عبـو: لا أزمـة مـع الاتحـاد الأوربـي

الوزير المنتدب في التجارة الخارجية أوضح أن المفاوضات أجلت في انتظار نتائج الدراسة حول انعكاسات الاتفاق الشامل والمعمق على الاقتصاد الوطني أوضح محمد عبو، الوزير المنتدب المكلف بالتجارة الخارجية، أن ليست هناك أي أزمة في علاقة المغرب مع الاتحاد الأوربي، كما يمكن أن يفهم من قرار تأجيل المفاوضات بشأن اتفاق تبادل حر شامل ومعمق بين الطرفين، مشيرا إلى أن القرار اتخذ بتوافق مع الجانب الأوربي . وأرجع التأجيل إلى انتظار التوصل بنتائج دراسة حول انعكاسات هذا الاتفاق على النسيج المقاولاتي المغربي. كما تطرق المسؤول الحكومي في حواره مع «الصباح» إلى وضعية قطاع التصدير بالمغرب والإجراءات المتخذة في المخطط الثلاثي لتنمية الصادرات لفائدة المقاولات المصدرة أعلنتم مؤخرا عن تأجيل الجولة الخامسة من المفاوضات الجارية بين المغرب والاتحاد الأوروبي حول اتفاقية التبادل الحر الشامل والمعمق، هل يتعلق الأمر بأزمة طفت على السطح بين الطرفين؟ لا هذا غير صحيح تماما، فقرار التأجيل تم اتخاذه بتوافق بين المغرب والاتحاد الأوروبي، وأحيلك هنا إلى أن البلاغ الرسمي الصادر في هذا الشأن حمل توقيع الطرفين، فالموضوع لا علاقة له بتاتا بأي خلاف أو أزمة طفت على سطح علاقاتنا الثنائية كما يقال. المفاوضات الرسمية بين الجانبين انطلقت منذ شهر مارس 2013، وتم خوض أربع جولات منها سبقتها اجتماعات تحضيرية مع شركاء اقتصاديين وفعاليات من المجتمع المدني والمركزيات النقابية.في هذا السياق أريد فقط التذكير بأنه لم يحصل أي تقدم في المفاوضات، التي تظل في مراحلها الأولى الخاصة بتبادل المعلومات والمعطيات، كما أن الوزارة بصدد إعداد دراسة مستفيضة، بهدف مواكبة المفاوضين المغاربة وتقييم الآثار الاقتصادية والاجتماعية والبيئية المرتقبة لهذا الاتفاق، وكذا تقييم احتياجات الموارد والآليات اللازمة لتنفيذ الالتزامات المترتبة عنه. وأود أن أشير هنا إلى أن هذه الخطوة شكلت مطلبا أساسيا لجميع الفاعلين وعدد من المنابر الإعلامية، إذ طالب الجميع بضرورة توفر المغرب على دراسات قبلية تقيم الآثار الممكنة لهذا الاتفاق على عدد من المجالات، لذلك ارتأينا أن نؤجل التفاوض إلى حين التوصل بنتائج هذه الدراسات. بلغ عجز الميزان التجاري مستويات مقلقة، ما هي العوامل التي ساهمت في هذا التفاقم خلال السنوات الأخيرة؟ تظل إشكالية العجز التجاري متشعبة وتتداخل فيها مجموعة من العوامل الهيكلية والظرفية التي تنعكس على الاقتصاد المغربي ويعكسها الميزان التجاري، الذي يعاني عجزا هيكليا مرتبطا بالنموذج التنموي للاقتصاد المغربي، الذي يرتكز كثيرا على الطلب الداخلي، علما أن جزءا كبيرا من هذا الطلب تتم تلبيته عبر الواردات، إضافة إلى الكلفة الباهظة لواردات الطاقة وباقي المواد الأولية وكذلك حاجيات الصناعات.وبما أن انفتاح المغرب على الاقتصاد العالمي يمثل خيارا استراتيجيا لا رجعة فيه بالنسبة إلى المملكة، فإنه يتعين اعتماد إصلاحات دورية لتصحيح الاختلالات الطارئة.لقد عرف العجز التجاري للسلع تفاقما ملحوظا خلال اثنتي عشرة سنة الأخيرة، إذ انتقل من حوالي 44 مليارا، في سنة 2000، إلى حوالي 201.5 مليار درهم مع متم 2012، علما أنه خلال 2008، وصل إلى 170 مليارا، متجاوزا قيمة صادرات السلع. بالمقابل، يواصل الميزان التجاري للخدمات تسجيل فائض، وذلك رغم تقلصه منذ سنة 2007، نتيجة انخفاض العائدات المتعلقة بالأسفار والزيادة الحادة في واردات الخدمات، إضافة إلى بداية ظهور انعكاسات الأزمة الاقتصادية العالمية. وفي السياق نفسه انتقلت نسبة عجز الميزان التجاري للسلع والخدمات في الناتج الداخلي الخام من حوالي 6 في المائة سنة 2000 إلى حوالي 14 في المائة سنة 2013، كما تراجع معدل تغطية الواردات بالصادرات من 83 في المائة إلى 70 في المائة خلال الفترة ذاتها.وكما ذكرت يمكن تفسير العجز التجاري المغربي على الخصوص بارتفاع الأسعار العالمية للمواد الطاقية والمواد الغذائية المستوردة، والتي تمثل في المجموع أكثر من 70 في المائة من العجز التجاري للسلع. كما أن جزءا مهما من هذا العجز يلبي الحاجيات التنموية لبلادنا، إذ شمل في سنة 2013، الواردات الضرورية من مواد التجهيز والمواد الأولية والطاقية ونصف المصنعة.وبغض النظر عن التزايد المتسارع للواردات، يمكن تفسير العجز بعوامل أخرى تتعلق بمحدودية العرض القابل للتصدير كما وكيفا مما لا يمكن من تحقيق نمو سريع للصادرات يوازي أو يفوق نمو الواردات. ولا يمكن أيضا إغفال الأزمة الاقتصادية التي أثرت سلبا على أهم شركائنا التجاريين في الاتحاد الأوروبي، إضافة إلى احتدام المنافسة في هذه الأسواق.وتجدر الإشارة إلى أن السنة الماضية تميزت بتراجع العجز التجاري بحوالي 6 مليار درهم خلال السنة الماضية، مقارنة مع سنة 2012، إذ سجل 180 مليار درهم مقابل 186 مليار درهم؛ وذلك على الرغم من تراجع مبيعات الفوسفاط ومشتقاته ب 9 ملايير درهم. ويعزى تراجع العجز على الخصوص إلى ارتفاع مبيعات السيارات ب 21 في المائة والإلكترونيك بحوالي 12 في المائة وصناعة الطائرات بما يعادل 13.4 في المائة وصناعة الأدوية بما يناهز 17.6 في المائة. اعتمدتم مخططا وطنيا لتنمية المبادلات التجارية، لتخفيف عجز الميزان التجاري، ما هي أهم المحاور التي جاء بها؟ إن إشكالية عجز الميزان التجاري من القضايا التي تحظى بأولوية الحكومة، نظرا لارتباطها بالتنمية، من جهة، وبضرورة الحفاظ على التوازنات الماكرو اقتصادية من جهة ثانية. وهي بالتالي تستدعي تضافر جهود كافة الفاعلين من القطاع العام والخاص. وفي هذا الإطار عمدت الوزارة المكلفة بالتجارة الخارجية في سابقة من نوعها إلى إشراك القطاع الخاص في عدد من الأوراش التي تم فتحها بهدف ضمان انخراط الجميع في المشاريع المزمع تنفيذها في مجال التجارة الخارجية.وفي هذا الإطار، انكبت الوزارة بتشاور مع كافة الفاعلين في مجال التجارة الخارجية على إعداد مخطط وطني لتنمية المبادلات التجارية يهم الفترة بين 2014 و2016، وذلك بهدف التحكم في عجز الميزان التجاري. ويتضمن هذا المخطط ثلاثة محاور مبوبة في 20 ورشا و40 تدبيرا، ويروم في محاوره الثلاثة تثمين وتطوير وإنعاش الصادرات، وعقلنة الواردات وتسهيل الإجراءات المتعلقة بالتجارة الخارجية، إضافة إلى الرفع من القيمة المضافة للمنتوج المحلي.ومن أجل التنفيذ الأمثل لمقتضيات هذا المخطط عمدت الوزارة المكلفة بالتجارة الخارجية إلى وضع خطة طريق للنهوض بالتجارة الخارجية بصفة عامة، وتتمحور حول الرفع من مستوى التنسيق بين كافة المتدخلين لترشيد الوسائل وضمان مردودية أنجع، وتحسين القدرة التنافسية للمقاولة بغية تعزيز العرض الإنتاجي المغربي والرفع من جودته للاستجابة لمتطلبات الأسواق العالمية، إضافة إلى اعتماد حزمة من الإصلاحات القانونية والتنظيمية قصد ملاءمة الإطار القانوني الذي ينظم التجارة الخارجية مع التطور الذي عرفته قواعد وممارسات التجارة الدولية. ويظل التقييم المستمر للإجراءات والبرامج التي سيتم اعتمادها حجر الزاوية لهذه الرؤية قصد تصحيح المسار عند الاقتضاء. تواجه المقاولات المصدرة صعوبات بشأن تحسين تنافسيتها داخل الأسواق الخارجية، كما أن عددها يظل محدودا، حسب إحصائيات الوزارة، إضافة إلى ضعف عرضها التصديري، فكيف ستواجهون هذه الإكراهات من خلال مقتضيات المخطط الجديد؟ بالفعل، تعرف المقاولات المصدرة صعوبات في تحسين تنافسية منتوجاتها داخل سوق دولي يعرف منافسة شرسة. كما أن معظم الصادرات المغربية تتكون من منتوجات ذات قيمة مضافة منخفضة بما فيها المواد نصف المصنعة، إضافة إلى أن جل المنتوجات الاستهلاكية تتم في إطار نظام القبول المؤقت، علما أن الصادرات المغربية تعاني ضعفا في التنوع، إذ أن 80 في المائة من إجمالي الصادرات تقتصر فقط على 86 منتوجا. وتسهر الوزارة، إلى جانب المؤسسات التابعة لها، على تنفيذ عدد من البرامج الداعمة للتصدير كما هو الحال بالنسبة لعقود تنمية الصادرات، ودعم مجموعات التصدير والافتحاص عند التصدير، إضافة إلى الترويج عن طريق تنظيم المشاركة المغربية بالمعارض الدولية وتنظيم لقاءات الأعمال الثنائية. ويتضمن المخطط الوطني لتنمية المبادلات التجارية، في الشق المتعلق بتثمين وتشجيع الصادرات، عددا من الأوراش، تتعلق أساسا بتحسين إطار مواكبة المقاولات المصدرة من خلال وضع خطة للتواصل والاستقطاب والتعريف ببرامج الدعم للمقاولات المصدرة، إذ نظمت الوزارة المكلفة بالتجارة الخارجية في هذا الإطار في الفترة بين أبريل ويونيو 2014، الملتقيات الجهوية للتصدير داخل جميع جهات المملكة في سابقة من نوعها، حرصنا خلالها على تقريب جميع الفاعلين الجهويين من برامج الدعم التي توفرها الوزارة والمؤسسات التابعة لها. وهناك ورش خاص بتسهيل ولوج المقاولات إلى برامج الدعم. ويروم المخطط إحداث صندوق عمومي للاستثمار وتمويل التصدير بهدف تحسين مواكبة المقاولات المصدرة فيما يخص التمويل المسبق لعمليات التصدير ومزاوجته بضمان التصدير. 26 ألف مقاولة مستوردة مقابل 5 آلاف مصدرة ترتبط إشكالية عجز الميزان التجاري، بشكل كبير، ببنية المقاولات الفاعلة في مجال التجارة الخارجية بالمغرب، التي تعتمد بشكل أساسي على الاستيراد. ويكفي التذكير، في هذا الباب، ببعض الأرقام التي تشخص هذا الوضع بجلاء، إذ أن عدد المقاولات المستوردة بالمغرب يفوق 26 ألف مقاولة، مقابل ذلك فإن عدد المقاولات المصدرة لا يتجاوز 5000 مقاولة، 10 في المائة منها فقط تقوم بنشاط تصديري منتظم، كما أن 91 في المائة منها لها رقم معاملات عند التصدير لا يتجاوز 50 مليون درهم. لذلك لا بد من التفكير في توسيع القاعدة وخلق مقاولات مصدرة جديدة، وفي هذا الإطار فإن الوزارة المكلفة بالتجارة الخارجية تقترح مجموعة من برامج دعم الصادرات خاصة وأن المغرب فتح العديد من الأسواق بفضل اتفاقيات التبادل الحر التي وقعها مع 56 بلدا. في سطور - ولد بتاونات سنة 1959.- يعمل، منذ 1986، أستاذا جامعيا بكلية العلوم والتقنيات بفاس.- حصل على دبلوم مهندس في الصناعات الغذائية من معهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة بالرباط، وعلى دكتوراه في العلوم تخصص الكيمياء من جامعة إيكس مارسيليا بفرنسا. - انتخب نائبا برلمانيا عن إقليم تاونات، منذ 1997، وهو عضو بالمكتب التنفيذي للتجمع الوطني للأحرار منذ 2001، وشغل منصب رئيس الفريق البرلماني للحزب بمجلس النواب بين 2002 و 2007.- يشغل منصب رئيس الجماعة القروية بني أوليد بإقليم تاونات، منذ 1992، ويترأس جمعية خيرية محلية، كما يترأس بالتشارك جمعية «قطرة ماء» بإقليم تاونات. أجرى الحوار: عبد الواحد كنفاوي

عبـو: لا أزمـة مـع الاتحـاد الأوربـي

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الملك ينتظر من المجلس الأعلى تقييما لعشرية التعليم

غضب نقابي بسبب توالي الزيادات في الأسعار

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات