علـي: مديـن بحياتـي لأبنـاء الحـي

أحد الناجين من فاجعة بوركون قال إن عناصر الوقاية المدنية رفضت حفر جدار لانتشاله ومده بالأوكسجين حديث الوسائل والآليات التي استخدمتها عناصر الوقاية المدنية، وهي تحاول إنقاذ ضحايا فاجعة بوركون بالدار البيضاء، يثير مرارة سخرية بعض الناجين، فعلي البالغ من العمر 33 سنة، يقول عنها معلقا "لأول مرة أعرف حال الوقاية المدنية ببلادنا، لم يبينوا عن تكوين مهم، ولا عن خبرة، ولا حتى عن ذكاء". علي هو بكل تأكيد مولود جديد، ولا يحلم الشاب بأكثر من ذلك، "خرجت من القبر، انقلبت أولوياتي رأسا على عقب، لأنني كنت ميتا لا محالة، لولا لطف الله أولا، وتدخل أصدقائي الذين اتصلت بهم هاتفيا ثانيا". ويحكي علي تفاصيل إنقاذه من قبل أصدقائه بمرارة، "لم يكن مهما من أنقذني ساعتها، لكن يغضبني الوضع الذي آل إليه حال جها مهمته إنقاذ أرواح الناس، فمثلا أنا كنت في الطابق السفلي، وبعد وقوع العمارة، حوصرت في زاوية ضيقة في غرفة قريبة من الزقاق، لم يكن في المكان هواء كاف، أحسست بالاختناق، وكنت متكوما في ركن ضيق جدا، ولا يفصل رأسي عن كومة هائلة من الحجارة وسقف الغرفة إلا حوالي 30 سنتمترا، في أي لحظة كان الردم سيسقط علي ويسحقني".بصعوبة تمكن علي من إخراج هاتفه من جيبه، إذ لحسن الحظ أن الشاب دخل إلى البيت متأخرا، "عدت في الساعة الثانية صباحا، دخلت من باب العمارة أنا وجاري الذي قضى نحبه مع أسرته كاملة، صعد هو إلى الطابق الثاني فيما دخلت إلى بيتنا في الطابق السفلي، وحوالي الثانية والثلث تناولت السحور مع أبي وأمي وحوالي الثانية والنصف خرجا معا لأداء صلاة الفجر في المسجد، وكنت سألحق بهما لذلك لم أغير ملابسي وبقي الهاتف في جيبي". بعد انهيار العمارة، كان الهاتف هو أمل علي الوحيد، "كنت أصرخ، ولم يكن أي واحد يسمع صراخي، أجريت اتصالات بمجموعة من أصدقائي، وكانت هواتفهم مغلقة، إلا أحدهم كان مسافرا إلى مدينة العيون، والذي بدوره أجرى اتصالات بآخرين في البيضاء وأخبرهم عن الزاوية التي كنت فيها".سارع اصدقاء علي إلى عناصر الوقاية المدنية لإخبارهم بالمكان الذي كان فيه علي محاصرا، إلا أنهم رفضوا التدخل بدعوى أن أي حركة يمكنها أن تؤدي إلى نزول الردم كاملا، "طالبهم صديقي بقنينة أوكسجين لكنهم رفضوا، وحين رأوا ملامح الغضب والسخط على وجوه مجموعة من أصدقائي منحوهم الأوكسجين، وقال لهم أحد عناصر الوقاية المدنية إذا رآكم رئيسي سيعاقبني".وفيما كانت عناصر الوقاية المدنية تبحث عن المهمات السهلة، كان أبناء الحي يخاطرون بحياتهم لإنقاذ أقاربهم وجيرانهم، "أخبرت أصدقائي عبر الهاتف أن الجهة التي حوصرت فيها ملاصقة لجدار عمارة مجاورة، فأسرعوا لإخبار عناصر الوقاية المدنية الذين رفضوا حفر الجدار مخافة أن تسقط العمارة". مرة أخرى سيخاطر أصدقاء علي وسيبحثون عن وسائل تقليدية لإحداث ثقب صغير في الجدار، "رغم أنه ضيق استطاع اصدقائي أن يسحبوني منه، إذ كان لديهم خياران لا ثالث لهما، إما تركي أموت تحت الركام الذي يتزايد ثقله أو سحبي من الثقب الصغير ما أدى إلى إصابتي بخدوش عميقة، كما أصبت في رأسي، لكن المهم أنهم أنقذوا حياتي، لأن المخاطرة أحيانا مطلوبة عندما تكون الخيارات قليلة، فإما الموت أو المخاطرة التي يمكنها أن تجلب معها الحياة، أما إذا جلبت الموت فذاك خيارا كان حاضرا بالأساس".أخرج علي من الثقب، ونقل عبر سيارة إسعاف إلى مستشفى مولاي يوسف، "أصبت بحالة إغماء بعد إخراجي، وبعد لحظات وأنا في سيارة الإسعاف، استيقظت، وضبطت عنصر الوقاية المدنية يفتش جيوبي، ولم أقم بأي رد فعل، لأني كنت مأخوذا بنجاتي من الموت، وكان همي الوحيد أن أعيش". نجاة علي لم تجلب له الطمأنينة، بل تزداد يوما بعد آخر كوابيسه، "لم تكن هناك أي متابعة نفسية، إذ بعد دخولي إلى المستشفى وعلاج جروحي البسيطة، طلبوا منا المغادرة، دون أن يهتموا بجروحي النفسية الكبيرة، لأني واحد ممن جربوا الموت لساعات، ورأوا شكله القبيح، وهو ما يتراءى لي يوميا عندما أهم بالنوم".كتب لعلي النجاة بفضل مخاطرة أصدقائه، الذين أنقذوا امرأة أخرى كانت تحت الأنقاض، وكاد أحد منقذيها يموت اختناقا، وهو ينزل تحت الأنقاض، "قبل نزوله طلب من عناصر الوقاية المدنية كاشف ضوء، لكنهم رفضوا، فاستخدم هواتف مجموعة من الشباب لإنارة طريقه إلى المرأة". يقول علي الناجي من تحت ردم لم يكن يفصله عنه إلا مسافة صغيرة جدا، سرعان ما تهاوى بعد خروجه. ضحى زين الدين

علـي: مديـن بحياتـي لأبنـاء الحـي

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

رجال الوقاية المدنية كسروا الصمت لتحسين وضعيتهم

الدرس الشيلي الذي غاب عن رجال الوقاية

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات