بصمة في حياة نقيب : العزيزي: القواعد القانونية ليست قواعد علمية

لكل شخص أناس يدين لهم بالكثير، وعبد الحق العزيزي، النقيب السابق لهيأة المحامين بسطات، من هؤلاء الذين يعتبرون أي نجاح لأي شخص في مساره المهني مرتبطا بآخرين. ومساره المهني يبدأ من عند المحامي احمد المحفوظ بالله الذي احتضنه بمكتبه في فترة التمرين، سنة 1982 تاريخ التحاقه بالمهنة ، وهي السنة التي كان يرأس النقابة فيها عبد الله الشرقاوي، وشهدت إجراء الانتخابات المهنية التي أفرزت عبد الواحد جعفر نقيبا للهيأة، ثم مرورا بزملائه الذين عمل معهم سواء في نقابة سطات أو جمعية هيآت المحامين.يحكي عبد الحق العزيزي، الذي نال في ندوة التمرين التي كان كاتبا عاما لها، وكان يشرف عليها ساعتها، النقيب عمر الخيراوي، رتبة مشرفة جدا وطنيا، إلى جانب زميله في مكتب التمرين نفسه عبد المجيد حموشي. يتحدث عن أول مرافعة في حياته المهنية، التي بصمت تاريخه المهني، بحزن شديد ليس بشأن ارتباكه خطأ أو عدم قدرته على المرافعة، ولكن بسبب الحكم الذي لم يترجم الجهد الذي بذله في تلك المرافعة، إضافة إلى القضية نفسها، التي لم تكن عادية، وخصت جريمة قتل الأصول، مع سبق الإصرار، والتي رافع فيها في إطار المساعدة القضائية.توقف النقيب مرات عدة عند سرد وقائع القضية التي مازالت محفورة في ذاكرته بتفاصيلها الجزئية، فهي الجريمة التي ارتكبها الابن في حق أبيه وزوجته دفاعا عن أمه التي تعرضت لشتى أنواع التعذيب والتنكيل من زوجها. القصة ابتدأت عندما لم تعد الزوجة قادرة على رعاية الأسرة، ليقرر الجميع تزويج الأب، وهو ما تمت مباركته. كان الابن ساعتها منهمكا في عمله اليومي بالفلاحة، وإعالة الأسرة، إلا أن سلوك الوالد وزوجته تغير تجاه الزوجة الأولى وأضحت تتعرض للتعنيف بين الفينة والأخرى، وفي إحدى المرات استنجدت بابنها الذي حضر على الفور، ولما شاهد الحالة المزرية التي كانت عليها والدته، استشاط غضبا، في وجه والده وزوجته الشيء الذي لم يتقبله الأب ليدخل في ملاسنات حادة معه تحولت إلى شجار، خاصة بعد أن اتهمه الأب بمحاولة الاعتداء على زوجته جنسيا، وفي لحظة غضب استل الابن سكينا ووجه ضربات قاتلة إلى أبيه وزوجته أردتهما قتيلين، وجلس ينتظر حضور رجال الدرك.خلال المحاكمة، حاول العزيزي التركيز على الحالة النفسية للمتهم التي لم تكن سوية، والذي التزم الصمت خلال جلسات المحاكمة مكتفيا بنظرات شاردة، محاولا إثارة انتباه المحكمة إلى أن المتهم ارتكب جريمته تحت تأثير اضطراب عقلي، ملتمسا في الوقت نفسه من الهيأة إجراء خبرة للتأكد من ذلك. كان العزيزي واثقا مائة في المائة أن المحكمة سوف تأخذ بعين الاعتبار وضعية المهتم وتعفيه من العقاب لفائدة الشك، غير أن نتائج الخبرة التي استجابت لها المحكمة جاءت مبهمة، ولم تحسم في تلك النقطة، وأكدت "أن فقدان العقل هو الذي يمكن أن يكون أدى إلى ارتكاب الجريمة كما يمكن أن ينتج عن ارتكاب الجريمة"، لتقرر المحكمة إدانة المتهم بـ15 سنة سجنا. الحكم الذي أصدرته المحكمة ولد لدى العزيزي قناعة مهمة، وهي أن القواعد القانونية ليست قواعد علمية.لم تكن فترة تمرين عبد الحق العزيزي، خالية من بعض الطرائف التي امتزجت بالحكمة، إذ عمد إلى طبع عدد من البطائق الخاصة، ولم يشر فيها إلى صفته محاميا متمرنا، كما ينص على ذلك القانون، بل وضع اسمه بالبنط العريض، وفي السطر الموالي بمكتب الاستاذ المحفوظ بالله بخط أرفع، ثم تحتهما المحامي بالبنط العريض، ليصل الخبر إلى عبد الواحد جعفر، نقيب الهيأة ساعتها، الذي أخبره أن القانون يمنع عليه استعمال اسمه دون ذكر صفة متمرن، فأجابه العزيزي بنوع من الذكاء أن كلمة المحامي التي في البطاقة تعود إلى الأستاذ المحفوظ بالله، ليخبره النقيب أن ذلك الجواب ذكي، ويمكن أن يكون له مخرجا، و"لكني وأنا أتنبأ لك بمستقبل واعد، أنصحك بعدم التسرع، لأنك عما قريب ستصبح محاميا رسميا". خرج العزيزي من مكتب النقيب، وهو فريسة لشعورين متضاربين أحدهما للخجل من نفسه، وثانيهما للتقدير والاعتزاز الكبيرين بنقيب هيأته، وتوقف من يومها عن استعمال تلك البطاقة. كريمة مصلي

بصمة في حياة نقيب : العزيزي: القواعد القانونية ليست قواعد علمية

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

فرقة في مهرجان أحيدوس بعين اللوح

غـــرائـــب البـــرلمـــان : شوباني خاطب صحافية: هذا لباس لا يليق بالبرلمان

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات