الحبس النافذ لرئيسي جمعية باعا الوهم لعشرات المنخرطين بناء على تصاميم فوق عقارات تملكها المياه والغابات بدأت عملية "السقوط الحر" لأعضاء شبكة النصب والاحتيال على الراغبين في الحصول على شقق بأكادير وخليجه، بعدما تعذر على أبطال المشاريع الوهمية البراقة، بكل من منطقتي أورير وإيموادار، ووسط المدينة، الوفاء بالتزاماتهم تجاه المنخرطين الذين سددوا مئات الملايين في حساب الجمعية. ووجد العشرات، إن لم نقل المئات من الأشخاص الذين انخرطوا في جمعية العمل الاجتماعي والتضامني المستفيدين على الورق من شقة أو"بانكالو"على البحر، أنفسهم أمام طريق مسدود لتحقيق حلمهم، بعد أن علموا علم اليقين بأن المشروع العقاري الموجود بأورير، تم رفضه من قبل السلطات المعنية، حسب منطوق الحكم 17004، وأن عقار إيموادار الموجه للسياحة (بانكالوهات) هو في حقيقة الأمر في ملكية إدارة المياه والغابات وليس في ملكية الخواص، وهذا ما جعل المنخرطين يلجؤون إلى القضاء لاسترجاع أموالهم. إنجاز: محمد إبراهمي (أكادير) تستمر شكايات الضحايا في التقاطر على مصلحة الشرطة القضائية بولاية أمن أكادير والنيابة العامة، يتهمون فيها جمعية "الود للعمل الاجتماعي والتضامني"، تحمل صفة منعش عقاري، بالنصب والاحتيال وعدم تنفيذ عقود. متقاعد ضحية رئيس جمعية مؤسس الجمعية موظف بإحدى الإدارات العمومية بالجهة، عمل منذ مدة على إنشاء عدد من الوداديات والجمعيات، لتوفير السكن وسط أكادير وخارجها. وتمكن من إنجاز مشاريع عبارة عن عمارات بالمدينة، أغلبها ما زال غارقا في مشاكل تنظيمية وإدارية ومالية وعقارية، فيما لا تزال أخرى مجرد "أوهام" عالقة بين الأوراق والتصاميم بمقر الجمعية وردهات المحاكم. وقضت المحكمة في عدد من الملفات بإدانة المسؤولين عن الهيأة العقارية، وعلى رأسهم رئيس الجمعية، بالحبس النافذ وإرجاع المبالغ لأصحابها. من بين الضحايا موظف متقاعد بأكادير، سقط مثل غيره، ضحية للنصب والاحتيال وعدم تنفيذ عقد، من قبل شخص أسس الجمعية واستقطب العشرات من الأشخاص، موهما إياهم بإنشاء مشاريع عقارية ومساكن سياحية بأكادير وقرب شاطئ الكيلومتر 25 بـ"إيمي ودار"، شمال أكادير. وتم تسويق المشاريع عبر صفحة "فيسبوك"، ليتقدم بدوره بشكاية ضد الجمعية يتهم فيها رئيسها الموظف الذي توارى عن الأنظار، بعد أن بدأت المحكمة تصدر ضده ومن معه، أحكاما قضائية تؤكد تعرض المنخرطين الحالمين بالسكن لعملية النصب. بداية النصب عمل الرئيس على إعداد تصاميم وصور للمركب السياحي المسمى مشروع الأمل شاطئ 25 المزعوم، لإيهام ضحاياه بمصداقيته، مستعينا بعمليات تجارية وتسويقية من داخل مكتب الجمعية وعبر صفحة "الفيسبوك". المتقاعد تقدم قبل سنوات، بطلب الاستفادة من المشروع بشرائه ل"بانكالو" تحت رقم 148 وآخر تحت رقم 36، تبلغ مساحة كل واحد منهما 155 مترا مربعا، بمبلغ إجمالي قدره مليون و240 ألف درهم، يؤدى على شكل أقساط، حسب الثابت في طلب الانخراط. وأدى المنخرط للجمعية القسط الأول بقيمة 160 ألف درهم بواسطة شيكين بنكيين، وتسلم مقابلهما وصولات صادرة عن الجمعية حاملة المشروع. مركب سياحي فوق ملك غابوي ظل المتقاعد كغيره من المهاجرين الراغبين في الاستفادة من المشروع، يستفسر عن مآل المشروع السياحي بعد مرور سنوات، غير أنه كان دائما ما يتوصل بأجوبة غير مقنعة، أجبرته على الشك في صحة الإنجاز، خاصة بعد مرور عدة سنوات على الوعد المقدم إليه، وهو ما دفعه إلى الاتصال برئيس الجمعية، الذي بدوره ظل يتماطل ويعده بأن أشغال المشروع ستنطلق في القريب. وعندما التقى المشتكي بغيره من المستفيدين، أكدوا له بأنهم جميعا وقعوا ضحايا نصب واحتيال من قبل أعضاء الجمعية، وأن العقار موضوع المشروع لم تنجز به أي أشغال، لأنه ملك غابوي غير مسموح فيه البناء، ما جعل المنخرط المتقاعد يوجه إنذارا للجمعية باسترجاع أمواله المدفوعة. كما أجرى معاينة تفيد بعدم إنجاز أي أشغال بموقع العقار. وتأكد للمشتكي بأن المسؤول توارى عن الأنظار بعد أن استصدر بعض المنخرطين أحكاما قضائية بالحبس النافذ ضده بتهمة النصب، وأن الشرطة القضائية بأكادير تعذر عليها إيصال الاستدعاء له. تورط شخصيات كشف تسريب صوتي عبارة عن دردشة، أجراها الرئيس القديم، عبر تطبيق "واتساب"، مع منخرطي مشروع التجزئة السياحية، تورط أشخاص آخرين خارج الجمعية، عقدوا مع الرئيس في 2018 اتفاقا عبارة عن وعد بالبيع، وتم بموجبه تسويق القطعة الأرضية التي وجهتها الجمعية لمشروع سكني سياحي، رغم أنها في ملكية إدارة المياه والغابات. وأبرمت عقود الوعد بالبيع بين هؤلاء باعتبارهم مالكي العقار، وتسلموا بموجبها مبالغ مالية كبيرة من الجمعية. وأكدت الوثائق التي حصل عليها المنخرطون أن العقار الذي سوقته الجمعية، وتسلمته بموجب عقود وعد بالبيع من مجموعة من الأشخاص، يوجد في ملكية المياه والغابات، ويمنع منعا باتا البناء بداخله. وأوضح الرئيس في التسريب بأن الجمعية لجأت إلى المحكمة لاسترجاع الأموال من مالكي الأرض، قائلا بأنهم تماطلوا سواء في تسليم الأرض أو إعادة المبالغ التي توصلوا بها. الحبس النافذ لرئيسين أدانت المحكمة الابتدائية بأكادير في 28 يوليوز 2022، أعضاء الجمعية من أجل ما نسب إليهم من تهمتي النصب وعدم تنفيذ عقد، وحكمت على رئيسيها السابق والحالي، بستة أشهر حبسا نافذا، وغرامة 2000 درهم، وأدانت مساعدة تجارية، بثلاثة أشهر حبسا نافذا وغرامة ألف درهم، مع تحميلهم الصائر تضامنا والإجبار في الأدنى. وقضت المحكمة بأداء المتهمين الثلاثة تضامنا للطرف المدني ( منخرط) تعويضا ماليا قدره 20 ألف درهم، وبأن يعيدوا له تضامنا أزيد من 162 ألف درهم، و تحميلهم الصائر تضامنا مجبرين في الأدنى، وقضت بإخراج الجمعية بصفتها مسؤولا مدنيا من الدعوى. لغز الوعاء العقاري خلصت المحكمة إلى أن ما قام به المتهمون كل من جانبه، جلب لجمعية "الود للعمل الاجتماعي والتضامني"، نفعا ماليا، يتمثل في ضخ مبالغ مهمة بحسابها البنكي، وأدى إلى إفقار الذمة المالية للمشتكي. وأنه من خلال التصريحات والوثائق، تأكد للمحكمة ثبوت ارتكاب المتهمين للأركان المادية لجنحة النصب، وأن ما قام به المتهمان، الرئيس الحالي والسابق، تأكيدات خادعة وإخفاء واقعة صحيحة تتمثل في إيهام الطرف المدني بأن التصميمين الهندسيين موجودان على أرض الواقع، وسيتم تشييد موضوعهما، في حين أن الوعاء العقاري لم يتم اقتناؤه بعد. إشكالية الوعد بالبيع شدد الحسين بكار السباعي، محام بهيأة أكادير، على أن المشرع المغربي تطرق لجريمة النصب في الفصل 540 من القانون الجنائي، والذي ينص على أنه "يعد مرتكبا لجريمة النصب، ويعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات وغرامة من خمسمائة إلى خمسة آلاف درهم، من استعمل الاحتيال ليوقع شخصا في الغلط بتأكيدات خادعة أو إخفاء وقائع صحيحة أو استغلال ماكر لخطأ وقع فيه غيره ويدفعه بذلك إلى أعمال تمس مصالحه أو مصالح الغير المالية بقصد الحصول على منفعة مالية له أو لشخص آخر.وترفع عقوبة الحبس إلى الضعف والحد الأقصى للغرامة إلى مائة ألف درهم، إذا كان مرتكب الجريمة أحد الأشخاص الذين استعانوا بالجمهور في إصدار أسهم أو سندات أو أذونات أو حصص أو أي أوراق مالية أخرى متعلقة بشركة أو بمؤسسة تجارية أو صناعية". وأوضح السباعي، الباحث في الإعلام والهجرة وحقوق الإنسان، أن السماح لمجموعة من الأشخاص بتأسيس جمعية على شاكلة شركة عقارية، تمارس البيع والشراء في الشقق للراغبين في الاستفادة من السكن، بعد انخراطهم في الجمعية، يرتبط بقانون تأسيس جمعية، لكن ليس على شكل شركة، بل على شكل ودادية سكنية، تتكون من مجموعة من الأشخاص يريدون الحصول على السكن لحسابهم، فيجتمعوا على شكل جمعية مؤسسة بصفة قانونية، وفق ظهير تأسيس الجمعيات الصادر يوم 3 جمادى الأولى 1378 (15 نونبر 1958). ولا يمكن في هذه الحالة الاستفادة من اقتناء العقارات إلا بالنسبة إلى الأشخاص المنتمين إلى الودادية السكنية، بينما الشركات المدنية العقارية التي نظمها المشرع بمقتضى القانون 31.18، اشترط فيها المشرع عدة مقتضيات، منها التسجيل في سجل وطني إلكتروني للوكالات، يعهد بتدبيره إلى الإدارة، وتتم من خلاله عملية إشهار جميع الوكالات المضمنة بسجلات الوكالات المتعلقة بالحقوق العينية والممسوكة من قبل كتابات الضبط بالمحاكم الابتدائية، وبعدها يتم مسك هذا السجل على دعامة ورقية أو إلكترونية من قبل كتابة الضبط بالمحكمة التابع لها مكان تحرير العقد، مع إخضاع مسكه لرقابة رئيس المحكمة أو القاضي المعين من قبله، وتحديد كيفية تنظيمه ومسكه بمقتضى نص تنظيمي. وأكد السباعي بأن قانون الالتزامات والعقود المغربي لم ينظم الوعد بالبيع بشكل صريح، رغم أن المعاملات اليومية فرضته، مبرزا أن هذا العقد يقوم على الإيجاب والقبول، ويلتزم فيه أحد الطرفين أو كلاهما بأن يبرم في المستقبل عقدا بالبيع في الظروف وحسب الشروط. إرجـــــاع الأمـــوال مــــع الســـجــن تفاعل نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، مع قضية النصب على الحالمين بالسكن، مبرزين أنه لا يمكن تنفيذها من قبل شخص واحد، بل هناك متورطون في الخفاء، مناشدين بتشديد العقاب عليهم وتدخل الدولة لتعويض الضحايا. أول التعليقات كانت من شاب، شدد على أن "هذا النصاب لم يفعل هذا وحده، إذ يجب محاسبة كل الذين ساهموا في النصب على المواطنين بدون تمييز، وخلاصة القول، هو كيف سيسترد الضحايا رزقهم؟ هذا إن لم يقم المتهمون بتهريبها، أما السجن، فلن يجبر الضرر الكبير للضحايا. يبدو أنهم مستعدون للسجن لأمد طويل، على تنفيذ مطلب الضحايا باسترداد أموالهم المهربة". وقال آخر "في الواقع الدولة هي المسؤولة الأولى والأخيرة، وهناك من سيقول "الطمع طاعون" أو "الطماع يقضي عليه الكذاب" أو شيء من هذا القبيل...حسنا أين هي الدولة، أين المراقبة أين وأين و أين وأين. المهم والمفيد هل سيتم تعويض المتضررين واسترجاع أموالهم، "هادا هو المفيد" سجنه ولو 20 سنة مثلا لا يفيد المتضررين". بينما غرد آخر، "هذا نصب واحتيال لم يسبق له مثيل في التاريخ، أستغرب كيف تنشأ هذه المجموعات الاحتيالية في المدن الكبرى دون علم الإدارات الحكومية، وتنصب على الناس لمدة طويلة دون أن يشعروا بها. هذا غباء، ما يجعل الناس لا يثقون في أي شيء. فمن الواجب على حكوماتنا أن تقضي على مثل هذه الحالات وأن تنزل عقابا شديدا على مثل هذه المجموعات النصابة". وحمل آخر المسؤولية للدولة لأنها، "هي لي خاصها تعوض هاذ الناس، وتسد هاد الثغرة القانونية فأقرب وقت ممكن. راه ما يمكنش تشري عقار وتعطي رزقك بلا حتى شي ضمانة ! راه هادشي ماكيدخلش لراس!"، ودعا معلق على أن يكون "الحل الوحيد هو أن يرجع المتهمون للناس أموالهم، بدون شروط مع السجن الطويل ليكونوا عبرة لمن لا يعتبر".