التعليم… أزمتنا المقلقة

مغاربة فقدوا الثقة في مدرسة تشجع على الهدر وتفرخ العاطلين والحكومة تعترف بأرقام مخجلة يقدم الواقع الحالي لمنظومة التعليم والتكوين والتربية مزيدا من المواد الأولية الخام لرسم صورة سوداء، أو مضببة على الأقل، للمستقبل، كما يحتل النقاش حول المدرسة والتحصيل والهدر والبطالة صدارة الاهتمام بالشأن العام، في ظل "حصلة" الحكومة في تقديم وصفة إنقاذ حقيقية، منذ الاستقلال إلى اليوم. ورغم مجهودات الإصلاح المبذولة منذ تسعينات القرن الماضي لإعادة الجاذبية إلى المدرسة، وربطها بالمقاربات والمناهج وبرامج تنمية القدرات والمهارات وإعداد التلاميذ للولوج إلى سوق التكوين المهني والشغل والتعليم العالي الجيد، فإن "شيئا ما" مازال يربك هذا المشروع الوطني ويحوله إلى أضغاث أحلام. ويتحول التعليم، بالتدريج، إلى هاجس لدى كثير من الأسر التي تعتقد أن أبناءها (خصوصا في التعليم العمومي)، يهدرون أوقاتهم في مؤسسات غير نافعة مهمتها تخريج العاطلين والمعطوبين معرفيا وتكوينا، ولا يصلحون في النهاية إلى أي عمل. وكشف التقرير التحليلي لـ"تطبيق الميثاق الوطني للتربية والتكوين 2000-2013"، عن مكامن الخلل في منظومة التربية والتكوين بالمغرب خلال العشرية الأخيرة وبداية العشرية الحالية، منها تأخر في ولوج التعليم الابتدائي، خاصة وأن النسبة الخام للتمدرس، مقارنة مع مجموع الأطفال البالغين 6 سنوات، تبين أهمية الجهود المبذولة لتحقيق تمدرس كافة هؤلاء الأطفال. كما أن نسبة التمدرس في السلك الإعدادي تظل محدودة، ذلك أن 85 في المائة فقط من هذه الفئة هم الذين ولجوا الإعدادي خلال السنة ذاتها، علما أن أكثر من الربع، أي 28 في المائة من هؤلاء الأطفال، ما زالوا يتابعون دراستهم في التعليم الابتدائي، وهو ما يعني استمرار التأخر الدراسي وارتفاع نسبته تدريجيا مع ارتفاع نسبة تمدرس هذه الفئة العمرية (12–14 سنة). فالتأخر يتنامى مع تقدم أعمار التلاميذ بدرجة يستحيل فيها التعميم النوعي للتعليم الإلزامي، أي خروج التلاميذ من السلك الإعدادي في السن المحددة لذلك. وذكر التقرير أن عدم تعميم التعليم الثانوي الإعدادي على المستوى الوطني يجد تفسيره في الوضعية الخاصة بالوسط القروي، سيما تشتت السكن وعدم تغطية كافة الجماعات الترابية بالمؤسسات الإعدادية، ومستوى عيش الأسر المحدود، الذي يحول دون تحمل تكاليف التمدرس بالمدينة القريبة، بعيدا عن مقر سكن الأسرة. ويتوقع حسب فرضيات علمية مدروسة، تعميم التعليم الإعدادي بالوسط القروي، على الأرجح في 2019. ويلاحظ من خلال فحص المعطيات الخاصة بنسب الدراسة لدى ثلاثة أفواج للتلاميذ الجدد المسجلين في التعليم الابتدائي العمومي في السنوات 2000، 2001، و2002، أن من بين كل 100 تلميذ مسجل في السنة الأولى من التعليم الابتدائي العمومي سنة 1999، 35 في المائة فقط منهم تمكنوا من استكمال الدراسة بهذا السلك في متم 2005 دون أي تكرار، وأن 18 في المائة منهم أتموا التعليم الإعدادي في نهاية 2008، وأن 6 في المائة منهم فقط استكملوا الدراسة بالتأهيلي في متم 2011، وتفيد المعطيات ذاتها أن 3 في المائة فقط منهم حصلوا على الباكلوريا في السنة ذاتها دون أي تكرار. يوسف الساكت تشخيص جديد رسمت وثيقة النموذج التنموي الجديد صورة باللون الأسود عن واقع التعليم، محددة أعطابه في ستة، أولها طبيعة مستوى هيأة التدريس من حيث الاستقطاب والولوج (60 في المائة حصلوا على الباكلوريا بميزة مقبول، و25 في المائة حصلوا عليها في سن 18)، ومن حيث القدرات والإمكانات (فقط 67 في المائة من مدرسي التعليم الابتدائي يتوفرون على قدرات عالية في مجال الرياضيات، و3.5 في المائة في العربية). ويتمثل العطب الثاني في أنظمة التقييم، إذ يغيب التقييم المستقل، ويتم النجاح دون التمكن من المهارات المطلوبة، ناهيك عن غياب أنظمة الدعم والتقويم التي تجعل 13 في المائة من التلاميذ المغاربة يعانون صعوبات القراءة، واضطرابات التعلم. ثالثا، شكل ومضمون النموذج البيداغوجي من حيث حجم المحتوى التعليمي كما ومدة زمنية وتنوعا وكثافة، إذ تسجل الوثيقة أنه رغم السنوات الطويلة التي يقضيها التلميذ في حجرات الدرس، فإن الحصيلة تكون هزيلة سواء في اكتساب الكفايات الأساسية من قراءة وحساب وكتابة، أو في إتقان اللغة الأجنبية، أو في امتلاك المهارات الحياتية، أو في وضوح المسار الدراسي، لتكون الخلاصة مراكمة النواقص التي لا تكتشف بسبب فشل نجاعة نظام التقييم والمتابعة. رابعا، المستوى القيمي الذي يضعف بسبب المقاربات البيداغوجية المتعددة، وضعف الانسجام، بل وتعارض القيم والمبادئ في المواد الدراسية، ومحدودية الأدوار الوظيفية للمدرسة المغربية في ترسيخ الحس المدني والانفتاح على المحيط. هناك الجانب المالي، عطبا خامسا، أي حجم الموارد المالية المعبأة التي لا تضمن الوضع الاجتماعي المريح للأستاذ الفاعل الأساسي في الإصلاح. وأخيرا، المقاربة المعتمدة في الإصلاح المطبوع بانعدام الاستمرارية وغلبة المركز على الهامش والجهة، وبعدم إشراك كل الفاعلين، وانعدام التجريب قبل التعميم، وضعف آليات التنسيق بين مختلف المتدخلين المؤسساتيين، هذا إلى جانب تغييب آليات التتبع والتقييم. "توريط" الشركاء الاجتماعيين والاقتصاديين والمجتمع المدني عموما توريطا إيجابيا يخدم المنظومة التربوية ببلادنا ويسهم في تحقيق الجودة المنشودة في قطاع التربية والتكوين المغربيين. ي.س

التعليم… أزمتنا المقلقة

يمكنكم مطالعة تتمة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة تتمة المقال بعد:

أو مجانا بعد

وزارة الصحة: من المتوقع انتهاء الموجة الحالية من كوفيد في الأيام القليلة القادمة

استنفار بطنجة بسبب المونديال

مقالات ذات صلة