مزارعون بأقاليم الشمال توصلوا ببذور سويسرية وسط تحفظات على العملية انطلقت، أخيرا، عملية توزيع البذور على الفلاحين والمزارعين بأقاليم الحسيمة وشفشاون وتاونات، لزراعة أول محصول من القنب الهندي المقنن، بعد الإعلان عن عملية تقنينه في الأقاليم سالفة الذكر. ووفقا لمصادر مطلعة، تم توزيع وتسليم أول دفعة من بذور القنب الهندي المستوردة من سويسرا، صالحة لزراعة 105 هكتارات، على 170 مزارعا وتعاونية في الأقاليم الثلاثة، وتوقيع محاضر الاستلام، في أفق أن تشمل العملية ذاتها، جميع الفلاحين خلال المواسم الفلاحية المقبلة. وقالت مصادر مطلعة إن العملية ستستهدف الموسم الزراعي المقبل حوالي 500 مزارع في الحسيمة وشفشاون وتاونات. وخضع استيراد البذور لمراحل عديدة، كان في مقدمتها الحصول على ترخيص من الوكالة الوطنية لتقنين الأنشطة المتعلقة بالقنب الهندي، والمكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية، تماشيا مع القرار الصادر عن وزارتي الداخلية والفلاحة رقم 1295 ـ 22 بتاريخ 12 ماي 2022، المتعلق بشروط وكيفيات اعتماد البذور والنباتات. ونقلت البذور، حسب مصادر "الصباح"، وفقا للشروط الضرورية لضمان السلامة الصحية والجودة الضرورية، مضيفة أن الأحد الماضي، كان يوما تاريخيا، عبر فيه الفلاحون المستفيدون في هذه المرحلة الأولية، والمنخرطون في المشروع، وأصحاب التعاونيات عن فرحتهم الكبرى. وأقر المغرب، في 25 فبراير 2021، قانونا لتقنين زراعة القنب الهندي واستخدامه، في تغيير واضح لمقاربة التعامل مع النبتة المخدرة، بعد سنوات من الرفض القاطع لزراعتها واستخدامها لأغراض طبية أو صناعية. ونظمت الوكالة الوطنية لتقنين الأنشطة المتعلقة بالقنب الهندي، يوما تحسيسيا حول زراعة وإنتاج القنب الهندي بالحسيمة، حضره أكثر من 180 فلاحا وتعاونية بالمنطقة. وتم خلال هذا اللقاء اعتماد طريقة تواصلية تبسيطية مع الفلاحين، تعتمد تقنيات حديثة وشرحا مبسطا عبر فيديوهات توضيحية لإيصال الطريقة القانونية للعمل. وشددت العروض المقدمة على أن الاهتمام منصب على الفلاح لتمكينه من جميع الأدوات القانونية والمساطر التقنية، لكي ينخرط فعليا في هذه الزراعة القانونية، ابتداء من السنة الجارية. من جهتها، أصدرت إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة دورية تتعلق بتطبيق مقتضيات استيراد وتصدير بذور ونباتات القنب الهندي، تطبيقا للقانون 13.21 المتعلق بالاستعمالات المشروعة للقنب الهندي. وجاء في الدورية الصادرة عن الإدارة سالفة الذكر، التابعة لوزارة الاقتصاد والمالية، أن المادة الثالثة من القانون المتعلق بالاستعمالات المشروعة للقنب الهندي تنص على أن استيراد وتصدير البذور والنباتات يخضع لترخيص يمنح من قبل الوكالة الوطنية لتقنين الأنشطة المتعلقة بالقنب الهندي. كما أشارت الدورية إلى أن المادة الثانية عشرة من القانون ذاته تنص على أن الحاصلين على تراخيص الاستيراد أو التصدير يجب أن يكونوا من جنسية مغربية وبالغين السن القانوني ويستوفون الشروط المنصوص عليها في القوانين الجاري بها العمل، في ما يتعلق بإنتاج وتسويق البذور والنباتات. وفي الوقت الذي أكد فيه بعض المستثمرين ممن استوردوا البذور من سويسرا، أن توزيع البذور على المزارعين والتعاونيات، سيشجع الفلاحين في الأقاليم الثلاثة على الانخراط في هذا المشروع الطموح، أشارت بعض المصادر من إحدى المناطق المشهورة بزراعة القنب الهندي بإقليم الحسيمة، إلى أن بعض الفلاحين بالمنطقة، أبدوا تحفظهم على هذه العملية التي استهدفت نسبة ضئيلة من الفلاحين. وأضافت المصادر نفسها أن هذه العملية قد تثير إشكالات تتعلق بالمزارعين الذين لم يحصلوا على تراخيص بعد، والذين يشكلون نسبة كبيرة تتوزع على العديد من المناطق، إذ لن يكون أمامهم سوى خيار وحيد لتصريف محاصيلهم، وهو عودتهم إلى الأساليب التقليدية. واعتبرت بعض المصادر أن الدولة تسعى من وراء توزيع بذور القنب الهندي، إلى إيجاد بديل اقتصادي حقيقي للقطاع غير القانوني الذي كان مرتبطا بزراعة القنب الهندي في الماضي. وقال بعض القاطنين بمنطقة كتامة، إنهم سيتضررون من عملية زراعة القنب الهندي بشكل قانوني، إذ باتوا مطالبين بزراعة ثلث المساحات التي كانوا يزرعونها من قبل بهذه النبتة قبل التقنين، مضيفين أن ما تبقى من هذه المساحات سيضطرون لزراعته بمزروعات أخرى، ما يجعل مدخولهم ضعيفا بالمقارنة مع ما كان عليه في السابق. وأكد أحد الفلاحين أن على مزارعي مناطق كتامة وإساكن وبني سدات وتيزي تشن بإقليم الحسيمة، انتظار ما ستسفر عنه نتائج التجربة الأولى لزراعة القنب الهندي، قصد الانخراط في هذه العملية. وطالب البعض بتحفيظ بعض الأراضي حتى تصبح ملكا لهم، في الوقت الذي مازالت بعض المناطق بإقليم الحسيمة تطالب هي الأخرى بالانفتاح عليها والترخيص لها بزراعة القنب الهندي. جمال الفكيكي (الحسيمة)