الحاجة إلى قضاة من الجيل الجديد

الأطفال خارج مؤسسة الزواج يواجهون توجها محافظا يعرقل إيجاد حلول تساير روح العصر قال رشيد وهابي، محام بهيأة الجديدة، إن مشكل الأطفال الذين يزدادون خارج مؤسسة الزواج من أعوص المشاكل التي تعرفها حياتنا اليومية، مشيرا إلى أن هذه القضية تحتاج منا جميعا ودون خوف من الأصوات المعارضة التي تتشبث بتلابيب الدين والسنة بعلم وبدون علم، إلى إنصاف أطفال يولدون بدون أن يكون الأب والأم متزوجين، ويتم وصفهم باللقطاء و"أولاد الحرام" من مجتمع لا يرحم ويتم منعهم من أن يحملوا أسماء آبائهم. وكشف وهابي في حديث مع "الصباح"، الحاجة الماسة إلى قضاة من الجيل الجديد المؤمنين بحقوق الأطفال وفق المواثيق الدولية، مضيفا "بدأ بعض القضاة من الشباب والشابات يجتهدون لحفظ حقوق هؤلاء الأطفال، ولاشك أننا نتذكر جيدا حكم المحكمة الابتدائية بطنجة في 2016، الذي حكم بحق الطفل المولود خارج إطار الزواج في إثبات بنوته لأبيه البيولوجي، وحق الأم في الحصول على تعويض عن الضرر الذي لحقها جراء إنجاب ناتج عن هذه العلاقة، وهو حكم يمتح من مبادئ القوانين الدولية". وأورد المتحدث نفسه، أنه في الوقت الذي كان فيه الحقوقيون والمتتبعون للحكم يمنون النفس بأن تؤيد محكمة الاستئناف بطنجة، وتفتح الباب مشرعا لتوجهات قضائية جديدة تحفز من أجل حقوق جديدة لهؤلاء الأطفال، لم تكن هذه المحكمة مع الموعد وأرجعت بقرارها الذي ألغى حكم المحكمة الابتدائية القضاء المغربي القهقرى، معدمة بقرارها كل قاضية وقاض شاب يريد أن يجتهد ويجد لإيجاد حلول قانونية لمشاكل أطفال يريد المجتمع والقضاة المحافظون أن يبقوا بدون هوية ونسب. وشدد المحامي وهابي على أن مدونة الأسرة سنة 2004 حين مكنت المخطوبة في المادة 156، التي حملت أثناء فترة الخطبة وقبل إبرام عقد زواجها، من التوجه للقضاء، لكي تطلب إثبات نسب المولود للخاطب الذي لم يعترف به، عن طريق اللجوء إلى الخبرة الجينية، كانت أول إشارة واضحة لتوجه الدولة بشكل ضمني نحو القضاء على أطفال الشوارع، الذين يتم إنكار نسبهم من قبل آبائهم. وخلص رجل القانون إلى أن مدونة الأسرة وقبل حوالي عشرين سنة أعطت إشارات قوية إلى أن الخبرة يجب أن تكون في مستقبل الأيام محددا للنسب في حال إنكار الأب البيولوجي لنسب ابنه، وإن لم يكن ذلك صراحة لكن كان تلميحها قويا، لكي يلتقط القضاء هذه الإشارات، ويجتهد في قضائه وأحكامه لحفظ حقوق أبناء يتم وصمهم باللقطاء، وآبائهم معروفون ومن شأن خبرة جينية في حال إنكارهم أن تصدق إنكارهم أو تكذبه. ولم يفت المحامي وهابي إبداء أسفه الشديد حول موقف غرفة الأحوال الشخصية في محكمة النقض، التي هي التوجه الرئيسي لاجتهادات باقي المحاكم، موضحا أنه مازال يطغى على توجهها التوجه الشديد المحافظ، الذي لا يساير العصر ومشاكله الجديدة دون إيجاد حلول مبتكرة تساير روح العصر. وكشف المتحدث نفسه أن القضاة الشباب ممن لهم رؤى مختلفة تساير روح المدونة وفلسفتها المجددة بعيدون عن الوجود بغرفة الأحوال الشخصية بمحكمة النقض، مشيرا إلى أن الأمل معقود على التوجه الجديد لرئيس محكمة النقض، الذي يسير في اتجاه الاعتماد على الوسائل الحديثة للإثبات، ومنها الخبرات الجينية بشكل عام، حسب تصريح سابق له مع قضاة محكمة النقض. ولم يفت المحامي وهابي التساؤل، لماذا نغيب قول الله في محكم كتابة في سورة الأحزاب في الآية 5 : (ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم وكان اللَّه غفورا رحيما)، وأوضح المحامي ذاته أن هذه الآية نزلت للرد على من كان يتبنى أبناء وينسبهم إليه رغم أن آبائهم معروفون، مشيرا إلى أن القرآن الكريم طلب منهم من باب القسط والعدل أن تتم نسبتهم إلى آبائهم الحقيقيين، وهذه الآية تبين بشكل واضح لا غبار عليه أن العناية الإلهية تتجه إلى نسبة كل مولود إلى أبيه الحقيقي. وأضاف وهابي "لماذا نسينا أن الأصل في الشريعة الإسلامية هو حفظ الأنساب، ولماذا نترك جانبا القاعدة التي تؤكد أن الشارع يهدف لإثبات النسب ونسعى كسعي أفاعي موسى لقطع نسب البعض، ونحن نعلم أن البشر الوحيد الذي لا نسب له إلا نسب أمه، هو النبي عيسى، وأن كل مولود له أب بنطفته خرج هذا المولود للوجود". وشدد المتحدث على أن ترك الأبناء بدون نسب وعدم اعتماد الخبرة الجينية على من أنكر، مخالف لمدونة الأسرة وللشريعة الإسلامية، داعيا المشرع إلى ضرورة التدخل بنصوص صريحة، لأن بعض القضاة المحافظين لا يجتهدون مع التلميح، بل يحتاجون إلى نصوص صريحة، وواضحة تنسيهم ما كبروا عليه. محمد بها

الحاجة إلى قضاة من الجيل الجديد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الشباب يرفضون الجنس خارج الزواج

مراكز حماية الطفولة... القانون المهدور

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات