دراسة في القانون : التركيبة القضائية لمحكمة العدل العسكري(1/2)

المشروع حول وكيل الملك إلى ساعي بريد لدى الوكيل العام إن مؤسسة الحق العام بالمحكمة العسكرية تتكون من جهاز منقسم إلى قسمين، الوكيل العام ووكيل الملك، وكل منهما له اختصاصه، رغم أن الوكيل العام يتميز بأنه يعين من طرف جلالة الملك ليس بصفته رئيسا للسلطة القضائية، ولكن بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة الملكية، ولقد نصت المادة 25 على ذلك صراحة، ما يجعله خاضعا مباشرة ليس إلى التدرج العسكري ، ولكن إلى جلالة الملك بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة، بينما وكيل الملك لم ينص مشروع القانون على تعيينه من طرف جلالته، غير أنه اشترط أن يكون من قضاة المحكمة العسكرية وفقا للمادة 27 من هذا المشروع، علما أن وضعية القضاة غير واضحة في هذا المشروع، باستثناء ما نصت عليه المادة 28 حين أقرت أن «القضاة العسكريين يتوفرون على سلك قضائي مستقل ويخضعون لنظام أساسي خاص بهم..» وسنتطرق إلى هذا الموضوع في حينه.وإذ عدنا إلى كل من اختصاصات الوكيل العام ووكيل الملك، نجد أن المشروع فصل بين مهام النيابة العامة وبين سلطة المتابعة، ويبدو أن وكيل الملك لا سلطة له أمام الوكيل العام، غير أن الوكيل العام يملك سلطة الأمر ولا يملك سلطة التنفيذ، فرغم أن المادة 38 نصت على اختصاص الوكيل العام في متابعة الجرائم وتلقي الوشايات والشكايات وإصدار الأمر لضباط السلطة القضائية، فإن قرارات الإحالة على قضاة التحقيق أو الجلسة أو غيرها هي قرارات تصدر عن الوكيل العام وينفذها وكيل الملك عمليا، أي أنه جهاز إداري أكثر منه جهاز قضائي ضبطي كما هو في المحاكم العادية، وهذا ينعكس على مفهوم سلطة الملاءمة ومن يملكها بينهما، هل الوكيل العام أم وكيل الملك؟ فمن المفروض الذي يحيل هو الذي يملك هذه السلطة، والنتيجة ستكون أن وكيل الملك للمحكمة العسكرية لا يملك مطلقا سلطة الملائمة، بل حتى سلطة الإحالة على قاضي التحقيق، لأنها أيضا مرتبطة بسلطة الملاءمة التي تنبني عليها سلطة الإحالة على قاضي التحقيق، الذي يحدد في قرار الإحالة على التحقيق في المقتضيات الجنائية التي يعتمد عليها قاضي التحقيق لإنجاز تحقيقه قبل أن يتجاوزها أو أن يتفرع عنها، ذلك أن المادة 57 من المشروع نصت على أن الوكيل العام هو الذي يصدر الأمر بتقديم ملتمس إجراءات تحقيق لوكيل الملك، كما أن الوكيل العام هو الذي يبت في مدى استئناف أمر السراح الصادر عن قاضي التحقيق بناء على إخبار من وكيل الملك الذي يتلقى أمرا بالاستئناف من عدمه، أي نجد في آخر المطاف أن العلاقة بين النيابة العامة ومن على رأس هرمها أي الوكيل العام والسيد قاضي التحقيق إلا بواسطة وكيل الملك، وهذا فيه نفحة من التدرج العسكري، خاصة أن قضاء التحقيق هو جهاز مستقل عن النيابة العامة، وكان من الواجب لما لتوازن السلط من دلالة على العدالة، أن يخاطب الوكيل العام مباشرة قاضي التحقيق، علما أن قرارات قاضي التحقيق خاضعة للطعن بالاستئناف من طرف كل من وكيل الملك والوكيل العام وفقا للمادة 82 من المشروع، مما يجعل من قضاء التحقيق قضاء في مستوى الوكيل العام وليس وكيل الملك فقط.إن اختصاصات النيابة العامة في شخص وكيل الملك والتعالي المسطري للوكيل العام عن قاضي التحقيق، لم تلغ حق الوكيل العام بإصدار أوامره إلى الشرطة القضائية التي تبتدئ من الوكيل العام وتنتهي بضباط الدرك الحربي ورؤساء المراكز العسكرية والضباط الإداريين المحلفين، وكلهم بصفتهم الضبطية هاته يخضعون للوكيل العام ومن حيث هذه الصفة لرؤساء المراكز والإداريين.لقد أشارت المادة 42 من المشروع إلى طبيعة هذه العلاقة، حيث منحت سلطة إصدار الأمر إلى الوكيل العام الذي يمكنه أن يقوم بإعمالها مباشرة أو من طرف وكيل الملك. غير أن المادة 54 من المشروع، فقد مكنت الشرطة القضائية من الاتصال مباشرة مع الوكيل العام كما الحالة لوكيل الملك، قصد تبليغه بالجرائم المرتبكة والتي شارك فيها العسكريون.ورغم أن وكيل الملك، كما أشرنا سلفا، هو الذي يقوم بالإجراءات الإدارية مع النيابة العامة تحت سلطة الوكيل العام، فإن المادة 53 ألزمت ضباط الشرطة القضائية بتوجيه المستندات والوثائق للوكيل العام، متجاوزين بذلك التدرج السابق الذي بمقتضاه تصدر الأوامر، حول مآل المسطرة من الوكيل العام إلى وكيل الملك، فنصبح أمام حالة غريبة من نوعها، مفادها أنه تجري الضابطة القضائية بحثا جنائيا تحيله على الوكيل العام، والوكيل العام يحيله على وكيل الملك قصد القيام بإجراء إصدار الأوامر بالتحقيق أو الإحالة المباشرة، أي أن وكيل الملك يطلع على الملف في حالة إحالته من طرف الوكيل العام، ودون ذلك ليس له حق التصرف التلقائي كما هو الحال في القضاء العادي، تم آنذاك يقوم وكيل الملك بتقديم ملتمسات تحت سلطة الوكيل العام، بل إن الوكيل العام وفق للمادة 58 له سلطة إحالة جرائم الجنح على المحكمة العسكرية، بل يقرر حتى حالة سراحهم من اعتقالهم، في حين تعودنا في المحاكم العادية أن الجنح تدخل في اختصاص وكيل الملك وليس الوكيل العام، والغريب في الأمر أن المشروع ظل يتدحرج بين سلطات يملكها الوكيل العام، ووكيل الملك فقط يتابع الإجراءات، ويبدو أن التدرج العسكري تحكم في الصياغة، فجعل من وكيل الملك موظفا لدى الوكيل العام، كما أنه اعتبر الوكيل العام هو المخاطب الرسمي للمحكمة أمام الجهات القضائية الأخرى، خاصة إذا أضفنا بعض الاختصاصات الأخرى التي أضيفت للوكيل العام كالأمر بتأجيل تنفيذ الحكم «المادة 137 من المشروع» وحق تقديم استئناف داخل آجال 10 أيام بالنسبة إلى قرارات قاضي التحقيق، مقارنة مع منح لوكيل الملك والمتهم آجال 24 ساعة فقط. بقلـم : عبد اللطيف وهبي, محام بهيأة المحامين بالرباط

دراسة في القانون : التركيبة القضائية لمحكمة العدل العسكري(1/2)

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

سحب ملف اختلالات الفلاحة بسطات من الفرقة الوطنية

الإنتاجات الدرامية في رمضان على "إم بي سي 1"

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات