السياحة بفاس… الانبعاث

ارتفاع في إقبال السياح الأجانب ورهان مهنيين على استثمار تألق المنتخب بقطر استعادت فاس بريقها وانتعش بشكل لافت للانتباه، القطاع السياحي ونسبة الإقبال عليها ومنشآتها السياحية، من قبل السياح الأجانب، بعد ركود تضرر منه جميع المهنيين والتجار والسكان ممن انشرحوا لانفراج الأزمة وعودة الدفء لجيوبهم والاستقرار النفسي والاجتماعي، إليهم ولعائلاتهم. الأرقام الرسمية تزكي حقيقة الانتعاشة وتحسن أرقام الإقبال على الفنادق وليالي المبيت ومدتها، تزامنا مع ارتفاع عدد السياح الوافدين على فاس، من عدة جنسيات خاصة من أمريكا وفرنسا وإيطاليا وألمانيا وهولندا، وبارتفاع مطرد في رقم نظرائهم العرب ومن إفريقيا ودول أخرى. إعداد: حميد الأبيض (فاس)- تصوير: (أحمد العلوي المراني) جالست جريدة «الصباح» مهنيين وتجارا وزارت فضاءات سياحية بمدينة تتنفس هواء السياحة. ولمست درجة الارتياح لعودة الروح لقطاع «مات» سنتين وانبعث من تحت رماد الأزمة. كل الوجوه منشرحة لانتعاشة قطاع مراهن على تزايدها استثمارا للتألق الكروي للمنتخب بقطر. حركة كثيفة الحركة كثيفة في تلك العشية قرب باب بوجلود وعلى طول الطريق في اتجاه البطحاء أو إلى قلب المدينة العتيقة. الصورة من فوق مقهى عتيقة، ناطقة أكثر مما تلوكه الألسن. مئات من المتجولين يسيرون في اتجاهين متقابلين، نسبة مهمة منهم سياح أجانب هجروا الفضاء مكرهين قبل سنتين. سائحتان ومرافق لهما منهمكون بالتقاط صور لأبعد نقطة ترصدها أعينهم وكاميراتهم، من سطح بناية مقهى تحافظ على تقليديتها. يؤرخون بها وللحظة ب»سيلفيات» وفيديوهات مباشرة، تختصر حجم الفرح والانبهار بما يكتشفون، لا يتوانون في الجهر به لما يسألهم النادل حول روعة المكان. «super» كلمة اختصرت بها سائحة فرنسية شعورها، كما أخريات وآخرين انتشروا في السطح نفسه أو أمام تلك الباب التاريخية، للتوثيق لزيارتهم، فيما جلس آخرون على طاولات مقهى أخرى بالممر، يرتشفون كؤوس شاي منعنع وهم يتبادلون أحاديث بلغات توحي كلما لو أن العالم اجتمع هناك. في هذا المكان وفي غيره من المزارات السياحية، يذوب الانتماء وتتجانس الثقافات والجنسيات وألوان البشرة. العابر يسمع كل اللغات ويفهم حتى من دون إدراكها، درجة الانبهار ببنايات من قلب التاريخ. سياح مشدوهون ببراعة المعمار المغربي العتيق مما يكتشفه بعضهم لأول مرة. المشاهد نفسها تتكرر يوميا وبمواقع مختلفة في الرصيف والبطحاء والطالعة الكبيرة وأمام ضريح المولى إدريس باني فاس ومؤسسها، وبباب جامع القرويين وحيثما تشتم رائحة التاريخ من بنايات فاس العتيقة التي تحرسها أسوار شامخة شموخ مدينة استعادت حيويتها وانتعشت سياحيا. إقبال كبير سياح أجانب موجودون في كل ممر وزنقة وفضاء، غير ما كان عليه الوضع تزامنا مع انتشار فيروس كورونا. الإقبال الخارجي زاد تدريجيا. الجميع منشرح، السائح المكتشف لعبق التاريخ في مدينة، وسكانها وتجارها ومهنيو السياحة، ممن عاد الدفء لجيوبهم بعودة السياح لزيارة فاس. الانشراح باد على وجوه الجميع بفاس المنتشية بانتعاش سياحي تتمناه أكبر وبمشاريع أضخم على غرار التفاتة وزارة السياحة الأخيرة بتخصيص 72 مليار سنتيم لإقامة مشاريع ضخمة وسلسلة فنادق عالمية في غضون السنوات الثلاث المقبلة، خامس أهم مدينة مستفيدة من هذا المشروع الهام. التجار ومهنيو السياحة والصناعة التقليدية و»البازارات»، أكثر ارتياحا لإقبال السياح الأجانب على المدينة في العالم الماضي والارتفاع الهام في عددهم في الشهرين الأخيرين، متمنين دوام الحال وتحسنه أكثر، مراهنين على تحسن غير مسبوق بعد الإنجاز التاريخي للمنتخب المغربي بالمونديال. «الحركة السياحية تحسنت بشكل ملحوظ، والمدخول زاد بعد كساد وأزمة خانقة طالت وتضرر منها كل من يوجد بين أسوار مدينة فاس العتيقة الباكية على وضع عشناه وأدينا ثمنه من راحتنا واستقرارنا الاجتماعي والعائلي، والنفسي أيضا» يقول إدريس تاجر زرابي وملابس تقليدية. أمثاله ومرشدون ومهنيو النقل السياحي وكل من له صلة بالقطاع، منشرحون لانفراج وضع متأزم عانوا فيه ومنه، كما العاملون في الفنادق ودور الضيافة التي عرفت ليالي المبيت فيها ومدتها، ارتفاعا مطردا يعد بانقشاع «ضباب» الأزمة بعدما خيم على أسوارها وبناياتها، طويلا. استعادة العافية استعادة السياحة عافيتها بعد انتكاسة رافقت انتشار كورونا، واضحة في ارتفاع نسبة إقبال السياح على المدينة خاصة الأجانب وما رافقها من ارتفاع في ليالي المبيت في المنشآت السياحية ومتوسط مدة الإقامة، فيما يراهن المهنيون على تحسن أكبر مستقبلا بعد نتائج المنتخب في مونديال قطر. وسجلت أرقام مندوبية السياحة انتعاشة كبيرة إلى نهاية نونبر الماضي بنسبة مهمة قابلة للارتفاع في الشهور المقبلة استثمارا لتحسن صورة المغرب، بعد التألق الكروي وسعي سياح جنسيات مختلفة لزيارته لاكتشاف نفائس، بما فيها تلك بفاس الزاخرة بمعالم دينية وتاريخية وثقافية وعمرانية. 669 ألف سائح زاروا مدينة فاس في 11 شهرا الماضية بنسبة زيادة بلغت 69 بالمائة مقارنة مع المدة نفسها من سنة 2021، أقل من نصفهم قضوا مددا في منشآتها السياحية بانخفاض طفيف قارب 6 بالمائة، يتقدمهم سياح الولايات المتحدة ب58 ألف سائح والفرنسيون ب53 ألف سائح. الإقبال الأمريكي معتاد لكنه ارتفع بنحو 45 ألف سائح مقارنة مع السنة السابقة، كما إقبال السياح الفرنسيين الذين زاد عددهم ب37 ألف سائح، فيما يتفاوت الإقبال بين باقي الجنسيات الزائرة مدينة فاس خاصة الإسبان والإيطاليين والألمان والهولنديين والأفارقة ومن المملكة المتحدة. زيادة نسبة إقبال سياح إيطاليا أكبر مقارنة مع دول أخرى. وبلغت 1322 بالمائة وارتفع رقمهم من 1392 في سنة 2021 إلى 19850 سائح في 11 شهرا الماضية متبوعين بالهولنديين والألمان والإسبان، على غرار السياح العرب الذي سجل إقبالهم على مدينة فاس طفرة نوعية. تحسن ملحوظ تصدر السياح العرب قائمة الوافدين على مدينة فاس في نونبر الماضي، ب11ألف زائر، أي ما يعادل ثلث الزوار المتحدرين من دول عربية أخرى ممن زاروها في 8 أشهر الأولى التي تفاوتت فيها أرقام الإقبال الشهرية لتبلغ دروتها في أكتوبر المسجل سدس الإقبال في 11 شهرا. الارتفاع المسجل في التدفقات السياحية للسوق العربية وباقي أهم الأسواق العالمية المصدرة سيما الأمريكية والهولندية والإسبانية والإيطالية والفرنسية، ساهم في نمو سياحي هام وتدريجي بين الأشهر، رغم الانخفاض الطفيف المسجل في نونبر مقارنة مع الأرقام المعلن عنها في أكتوبر. التحسن في نسبة إقبال السياح رغم تفاوت عددهم بين الجنسيات والشهور، رافقه ارتفاع ملحوظ في عدد ليالي المبيت في مؤسسات الإيواء المصنفة بالمدينة، بلغت نسبته 69 بالمائة إلى نهاية نونبر، إذ سجلت نحو 669 ليلة مبيت بينما لم تتجاوز في سنة 2021، نحو 395 ألف ليلة. الارتفاع لوحظ أيضا في أرقام الوافدين على الفنادق المصنفة الذين بلغ عددهم 329 ألف سائح بنسبة زيادة فاقت 119 بالمائة، شغلوا 3549 غرفة خلال المدد الزمنية التي قضوها بالمدينة، مع وجود تفاوت بين الفنادق، منها 1099 غرفة بفنادق 4 نجوم، و544 غرفة من فئة 5 نجوم. هذه الانتعاشة رافقها انخفاض في متوسط مدة الإقامة في الفنادق، من 3 ليال في 2021 إلى ليلتين فقط بين يناير ونونبر من العام الماضي الذي استعادت فيه السياحة عافيتها واستعاد معها المهنيون استقرارهم النفسي والاقتصادي، بعد سنتين من المعاناة بسبب ظروف كورونا. المستقبل واعد "الحمد لله هناك انتعاشة هامة للقطاع السياحي بمدينة فاس بعد فترة ركود عاينناها وعانى فيها كل المهنيين من أزمة خانقة لها تداعيات على أسرهم وكل القطاع" يقول فيصل اللبار مستثمر في القطاع السياحي، مشيرا إلى أن كل الجهات المتدخلة لها علاقة باستعادة القطاع لعافيته. وأكد أن المستثمرين يجاهدون ويبذلون جهودا مضاعفة بموازاة الوزارة وكل المتدخلين، للحفاظ على هذا التحسن الملحوظ في الإقبال الكبير للسياح الأجانب وفي ليالي المبيت بفنادق المدينة، وللرفع من متوسط مدة الإقامة، و"نتمنى أن يكون ازدهار السياحة والاقتصاد أكثر مستقبلا". "كنتمناو الخير وما غادي يكون غير الخير" يختصر فيصل تطلعه لمستقبل القطاع، مراهنا على تحسن إضافي في الشهور المقبلة، مؤكدا أن كرة القدم ونتائج المنتخب بمونديال قطر، قدمت خدمة كبيرة واستثنائية للسياحة ويجب استثمارها بشكل ذكي وجيد، متوقعا ظهورأسواق جديدة. حسن تسويق مؤهلات مدينة فاس السياحية، سيزيد من جاذبيتها للاستثمار في المجال ونسبة الإقبال من طرف السياح ومن مختلف الجنسيات والدول المصدرة إن المألوفة منها أو الجديدة. وذاك حلم مهنيي القطاع ممن يتوقعون انتعاشة أخرى غير مسبوقة بدء من العام الجاري وطيلة شهوره. وتحتاج مدينة فاس لتطوير عروض السياحة الدينية والثقافية والإيواء لتكون قادرة على المنافسة والتنافس على الجذب الممكن للاستثمار والسياح الأجانب والمغاربة حتى بمحيطها المفروض أن يتكامل في ما بينه، خاصة مع مكناس وإفران ومختلف المناطق الجبلية الزاخرة بمؤهلات طبيعية. منحى نمو تصاعدي لكن... التدفق المتواصل للسياح الأجانب سيما على المدينة العتيقة لاكتشاف نفائسها الكثيرة والمتنوعة بعد سنتين حدت فيهما جائحة كورونا من حركية الرحلات والتنقلات وأصابت السياحة بالسكتة القلبية وقتلت سبل عيش مهنييها، يشجع على الحلم بوضع أفضل بعد استئناف وتيرة الانتعاش. كل المؤشرات مشجعة على تدارك النكبة واستعادة العافية وعودة الروح والقوة لأسوار تاريخية بمدينة 12 قرنا، تستمد حيويتها وجاذبيتها وصمودها في وجه كل عوادي الزمن مهما قست، من انتعاشة قطاع تعيش فيه ومنه آلاف الأسر تحتاج جرعات أمل جديدة تحيي فيها نفس الرضا. وضع القطاع على سكته الصحيحة والموصلة للمستقبل، ممكن كما تسريع وتيرة إقلاعه واستعادة العاصمة العلمية جاذبيتها وإشعاعها وتمكين المهنيين من مزيد من التطلع لآخر نفق متبق من أنفاق تبعات جائحة قتلت الأجساد والقطاعات. الحلم قائم وممكن تحقيقه، لكن دون عثرات. ومن تلك العثرات سيادة سلوكات مسيئة للسياحة بالمدينة، بينها مضايقة سياح داخل الأسوار وفي المدينة الجديدة، من طرف المختلين والمشردين والمتسولين والمرشدين غير القانونيين، ما قد تكون له نتائج سلبية، كما كل وسائل الابتزاز للسائح والحرفي والتاجر، سيما بالمدينة القديمة. ومن ذلك شبكة مفككة، أخيرا، ومكونة من 4 أشخاص ابتزوا أصحاب محلات تجارية محاذية لدار الدبغ منبع الجلد المغربي الأصيل، وفرضوا عليهم إتاوة شهرية للسماح لزبنائهم السياح بالتقاط صور بهذه المعلمة، خادشين بذلك سمعة مدينة تحتاج جهودا لتنقيتها من كل الشوائب المضرة باسمها.

السياحة بفاس… الانبعاث

يمكنكم مطالعة تتمة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة تتمة المقال بعد:

أو مجانا بعد

احتـواء سخـط المواطنيـن

صيادلة الجديدة يحتجون

مقالات ذات صلة