علــى غـفـلة : مقاطعة “كريكوان” بالبيضاء تتثاءب في رمضان

موظفون "يصدرون" المواطنين بدعوى أداء الصلاة ونساء مسنات يبحثن عن "المعاونة" الجمعة الأولى في رمضان. إيقاع الحياة يزداد رتابة في أزقة درب السلطان المفضية إلى الملحقة الإدارية 20 «طرابلس» الشهيرة لدى البيضاويين بمقاطعة «كريكوان». رغم أن الحي يعد الأكثر كثافة وحيوية في العاصمة الاقتصادية، خاصة خلال رمضان، على اعتبار أن العديد من الأنشطة التجارية تتمركز فيه ، إلا أن التقاء يوم الجمعة ورمضان حكم على صباح هذا الفضاء بالهدوء والسكينة خلال مطلع النهار على الأقل.المقاطعة التي تتوسط درب القريعة وساحة السراغنة معتلية ربوة تطل على درب الشرفا والطلبة، «تثاءبت» لاستقبال المواطنين منذ التاسعة والنصف صباحا. محيط المقاطعة كان هادئا على غير العادة، وهو الذي يشكل ملتقى العابرين في اتجاه قيساريات درب السلطان أو نحو المحلات التجارية بالقريعة، كما أن الأشغال التي بدأت، أمام المدخل الرئيسي للمقاطعة، منذ أشهر دون أن تنتهي، زادت الوضع بؤسا، خاصة مشروع المدارة الصغيرة التي تتوسط الشارع المار أمام المقاطعة، الذي لم ينته، ما جعل الأتربة والأزبال تحيط به من كل جانب، الأمر الذي أثار حنق العابرين من هناك، سائقين كانوا أم راجلين.رغم أن الساعة كانت تشير إلى الحادية عشرة صباحا، إلا أن مقاطعة «كريكوان» ظلت محتفظة بهدوئها وقلة الحركة فيها. بابها الضخم كان خاليا من المواطنين الذين اعتادوا الجلوس أمامه في انتظار قضاء أغراضهم، لكن في المقابل اختار بعضهم الانتظار بالداخل، منهم بضع نساء جلسن على أدراج تفضي إلى ركن آخر من المقاطعة المتسمة بهندستها المعقدة المليئة بالدهاليز والممرات. على الجانب الأيمن، اصطفت مكاتب موظفي الحالة المدنية وتصحيح الإمضاءات، الذين كانت ملامح جلهم هادئة لا تشي بالتوتر الذي قد يطبع الملامح ذاتها خلال ساعات أخرى متقدمة من يوم رمضاني قائظ، خاصة أن إقبال المواطنين كان، إلى حدود هذه الساعة، قليلا مقارنة مع بقية أيام الأسبوع. توجهت واحدة من النسوة اللائي اقتعدن الأدراج الداخلية للمقاطعة، إلى موظف كان مارا بالقرب منهن، «شحال فالساعة أوليدي؟» وقبل أن يجيبها قاطعتها امرأة أخرى كانت تجلس بالقرب منها «النهار يالله بادي أميمتي.. شحال بينك وبين المغرب...» فردت عليها الأخرى «راني كانسول غير واش صحاب المعاونة جاو ولا ما زال..» قبل أن تشير برأسها نحو الساحة الخلفية للمقاطعة والتي يفضي إليها الباب الذي جلسن بأدراجه.إذن فزائرو مقاطعة «كريكوان» هذا الصباح، لم تكن لهم مقاصد «إدارية» فقط، بل إن بعضهم كان يتحين الفرصة لتسجيل اسمه ضمن لائحة المستفيدين من الإعانة الرمضانية، وهي عبارة عن مواد غذائية أساسية أو ما شابهها. في وسط الساحة الخلفية للمقاطعة وضعت خيام كان العمال بصدد اللمسات الأخيرة عليها، فيما انبرى آخرون لتصفيف كراس حمراء بجانب آخر من الساحة التي تحيط بها مكاتب مختلفة تابعة للشيوخ والمقدمين.أمام مكتب القائد تجمعت العديد من النساء أغلبهن مسنات، بغية معرفة ما إذا كن من المستفيدات من الإعانة الرمضانية، في الوقت الذي وقف أحد الموظفين قرب الباب يشرح لهن كيف الاستفادة من الإعانة، ويتحدث مع بعضهن عن سابق معرفة بهن، إذ يبدو أن هذا السيناريو يتكرر كل رمضان.فجأة مزق السكون والهمهمات التي تلف المكان، صياح مواطن، من الجهة الأخرى للمقاطعة حيث توجد مكاتب الحالة المدنية وتصحيح الإمضاءات، انتفض في وجه موظف "ملتح" قائلا له "أنا ماشي منافق" مكررا العبارة على نحو هستيري، أمام ذهول الموظف وزملائه الذين استغربوا كيف "انفجر" هذا المواطن بهذه السرعة بعد أن تبين له أنه قصد المصلحة بالغلط، قبل أن يغادر المقاطعة وهو يلوح بيديه مهددا.ارتفع منسوب الحركــة بالمقاطعـــة قليلا مع حلول الثانية عشــرة زوالا، في الوقــت الذي كان يكتفي بعض الموظفين بـ "تصدير" المواطنين إلــى الثالثة زوالا، بدعــوى اقتراب موعد صــلاة الجمعــة، وهـــي حيلة ظــريفــة و"شرعيــة" للانسلال، ليعــود أقل من نصفهم بعد الزوال، فيكون المواطن هو الضحية.عزيز المجدوب

علــى غـفـلة : مقاطعة “كريكوان” بالبيضاء تتثاءب في رمضان

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

"الماكينات" تذل البرازيل وتحطم 10أرقام

الداخلية تفرض "التصويت الإجباري" في الانتخابات

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات