ملاعب القرب بتطوان وطنجة… بقرة حلوب

توفر مداخيل مالية كبيرة وتتسبب في صراعات بين جمعيات يتم وصفها بـ "ملاعب القرب"، لكنها في كثير من الأحيان وبعديد من المناطق تكون سببا في "البعد" و"الفرقة" والاختلاف.. في عدد من العمالات والأقاليم يهيمن عليها أشخاص، لم يكن هدفهم قبل هذه المبادرة الاهتمام بالرياضة أو الاعتناء بالرياضيين من الأطفال واليافعين وحتى الشباب. ولكن عندما تأكدوا أن هذه الفضاءات الرياضية بمثابة "بقرة حلوب"، تجود بمداخيل مالية يومية وشهرية، تحولوا فجأة إلى أصحاب جمعيات، تارة وهمية وأخرى فعلية، يسعى رؤساؤها لـ "بسط سيطرتهم" على ملاعب أنشئت خصيصا لجعل الرياضة في متناول الجميع، قبل أن تغدو مداخيل هذه الملاعب سببا في الصراعات والتطاحنات، التي ما تكاد تهدأ حتى تشتعل من جديد.. يوسف الجوهري(تطوان) رغم الغاية النبيلة التي أنشئت من أجلها ملاعب القرب بتطوان، إذ فاق عددها 34 ملعبا تختلف في مساحاتها، وتتنوع في الرياضات التي تمارس بها، وكذلك من حيث عدد لاعبي الفرق التي تخوض مباريات داخلها، فإن مشاكل هذه الملاعب تتفاقم وتختلف من ملعب إلى آخر. من بين هذه المشاكل الشكاية التي توصل بها عامل إقليم تطوان منذ أزيد من سنة، حول "تدبير وتسيير الملعب الرياضي تمودة" ، وهو ملعب كبير خاص بمباريات كرة القدم التي يشارك فيها كل فريق متنافس بـ 11 لاعبا. شكاية جاء فيها أنه منذ تسليم هذا الملعب إلى إحدى الجمعيات ورئيسها "ينتهج سياسة ليست لها أي علاقة أو صلة ببنود وفصول اتفاقية الشراكة"، التي تنص حسب الشكاية التي حصلت "الصباح"على نسخة منها، على "العمل بشكل تشاركي وممنهج"، "بل على العكس اتسمت هاته الفترة بالعشوائية في التسيير والانفراد في القرارات، لا من حيث الشق المالي أو الإداري الذي يهم التدبير اليومي لهاته المنشأة الرياضية...". الشكاية التي حملت أختام ثماني جمعيات رأت أن اتفاقية الشراكة الموقعة بين عمالة تطوان وجمعية للدعم الرياضي من أجل تسيير ملعب "تمودة" عرفت إقصاء باقي الجمعيات التي طال التهميش أعضاءها، وأقصى المشرف عليها باقي الجمعيات من التسيير ومن استغلال الملعب في خوض التداريب والمباريات، لتبدأ موجة من التشكي والمراسلات، التي وضعها المتضررون لدى سلطات الإقليم. هكذا بين التوقيع على الاتفاقية والممارسة الميدانية، ظهرت الاختلالات، في منشآت رياضية عمومية، أحدثت لاحتضان الجميع، ولكي يستفيد منها كل ممارس للعبة وعاشق لمجاراة ومداعبة الكرة المستديرة، لكن يظهر أن "الرغبة في الاستحواذ" قد شكلت عائقا أمام طموح عينة من الجمعيات، التي صارت محرومة من ملاعب بتطوان طالما انتظرتها. وحسب ما أكده عدد من الأشخاص الذين التقتهم "الصباح"، فإن "عملية استغلال ملاعب القرب من أجل إجراء مباريات في كرة القدم المصغرة بين الفرق أو الأصدقاء، يكلف ما بين 50 درهما و80 وقد تصل إلى 100 درهم، وعن كل استغلال رياضي يمتد على مدى ساعة من الزمن"، وهي العائدات المالية التي غالبا ما تجعل الرغبة في الاستفادة من هذه المداخيل هاجسا يحضر حتى لدى غير المهتمين بالرياضة أو ممارستها. وبعكس السعي وراء الربح المادي، كان الهدف الذي قاد بعض أصحاب الشهادات المختصة في التدريب لخوض تجربة الإشراف على تسيير ملاعب القرب بتطوان، بناء على انتقاء من قبل المسؤولين عن قطاع الرياضة بالإقليم. ومن هذا الصنف يظهر مدربون ولجوا غمار التجربة منذ 2016 بعد مبادرة من المديرية الإقليمية لقطاع الشباب والرياضة، وعمالة الإقليم على عهد الوالي السابق، واختيار لجنة للأعمال الاجتماعية، تم وعد المساهمين فيها بإدماج من وقع عليهم الاختيار لينالوا رواتب شهرية. لكن يظهر أن حماس البدايات سرعان ما فتر، ليجد عدد من المدربين المشرفين أنفسهم رهن تجربة تم رفع أيدي المسؤولين عنها، وليبقى العاملون بها بتطوان يعيشون على ما يؤديه المستغلون لهذه الملاعب، التي غابت المجانية عنها، ليحضر الأداء الذي فرضه الواقع، حتى يتسنى للمشرفين على ملاعب القرب أداء مصاريف الصيانة والنظافة وأداء أجور الحراس والعمال... ولتظل ملاعب القرب بتطوان رهينة التسيير العشوائي. طنجة... هل أنهت الشراكة الفوضى..؟ لم تكن ملاعب القرب بطنجة في منأى عن الصراعات والخلافات، التي تعرفها هذه المنشآت الرياضية بتطوان، فحسب ما صرح به أحد المشتغلين في هذا المضمار، فإن "انطلاق العمل بملاعب القرب عرف نوعا من التسيب والسعي إلى فرض السيطرة من قبل أشخاص بعيدين عن المجال الرياضي، ولا تربطهم به أي صلة، عدا الرغبة في الاستفادة من الأموال التي يؤديها بعض مستغلي هذه الملاعب، من أجل إجراء مقابلات رياضية يتم تنظيمها على مدار ساعات اليوم"، وهي المباريات التي تعرف ذروتها عند نهاية كل أسبوع. ونتيجة لـ "الاستغلال الفوضوي"، كان لابد للجهات المسؤولة أن تتدخل لفرض النظام، ومن أجل إحداث نوع من التسيير المعقلن والمنظم لهذه الملاعب" حسب ما صرح به لـ "الصباح"، أحد الفاعلين الرياضيين بطنجة. ويؤكد هذا المتحدث أن "اتفاقية شراكة جمعت بين ولاية جهة طنجة تطوان الحسيمة والعصبة الجهوية لكرة القدم بطنجة تطوان الحسيمة" والمديرية الجهوية للشباب والرياضة، كانت منطلقا لنوع من التنظيم الذي صارت تعرفه ملاعب القرب بطنجة والبالغ عددها أزيد من 100 منشأة رياضية، تم إحداثها في إطار برنامج "طنجة الكبرى". وأضاف مصدر "الصباح" أن "اتفاقية الشراكة التي تم بموجبها تسليم هذه الملاعب إلى العصبة الجهوية لكرة القدم من أجل الإشراف عليها، وضعت، نوعا ما، حدا لفترة "السيبة" وهيمنة أشخاص غرباء عن الرياضة على هذه الفضاءات الرياضية"، ذلك أن عصبة كرة القدم وبمقتضى الاتفاقية التي جمعتها مع السلطات الإقليمية، "عقدت بدورها اتفاقات مع الفرق والجمعيات الرياضية المنضوية تحت لوائها"، بعد الإعلان عن تلقي طلبات، تمخض عنها تقديم عدد من المهتمين لملفاتهم". وبعد دراسة ملفات الجمعيات أو الأندية الراغبة في الإشراف على تسيير الملاعب، يقول مصدر "الصباح" إن "الملفات التي كانت تتوفر فيها الشروط حظيت بالقبول والاستجابة، إذ عملت العصبة على عقد اتفاقات شراكة مع كل جمعية على حدة، يتم تسليمها بمقتضاها مسؤولية الإشراف على هذه الملاعب"، مقابل "استفادة العصبة الجهوية لكرة القدم من نسبة 20 في المائة من المداخيل المؤداة لاستغلال هذه الملاعب لإجراء المقابلات الرياضية"، فيما "تستفيد الجمعية المشرفة على التسيير من نسبة 80 في المائة من المداخيل، تخصصها لأداء مصاريف الصيانة والحراسة والنظافة وأداء أجور العمال". وعن جدوى هذه الطريقة في التسيير، قال مصدر "الصباح" إن الأمور عرفت "الكثير من التحسن في تسيير عدد من الملاعب، التي كانت وضعية بعضها، قبل هذه الاتفاقيات، تتسم بالفوضى والإهمال، الذي أثر على مرافق هذه الملاعب". ويعترف المتحدث ذاته أن هذه الطريقة في الإشراف على الملاعب المذكورة "لم تنه جميع مشاكل ملاعب القرب بطنجة"، وإنما "ساهمت في الارتقاء بأوضاع كثير منها وتحسين وضعيتها وطريقة اشتغالها"، في انتظار أن يتم القضاء على جميع مشاكل هذه المنشآت الرياضية، التي تعد قيمة مضافة في المجتمع المغربي.

ملاعب القرب بتطوان وطنجة… بقرة حلوب

يمكنكم مطالعة تتمة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة تتمة المقال بعد:

أو مجانا بعد

اعتقال شقيقين يروجان المخدرات

جماعات في مستنقع النواب

مقالات ذات صلة