ما بعد روزامور…لاشيء

تنزل الفاجعة مخلفة آلاما سواء على ذوي من تضرروا منها أو على الرأي العام، وتتحرك الأجهزة لتستنفر الموظفين، الحقيقيين منهم أو الأشباح، وتجتمع لجان ويخطب وزراء تعنيهم القطاعات، وتخرج إلى العلن إعلانات عن تشدد الإجراءات وارتفاع درجات المراقبة. لكن ما إن تبرد القضية حتى يطول النسيان كل شيء وتعود الحالة إلى ما كانت عليه أو أكثر.... قضية روزامور التي قضى فيها أزيد من 50 أجيرا احتراقا، بعد اندلاع النيران في مصنع الأفرشة بليساسفة بالبيضاء ووقوع الضحايا في ما يشبه المعتقل بعد أن صدت في وجههم كل المنافذ، ليواجهوا مصيرهم المحتوم دون أن تنقذهم صرخاتهم أو استغاثاتهم.الواقعة التي هزت الرأي العام الوطني والعالمي، لبشاعة الصورة التي حملتها وكدح الطبقة التي شملتها، واكبتها تغطية إعلامية واسعة ومحاكمة علنية، في الشق المتعلق بالجنح التي ارتكبت في حق الضحايا، انتهت بإدانة صاحب شركة صناعة الأفرشة بأربع سنوات حبسا نافذا وغرامة مالية قدرها ألف درهم، والحكم على ابنه المسؤول عن إدارة الشركة بسنتين حبسا نافذا وأداء الغرامة. كما قضت بأربع سنوات حبسا نافذا مع أداء غرامة قدرها ألف درهم في حق العامل المتابع في القضية ذاتها بتهمة «التسبب عن غير عمد في حريق أملاك عقارية ومنقولة نتج عنها موت أكثر من شخص وإصابة آخرين بجروح.وكان كل من رب العمل وابنه متابعين في هذه القضية من أجل «عدم توفير متطلبات وتجهيزات السلامة اللازمة للحفاظ على صحة الأجراء والقتل الخطأ والإصابة غير العمدية وعدم تقديم المساعدة لأشخاص في خطر».ولم تتوقف المتابعة عند الأحكام الزجرية سالفة الذكر، بل تلتها اجتماعات وقرارات سيما أن ارتفاع حصيلة الموتى، أرجع حينها إلى وجود عدد من الانتهاكات لقانون العمل والتنظيمات. وتشكلت حينها لجان لدراسة المستقبل والتخطيط لعدم تكرار المأساة، ومن بين تلك اللجان لجنة ترأسها وزارة الصناعة والتجارة، آنذاك، وتشكلت من ممثلين عن أقسام وزارية، وكذلك عن مجال البنوك والتأمين، لاقتراح تدابير تنظيمية وتطبيقها بهدف تعزيز سلامة العمال في مكان العمل. كما تم الحديث حينها عن مراجعة الإطار القانوني المتعلق بالأخطار الصناعية من أجل كفالة سلامة الموظفين والمجالات المحيطة بالمنشآت الصناعية أيضا. وتعزيز عمليات المعاينة ومعالجة التدليس إلى أن يتم سد هذه الفجوة القانونية. وبعيدا عن الاجتماعات واللجان شنت حملات لمراقبة المرائب والشركات التي تشتغل خارج القانون، وهي الحملات التي لم تؤت أكلها ساعتها بسبب إغلاق العديد منهم لمحلاتهم في انتظار مرور العاصفة.ولم تمر مدة طويلة حتى عادت السلوكات نفسها وظهرت حوادث أخرى لم تكن أقل خطورة، أظهرت الاستهتار بالسلامة وبكل القوانين الأخرى، ومن بين تلك الحوادث وفاة عمال داخل مرآب اتخذه صاحبه معملا وكان يغلق عليهم الباب من الخارج، ثم انهيار بناية شركة لصناعة المظلات الشمسية بسيدي معروف والذي تسبب في وفاة أحد العمال، وهو أب لأسرة ويبلغ من العمر 48 سنة، بالإضافة إلى إصابة أكثر من 24 مستخدما آخرين بجروح متفاوتة الخطورة، فضلا عن إصابة مالك الشركة التي تعرض جزء كبير من بنايتها للانهيار، وإصابة مستخدمة تبلغ من العمر 38 سنة بجروح خطيرة. إضافة إلى حوادث أخرى أظهرت كلها أن جزءا من المسؤولية فيها ملقى على عاتق المسؤولين من رجال السلطة والإدارة العمومية، سواء على مراقبة معايير السلامة والوقاية أو الذين عهد إليهم بمراقبة احترام شؤون البناء والتصاميم وغيرها من مجالات التعمير.في كل مرة تقع الفاجعة ونتألم تم تجتمع اللجان وتستنفر أشباحها للقيام بجولات قد تكون انتقامية، وما أن «تبرد» القضية حتى تعود حليمة إلى عادتها القديمة.المصطفى صفر

ما بعد روزامور…لاشيء

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

أسوار المدينة العتيقة بمراكش عائق أمام عمليات الإنقاذ

إطفائيـو فـاس أوفيـاء لوسائـل بدائيـة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات