بن بطوش باق على رأس ما تبقى من بوليساريو

غالي وزع مبالغ مالية مباشرة على "بلطجيته" المكونين من النساء وأعضاء الميلشيات المسلحة أسدل الستار، السبت الماضي، عن إحدى حلقات مسرحيات بوليساريو سيئة الإخراج، بعدما قرر القائمون على إخراجها بثكنة عنتر على تمديد إقامة بن بطوش في القصر الأصفر بالرابوني، في محاولة يائسة لإعادة إحياء مشروعهم الباهت، الذي لا ينفك يصدر لنا الصور المتناقضة، التي تكشف عشوائية تسيير تلك المخيمات ومن يشرف عليها. ولعل آخر ابتكارات "الكابرانات" كما يسميهم البعض، هو محاولتهم إعطاء الانطباع بوجود منافس لابن بطوش على زعامة بوليساريو، بالرغم من أن الجميع يعلم أن الأمر كان محسوما منذ البداية، فقد تم انتقاء الأغلبية الساحقة ممن سموا عبثا بالمؤتمرين من طرف ابراهيم غالي و زبانيته الذين يتزعمهم كريكاو، كما تم توزيع 230 فردا من مختلف تلاوين الأجهزة الأمنية الجزائرية على قاعات المؤتمر المنعقد وسط القواعد العسكرية الجزائرية، و أماكن الندوات، وكذلك نقط التفتيش و الاستقبال، لأجل ضمان إخراج هذه المسرحية بالطريقة التي تريدها المرادية، و وفقا للمعايير التي تسعى إليها لكسر أي محاولة لخروج بوليساريو عن عباءة الجيش الجزائري. المؤتمر الذي رصد له جنرالات المرادية مبلغ 3,000,000 إورو من أموال الشعب الجزائري، استهله ابراهيم غالي بتوزيع مبالغ مالية مباشرة على بلطجيته المكونين من النساء و أعضاء الميلشيات المسلحة، حيث لفتوا الأنظار منذ اليوم الأول بنشر دعايته و الترويج له قبل انطلاق مسرحية العسكر الجزائري الرامية إلى امتصاص غضب سكان المخيمات، وإسكات صوت قيادات بوليساريو المعارضة لبن بطوش من خلال الدفع بالبشير مصطفى السيد للترشح لقيادة بوليساريو وهزمه "ديمقراطيا"، لكي يواصل بعد ذلك قائد سكتور تندوف العسكري تسييره للمخيمات عبر الآليات نفسها وبمساعدة الوجوه نفسها. وأمام انكشاف اللعبة فقد أبلغ رهط ليس باليسير من القيادات السابقة لبوليساريو على رأسها محمد لمين البوهالي، الذي رفض المشاركة في هذا المؤتمر واكتفى بالقعود في منزله بحي مسان بتندوف، وبولاهي السيد و فاطمة المهدي و مصطفى سيدي البشير وبابية الشيعة، المسؤولين الجزائريين عن عدم استطاعتهم العمل مع إبراهيم غالي، وطالبوا بإعفائهم من أي مسؤولية داخل التنظيم، الذي أدخله بن بطوش في دوامة من التعارك على النفوذ و أصبح هم القيادات داخل الحركة هو التقرب من الجزائر. لقد بلور هذا المؤتمر الأضحوكة حقيقة لا يمكن نكرانها، و هي أن ما بقي من بوليساريو لم يعد جزءا في الصراع حول ملف الصحراء، فهذه المجموعة من الكهول و العجائز التي ظهرت متشبثة بكراسيها تدور في الأسباب و الأساليب نفسها، تتنعم بدولارات و دنانير الجزائر بعيدة كل البعد عن واقع مخيمات اللاجئين المرير و المأزوم و المأساوي، إذ أنها، و في الوقت نفسه الذي كانت تتصرف في ملايين الأوروات على مسرحيتها بمخيم الداخلة، كانت أجور معلمي المخيمات تتأخر لقرابة ستة أشهر، و كان ما يسمى بمقاتلي الناحية العسكرية الأولى يريدون علاواتهم التي وعدهم بها إبراهيم غالي قبيل المؤتمر، لكنه فضل أن يصرفها على زبانيته الذين استجلبهم للتطبيل له. و بانتخاب غالي دخلت بوليساريو مرحلة جديدة من الموت السريري، إذ أن الرجل فشل و خلال سبعة سنوات في جمع كلمة بوليساريو ورصها خلفه، بل ظهر مكابرا يرفض الاستماع لخصومه و أصدقائه مديرا ظهره لكل المبادرات في المخيم مهما كان مصدرها، يوزع الأموال الجزائرية على كل من يطبلون له وينشرون صوره على مواقع التواصل الاجتماعي و زياراته الاستعراضية للخارج، وخلق بذلك كتلا متصارعة داخل بوليساريو لا هم لها سوى جمع الأموال و التقرب من الجنرالات بأي ثمن كان، في حين ظل سكان المخيمات تائهين في صحاري لحمادة، لا وثائق جزائرية تحميهم توفر لهم أبسط ظروف العيش، ولا مفر أيضا من مخيمات محاصرة بحواجز رملية وآلاف العساكر الجزائريين المدججين بمختلف أنواع الأسلحة يمنعون الخروج و الدخول إلا بإذن من المكتب العسكري، في ضل ازدياد الفقر والبطالة الجائحة التي تغتال كل أحلام الشباب الصحراوي، حيث سجلت دائرة اللجوء و الهجرة بفرنسا في سنة 2022 التحاق قرابة 3000 شاب من مخيمات تندوف بهذا البلد لأجل طلب اللجوء السياسي، هربا من بطش قادة بوليساريو و الجيش الجزائري الذين حولوا المخيمات إلى غابات يفترس فيها تجار المخدرات والقيادات الفاسدة بعضهم بعضا على حساب اللاجئ البسيط الذي في أحسن أحواله يتم حرقه في إحدى آبار التنقيب عن الذهب، دون أن تشتم رائحته. عمليا و ضمنيا، بعد انتهاء مسرحية المؤتمر بإعادة تعيين الجزائر للمغتصب إبراهيم غالي على رأس بوليساريو، لم يبق لهذا التنظيم سوى أن يستجمع ما تبقى من عيدانه ليحرقها معا، إذ كيف سيقود غالي حركة مقسمة مكسرة لا مكان لها بين الصحراويين المعنيين بالنزاع الذين أغوتهم، وكذبت عليهم ردحا من الزمن ليكتشفوا أنها مجرد دمية جزائرية وستظل كذلك و لو تطلب الأمر إبادة ما تبقى من الصحراويين المنتمين إلى المنطقة وتهجيرهم إلى الخارج، بعد أن استطاعت تغيير التركيبة السكانية للمخيمات من خلال استجلاب آلاف الأزواد من منطقة الساحل و جنوب الجزائر.

بن بطوش باق على رأس ما تبقى من بوليساريو

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الهروب الكبير

6 سنوات لتلميذ قتل زميله بالجديدة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات