص مات بسبب عنف أو غيره وظل سبب موته غير معروف أو يحيط به الشك أن يخبر فورا النيابة العامة وأن ينتقل فورا إلى مكان العثور على الجثة وأن يجري المعاينات الأولية.يمكن لممثل النيابة العامة أن ينتقل إلى مكان العثور على الجثة إذا رأى ضرورة لذلك و أن يستعين بأشخاص لهم كفاءة لتحديد ظروف الوفاة أو أن يختار من بين ضباط الشرطة القضائية من ينوب عنه للقيام بالمهمة نفسها.يؤدي الأشخاص الذين تستعين بهم النيابة العامة اليمين كتابة على إبداء رأيهم بما يمليه عليهم الشرف و الضمير ما لم يكونوا مسجلين في لائحة الخبراء المحلفين لدى المحاكم .يجوز لممثل النيابة العامة أيضا أن ينتدب أهل الخبرة للكشف عن أسباب الوفاة. بقلـم : مصطفـى يرتاوي , وكـيـل الـملـك لـدى المـحـكمـة الابتـدائـية بـالـرمـاني

دراسة في القانون : التدخل الطبي لفائدة الأشخاص الموضوعين تحت الحراسة النظرية

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

القضاء ينصف تونسية بالاستفادة من التقاعد

النسخة المغربية لـ"فور بويار" على "دوزيم" في شتنبر

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات