إحداث محطة لتوليد الطاقة الكهربائية في أول مشروع وطنيا والرهان على تغطية كل حاجيات المدينة تسير فاس بخطوات ثابتة نحو توفير نسبة مهمة من احتياجاتها الكهربائية لإضاءة شوارعها وأحيائها، من الغاز المنبعث من النفايات المنزلية، انطلاقا من المطرح الموجود بتراب جماعة عين بيضاء، بعد إطلاق مشروع رائد في هذا المجال، يعتبر الأول من نوعه وطنيا، في أفق تحقيق تغطية كاملة للمدينة في السنوات القليلة المقبلة. مرت نحو 8 سنوات على إطلاق هذا المشروع. ونجح إلى الآن في توفير 30 في المائة من هذه الاحتياجات، بعدما مكن من توليد 1.12 ميغاوات من الطاقة الكهربائية، بشكل وفر 40 في المائة من نفقات الإنارة العمومية لفاس. والجهود متواصلة لتوليد 5 ميغاوات منها، المقدار الكافي لتحقيق تغطية شاملة، دون أي أضرار بيئية على التربة والهواء. كان إنتاج الطاقة من نفايات المطارح العمومية، مجرد حلم إلى سنوات قليلة مضت. لكنه تحقق واقعا بفضل هذه التجربة النموذجية الأولى، استثمرت فيها ميزانية ضخمة أحدثت بها وحدة طاقية تستغلها الشركة الأمريكية "إيكوميد"، لإنتاج "البيوغاز" أو الغاز الحيوي الناتج عن تحلل المواد العضوية عند انعدام الأوكسجين. تأهيل المطرح وميلاد المشروع في منتصف 2015، رأى المشروع النور بعد خمس سنوات من التجارب الخاصة به، دون أن تتوقف الجهود الرسمية أو يكل مطلقوها، في سبيل تأمين إنارة شوارع فاس انطلاقا من أزبال تخمر بشكل يمكن من ظهور غازي ثاني أوكسيد الكربون والميتان وغازات أخرى، قابلة للاحتراق وتستعمل وقودا للمحركات الميكانيكية. عبر هذا المسار، يمكن لهذه الغازات الحيوية الناتجة عن تحلل المواد العضوية عند انعدام الأوكسجين، من إنتاج الطاقة الكهربائية باستعمال وحدات طاقية خاصة، منها تلك بمركز معالجة النفايات بعين بيضاء، أنجزت لهذا الغرض وحققت جزءا مهما من أهداف المشروع وجهود تثمين مادة "البيوغاز" المنبعثة من نفاياته المتجمعة. إقامة هذه الوحدة ونجاح هذه التجربة الرائدة، ما كان ليتحققا لولا تأهيل وتهيئة المطرح المراقب للنفايات قبل عقد من ذلك بمبادرة من جماعة فاس وبشراكة واتفاقيات مع شركات مغربية وأمريكية، ساهمت في إنجازه على مساحة فاقت 110 هكتارات سيجت، ووفرت بها البنية التحتية اللازمة لاستقباله نفايات المدينة وناحيتها من الجماعات. وخصصت 10 ملايير سنتيم ميزانية لتهيئة المطرح واستقبال ودفن النفايات المنزلية دون تلك السامة والطبية، وتثمين "البيوغاز" المستخرج منها لإنتاج الطاقة الكهربائية، مع تجميع عصارة النفايات المعروفة بـ"ليكسيفيا" المنبعثة من أحواض تجميعها في المطرح، مع العمل على حسن تدبيرها للحد من مساهمتها في تلويث الجو. مضاعفة الإنتاج 5 مرات يأتي مشروع فاس لإنتاج الطاقة الكهربائية من نفايات المنازل، في إطار استراتيجية الدولة لدراسة كل إمكانيات الوصول لمصادر الطاقة المتجددة، إن بإنتاج الطاقة الشمسية والهوائية أو بإعادة تكرير المخلفات المنزلية وإعادة تدويرها وتصنيعها وتوليد الطاقة منها واستغلالها وبيع فائضها لمكتب الماء والكهرباء، بأسعار تفضيلية. وتنتج فاس يوميا نحو 900 طن من النفايات الصلبة والمنزلية والصناعية، ويستقبلها مركز المعالجة، الذي يعتبر أول مطرح مراقب محدث بالمغرب قبل 19 سنة، ويصنف أحد أهم المشاريع الطموحة في تدبير المطارح وطنيا وتدبره شركة مغربية أمريكية بموجب عقد امتد طيلة عقد لفترة أولى، وعقدين في فترة ثانية متواصلة. ويتوفر مركز معالجة نفايات فاس، حاليا على وحدة إنتاجيةـ والطموح منصب على رفع إنتاجيتها بشكل متواتر وتدريجي، ومضاعفتها خمس مرات، بشكل يمكن من توفير أغلب حاجيات العاصمة العلمية من الطاقة الكهربائية لإضاءة شوارعها ومنازل أحيائها، بطاقة نظيفة وصديقة للبيئة. وتنكب الشركة المستغلة للمحطة، التي تشرف على تدبيرها أطر وكفاءات مغربية راكمت تجربة وخبرة مهمتين في المجال، على دراسة إمكانية إحداث أربع وحدات أخرى، لتحقيق إنتاج إضافي من مادة "البيوغاز" المستخلصة من النفايات المدفونة بالمطرح، بعدما نجحت الجهود حاليا في توفير ربع استهلاك إنارة شوارع المدينة من الطاقة. إنتاج طاقة صديقة للبيئة يخضع توليد الطاقة الكهربائية من النفايات المنزلية في وحدة إنتاجها بمطرح فاس، لمسار دقيق وعبر مراحل تبدأ بامتصاص "البيوغاز" الملوث للطبيعة عبر أنابيب خاصة انطلاقا من وسط النفايات، بطريقة خاصة، قبل حرق تلك الغازات بشكل يمكن من توليد هذه الطاقة وتوفيرها بأقل تكلفة ممكنة مقارنة مع تلك الحالية. هذا المشروع يستعمل وسائل متطورة في الفرز والامتصاص والحرق والتحويل. ويعتمد طريقة متطورة يتحكم فيها نظام معلوماتي دقيق يؤمن كل هذه العمليات ويوفر الحماية اللازمة ويرصد كل المعطيات المتعلقة بإنتاج هذه الطاقة، مع إمكانية التحكم فيها عن بعد لارتباطها بشبكة الإنترنيت، ما يجعلها تجربة نموذجية. وتساهم دقة الطريقة والمراحل، في التقليل من المخاطر البيئية الناتجة عن عدم معالجة تلك النفايات التي طالما شكلت مصدر إزعاج لسكان أحياء مجاورة، سيما بمقاطعة سايس وجماعة عين بيضاء، بفعل الروائح الكريهة المنبعثة منها، التي كانت تشم من محيط المركب الرياضي بطريق صفرو والمستشفى الجامعي الحسن الثاني. ويؤكد المشرفون على المشروع أن التكنولوجيات والوسائل الدقيقة والمتطورة المعتمدة في الإنتاج، توفر طاقة كهربائية نظيفة، وتساهم في الحد من التلوث الهوائي وأي تأثير على الأراضي المجاورة للمطرح، مؤكدين حرص وحدة الإنتاج على مواجهة انبعاثات الغازات السامة وحرق الفائض من الغاز داخلها حفاظا على نقاء الهواء. أكبر مركز لفرز وإعادة تدوير النفايات المنزلية تقنيات متطورة شبه أوتوماتيكية من الجيل الجديد، تستخدمها الوحدة كأكبر مركز لفرز وإعادة تدوير النفايات المنزلية بالمغرب والقارة الإفريقية، مقام على مساحة تفوق 6 هكتارات ومنجز بميزانية مهمة فاقت 54 مليون درهم ممولة بشراكة بين الجماعة ومجموعة أوزون للبيئة والخدمات والبنك المغربي للتجارة الخارجية. طاقته التدويرية الحالية تفوق 300 طن من النفايات في اليوم، وتبقى قابلة للتوسعة إلى نحو 500 طن، بمعدل استيراد يناهز 28 في المائة، وعملية الفرز في الوحدة التي تعمل وفق معايير، نصف أوتوماتيكية تعتمد تكنولوجيا ألمانية، عبر فرز ميكانيكي للنفايات المجمعة قبل الانتقال للتكرير اليدوي بواسطة عمال خضعوا إلى تدريب. تطوير الفرز وإعادة التدوير وتثمين الطاقة واحترام شروط الصحة والسلامة، أهداف متوخاة في الوحدة المجهزة أيضا بمطحنة للمواد البلاستيكية وحوض لغسلها ومنطقة للتخزين ومحطة للمحولات الكهربائية، ما "يساهم في الإدارة المثلى للنفايات المنزلية" ليس فقط في هذه المحطة، بل حتى في مواجهة مشكل عصارة النفايات. عصارة النفايات مشكل مؤرق للجميع والمشروع يهدف التقليل من خطورة هذه المادة السائلة داكنة السواد. والتجارب الخاصة بمعالجتها انطلقت والرهان على تحويل هذه العصارة نتنة الرائحة إلى مياه نقية يمكن استغلالها مستقبلا في سقي مزروعات أراض فلاحية مجاورة، في حال نجاح التجارب الممهدة لإطلاق المشروع. حميد الأبيض (فاس)