لا يزال شد الحبل بين الوزارة والأساتذة أطر الأكاديميات، مستمرا، غير أنه في الأسابيع الأخيرة أخذ أبعادا جديدة، بعدما شرعت الوزارة في تأديب الخارجين عن طاعتها، ممن كانوا يرفضون تسليم النقاط، والانخراط في منظومة مسار، ما دفعهم إلى اللجوء مرة أخرى إلى أسلوب الاحتجاج. وكان مقررا أن ينفذ الأساتذة المتعاقدون، إنزالا وطنيا بالرباط، من أجل التنديد بما اعتبروه "مجالس صورية"، وتجديد تشبثهم بالوظيفة العمومية، غير أن استمرار المجالس التأديبية والتوقيفات عن العمل مع وقف الأجرة الشهرية، دفعهم إلى التريث وتأجيل الإنزال الوطني، إلى حين تنظيم مجالس إقليمية ومجلس وطني، الأسبوع الجاري. ويرتقب أن يخرج الأساتذة من جديد بعدد من الخطوات الاحتجاجية، التي ستزيد الطين بلة، فإذا كانت الوزارة تشكو هدر الزمن المدرسي للتلاميذ، فإن الأساتذة يدرسون الرد على خطوة الوزارة في استمرار التوقيفات والمجالس التأديبية، بمزيد من التصعيد والاحتجاج، ما يضعها في موقف محرج بدورها، إذ لا تتوفر على من سيعوض المحتجين، وبالتالي هدر الزمن وربما تضاف أسابيع في نهاية السنة الدراسية لتعويض ما فات من دروس. وأعلن المحتجون قبل يومين أن الوزارة تخضع الأساتذة "لمجالس صورية أسمتها تأديبية زورا، واتخذتها فرصة للتحقيق والسب والشتم، ونعت الأساتذة والأستاذات بنعوت قدحية، ليستمر مسلسل الاضطهاد، الذي أصبح عنوانا لتعامل الوزارة". وأدت الأزمة الأخيرة في علاقة الوزارة بالأساتذة إلى مزيد من التوتر، وتراجع منسوب الثقة، بعدما كان هناك تقارب نسبيا، في الفترة التي كانت تعد فيها الوزارة النظام الأساسي، إذ أصبح من الصعب على الطرفين الرضوخ لرغبة الآخر، ومن الواضح أن الوزارة ستسقط عددا من الأساتذة الذين يحرضون ضد مشروعها، خاصة بعد عزل أزيد من 400 أستاذ. ومن جانبهم يستعد الأساتذة لمزيد من الضغط على الوزارة، من أجل إدماجهم في الوظيفة العمومية، بالإضراب ورفض التفاعل مع مسارات التقييم والتأهيل التي تعتمدها الوزارة، من قبيل امتحان الأهلية ولجان التفتيش ومنظومة مسار والتكوين المستمر وغيرها، لكن من الواضح أن هذا الضغط الممارس على الوزارة، لن يؤتي أكله، خاصة بعد تأكيد عدد من المسؤولين أن التوظيف الجهوي خيار إستراتيجي للدولة، ولا مجال للتراجع عنه. عصام الناصيري