نشأة العالم… مصادفة أم قـصد؟ -الحلقة الأولى- د. حمزة الكتاني
العلم طريق إلى الله
قديما سأل الناس “هل لهذا الكون من إله؟، وعند محاولتهم الجواب عليه، انقسموا على أنفسهم شيعا وأحزابا، تبعا لما هداهم إليه تفكيرهم. فمنهم من عبد الشمس والقمر، ومنهم من عبد الأصنام، ومنهم من عبد الله، كما أن منهم من أنكر وألحد”، يقول حمزة الكتاني، عضو أكاديمية العالم الإسلامي والباحث الجامعي، رئيس المؤسسة العلمية الكتانية، الذي استعار على مدى 11 حلقة آراء بعض العلماء في مختلف فروع العلوم الحديثة حول خالق هذا الكون، وتجلي قدرته وعظمته في عصر العلم، ومعرفا في الحلقة الثانية عشرة على خطر الإشعاعات الذرية ومدى تأثيرها على الجنس البشري.
“هل لهذا الكون من إله؟” سؤال في الحقيقة تنطلق العقـول إليه، وتَتُوقُ إلى معرفة الإجابة عنه، يوجهه الطفل الصغيـر إلـى أبيه، ويضطـرب به قـلب الشـباب الحـائـر، فيـؤرق نومه، وقد لا يجد له الجـواب الشـافي، ويجـول أحيانا فـي عـقـول ضعـفاء الإيمان فيستعيذون بالله من وسوسة الشيطان، ويشغل بال كل إنسان خصوصا في فترات الضعف والمرض والحرمان.
هل نشأة العالم مصادفة أم قصد؟ سؤال يبرهن عليه الدكتور “فرانك ألن”، عالم الطبيعة البيولوجية، وبالضبط الأخصائي في عـلم البصريات الفيزيولوجية، بالانطلاق من القول: “كثيرا ما يقال إن هذا الكون المادي لا يحتاج إلى خالق، ولكننا إذا سلمنا بأن هذا الكون موجود، فكيف نفسر وجوده ونشأته؟”. هنالك أربع احتمالات، يضيف الدكتور للإجابة على هذا السؤال. فإما أن يكون هذا الكون مجرد وهم وخيال، وهـو ما يتعارض مع القـضية التي سلمنا بها حول وجوده، وإما أن يكون هذا الكون قد نشأ من تلقاء نفسه من العدم، وإما أن يكون أبديا، ليس لنشأته بداية، وإما أن يكون له خالق.
وعن الاحتمال الأول، يوضح الدكتور الكتاني أنه في هذا الصدد لا يقيم أمام البروفسور فرانك ألن، مشكلة سـوى مشكلة الشعور والإحساس، فهو يعني أن إحساسنا بهذا الكون، وإدراكنا لما يحدث فيه لا يعدو أن يكون وهما من الأوهام، وليس له ظل من الحقيقة، مضيفا أن هذا الرأي نفسه عاد إليه أيضا أستاذ العلوم الطبيعية، “جيمس جينز” الذي يرى أن هذا الكون ليس له وجود فعلي، وأنه مجرد صورة في أذهاننا. وهذا الرأي كما نرى، هو رأي وهمي لا يحتاج إلى مناقشة أو جدال. كما أن الرأي الثاني القائل إن هذا العالم بما فيه من مادة وطاقة قد نشأ هكذا وحده من العدم، فهو لا يقل عن سابقه سخافة، يقول الكتاني، “ولا يستحق هو أيضا أن يكون موضعا للنظر والمناقشة”.