الأسرة والتعليم… علاقة توتر

دراسات وتوصيات تناولت وظائف الأسرة وأدوارها في العملية التربوية دون الوصول إلى وصفة لم تتمكن أغلب الدراسات والمراجع والتوصيات المنجزة خلال العقدين الأخيرين من ضبط العلاقة الممكنة والصحيحة بين الأسرة والمدرسة، أو بين الأسرة والعمليات التربوية على وجه التدقيق، إذ يختزل دور الأولى في وظائف بدائية، مثل المراجعة والاتصال بالأساتذة أو إدارة المؤسسة في حال وجود مشكل، أو المساعدة على تنظيم أنشطة موازية والمشاركة فيها، بينما تحتكر الثانية الوظائف الأساسية. واعتبر الميثاق الوطني للتربية والتكوين، منذ سنوات، أن التربية ليست وقفا على المدرسة وحدها، مؤكدا أن الأسرة هي المؤسسة التربوية الأولى التي تؤثر إلى حد بعيد في تنشئة الأطفال وإعدادهم للتمدرس الناجح وتؤثر في سيرورتهم الدراسية والمهنية بعد ذلك. ونص الميثاق على أن للآباء والأولياء واجب العناية والمشاركة في التدبير والتقويم، كما حث المربين والأساتذة على إمدادهم وتزويدهم بكل البيانات المتعلقة بالتلاميذ وبمختلف المعلومات المهمة، للقيام بواجبهم على نحو جيد بتمدرس بناتهم وأبنائهم. من جهتها، أوصت الرؤية الإستراتيجية للإصلاح 2015-2030، بإرساء آليات كفيلة بتمكين الأسر من التتبع اليقظ لأبنائها، ومواكبة تحصيلهم الدراسي والتكويني ودعمه، والإسهام المنتظم في العناية بالمدرسة، وفي تحقيق مشروع المؤسسة. كما اقترحت إشراك الأسر في تدبير المؤسسة، عبر تثمين دور جمعيات آباء وأمها وأولياء التلميذات والتلاميذ، المدعوة لتجديد منهجيات عملها، وتقوية تعاونها مع المؤسسات، ومشاركتها الفعلية في التدبير والتتبع، وكذا توفير فضاءات للتنسيق والحوار المنتظم معها داخل المؤسسات التعليمية والتكوينية. هناك أيضا إقامة مدرسة أمهات وآباء وأولياء المتعلمين، من خلال تنظيم دورات تكوينية لفائدة أسر التلميذات والتلاميذ، مثل محاربة الأمية وبرامج للتوعية والتحسيس ومساعدة الأسر على استعمال بعض الوسائل الديداكتيكية. ورغم سيل التوصيات والدعامات والبرامج، مازال سؤال الأسرة والتعليم يطرح على نطاق واسع، إذ يحمل باحثون المسؤولية إلى هذا الكيان العائلي في تراجع جودة وأداء التعليم، وتخليه عن التربية الأساسية والمواكبة وتوسيع هوة الهدر المدرسي في أوساط التلاميذ، بينما تبرر الأسر ذلك بالتحولات العميقة التي طرأت على المجتمع المغربي وانشغال الآباء والأمهات، على حد سواء، بتوفير مصاريف الحياة والدراسة، على حساب الحيز الزمني المفروض أن يمنح للأبناء. واستعان الباحثان المغربيان، عزيز رسمي ويوسف إهمال، بخمس دراسات أساسية باللغتين الفرنسية والإنجليزية لتشخيص العلاقة بين الأسرة ومؤسسة التعليم وإمكانيات التعاون بينهما، وتمكنا من إنجاز عدد من الخلاصات المهمة نشرت في 2021 بمجلة "منهجيات" المتخصصة. وخلص الباحثان إلى أن إشراك الآباء في مسار تمدرس الأبناء ليس دائما أمرا سهلا، إذ يرتبط نجاح هذه التدخلات بمشاركة جميع الشركاء الآخرين (المدرسة، الأسرة، المجتمع)، من خلال تعزيز أشكال التبادل والتفاعل بغية تحقيق تدخل ملائم ناجع لصالح التلميذ. ويأتي قرار إشراك الوالدين، حسب الدراسة نفسها، انطلاقا من ثلاثة أبعاد رئيسية، هي بناء دور الأم والأب والولي، والشعور بالكفاءة مقابل النجاح في المدرسة، ثم الدعوات والطلبات وفرص المشاركة المتوفرة من قبل الطفل والمعلم. وفضل الباحثان هذا النموذج لأنه يركز على العناصر التي تسمح للتلميذ بالشعور بالدعم، مع الأخذ بعين الاعتبار مسألة تحدي أي مسار يقرر الآباء الانخراط، أو عدم الانخراط عبره في المسار الدراسي لأطفالهم. وأكدت الدراسة أن توقعات الآباء المنخفضة بخصوص نجاح الأطفال تشكل عاملا مؤثرا في النجاح الدراسي للطفل، كما أن هناك مجموعة من المواقف العائلية التي تؤثر على السلوك الاجتماعي والمدرسي للأطفال، منها الوقت الذي يمنح إلى الطفل والانضباط الأسري وتدبير الزمن الدراسي ومكانه ورد فعل الآباء تجاه ضعف النتائج الدراسيّة المحصلة. يوسف الساكت

الأسرة والتعليم… علاقة توتر

يمكنكم مطالعة تتمة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة تتمة المقال بعد:

أو مجانا بعد

إغلاق ملعب الرباط في وجه "الديربي"

إزلماطن يستقيل من رئاسة خنيفرة

مقالات ذات صلة