لمريسة… يا جبل هزك الريح

مشاكل تعرقل سيرها وتؤرق سكانها والمدينة القديمة تنتظر انتهاء الأشغال خلف أسوار المدينة القديمة لسلا، التابعة لمقاطعة لمريسة، توجد الكثير من بؤر المشاكل التي لا تنتهي. هناك يتحدث السكان عن معاناتهم بسبب الدور الآيلة للسقوط، وأشغال التهيئة التي مازالت مستمرة وتعيق تحركاتهم. وغير بعيد عن تلك الأسوار، تنبعث مشاكل أخرى، من جملتها الباعة المتجولون الذين يقفون حاجزا أمام خروج حي سيدي موسى، مثلا، من العشوائية والفوضى، ويحكمون قبضتهم على المنطقة، رغم توفر السوق النموذجي، إلى جانب البناء العشوائي الذي يجد له مكانا مهما في خانة مشاكل المقاطعة. إنجاز: إيمان رضيف- تصوير: (عبد المجيد بزيوات) تجمع مقاطعة لمريسة بين الأحياء الشعبية والراقية، لكن أغلب مشاكل هذه المقاطعة يعيش سكان الأحياء الشعبية تفاصيلها. لمريسة مثلها مثل الكثير من المقاطعات، تعاني جملة من المشاكل، وتحاول إيجاد حلوله لها، لكن في الكثير من الأحيان، تبقى تلك الأزمات في الواجهة ويصعب التخلص منها. فمن خلال هذه الورقة، نسطر أبرز مشاكل هذه المقاطعة، لننتقل إلى رئيس المقاطعة عبد القادر الكيحل لإعطائه الكلمة وللإجابة عن بعض الأسئلة. المدينة العتيقة... أشغال لاتنتهي تعود تسمية مقاطعة لمريسة إلى بابها المعروف بباب لمريسة المشيد في القرن الثالث عشر الميلادي إبان العهد المريني، إذ كان مدخلا رئيسيا للسفن، وميناء صغيرا، وورشة لإصلاح القوارب والسفن. واعتبر بفضل موقعه الإستراتيجي مركزا مهما للتبادل التجاري بين المغرب وأوربا. وتتميز المقاطعة بمآثرها التاريخية وسورها البالغ طوله 4.5 كيلومترات، لكن هذا السور يخفي الكثير من المشاكل، والتي كانت أيضا محور اجتماعات كثيرة جمعت مسؤولين في قطاعات عديدة، من أجل إعادة تهيئة المدينة العتيقة، وإصلاح ما أفسده الزمن. فبعد سنوات من انطلاق أشغال تهيئة المنطقة، مازالت الكثير من العائلات تنتظر حصولها على منازل لائقة للسكن، ولن تشكل أي خطر عليها، لأن عملية الإصلاح لم تشمل جل البنايات داخل المدينة العتيقة. ومن بين المشاكل الأخرى التي تعرفها المنطقة بطء أشغال التهيئة، فرغم أن المشروع الذي وضع من أجل تحسين صورة المدينة القديمة، أوشك على الوصول إلى مراحله الأخيرة، مازالت الأشغال في بعض الأحياء في بداياتها، وهو ما يعرقل تحرك السكان، ويقلقهم، فيحرصون على نقل معاناتهم للمسؤولين، كلما أتيحت لهم الفرصة، لكن دون جدوى. فما تعيشه المدينة العتيقة لسلا، يرهق السكان والزوار أيضا، سيما أن المنطقة تعتبر وجهة سكان الأحياء الأخرى والذين يقصدون "القيسارية" والمحلات التجارية الموجودة فيها. السوق النموذجي والفوضى المرور من شارع سيدي موسى لا يكون سهلا في الكثير من الأوقات، وذلك بسبب الباعة المتجولين الذين يحولون الشارع إلى سوق تحكمه الفوضى. فرغم أن المسؤولين شيدوا سوقا نموذجيا، ووزعت محلاته على مجموعة كبيرة من التجار، تعم الفوضى المكان، وفي غفلة من السلطات ينصب الكثير من الباعة الخيام لبيع الملابس المستعملة وأيضا الخضر والفواكه. يقول مهراز، فاعل جمعوي، ومن سكان مقاطعة لمريسة، إن نسبة كبيرة من شباب المنطقة يعانون البطالة، ولا يجدون حلا، سوى التحول إلى باعة متجولين لانتشال أنفسهم من الفقر، ومحاولة الخروج من مستنقع الأزمات المادية. ويضيف مهراز في حديثه مع "الصباح"، أنه على المسؤولين التدخل للقطع مع الفوضى التي يعرفها سوق سيدي موسى، مشيرا إلى أن الواقع يرهق سكان المنطقة ويزيد معاناتهم اليومية. وتابع الفاعل الجمعوي حديثه بالقول، إن سكان المنطقة، لا يشتكون فقط، انتشار الباعة المتجولين، الذين يفرضون فوضى عارمة، إذ يعانون أيضا بسبب تصرفات بعضهم، سيما الذين يزرعون الخوف في نفوس الكثيرين، وكل من حاول التعبير عن احتجاجه على الأوضاع التي آلت إليها المنطقة، رغم توفير السوق النموذجي، لاحتواء الباعة وتنظيم تجاره. البناء العشوائي... النقطة السوداء تجمع مقاطعة لمريسة الأحياء الراقية والفخمة وأخرى عشوائية. فغير بعيد عن مرينا وأزقتها الفخمة، يوجد حي النور الذي يتخبط في مشاكل كثيرة، ويغوص في العشوائية. يعتبر "حي النور" من أكثر أحياء مقاطعة لمريسة التي تعيش وضعا يمكن اعتباره كارثيا. فقد خرج سكان هذا الحي، أكثر من مرة، للحديث عن مشاكل لا تنتهي مازالت مستمرة إلى اليوم. فقد تعالت أصوات بعض سكان المنطقة، منذ سنوات، للحديث عما يعتبرونه حقائق صادمة، مؤكدين أنه رغم إعلان شركة العمران قبل بداية انطلاق إعادة الهيكلة سنة 2019 تخصيصها مبلغ 11 مليار سنتيم لتجهيز الحي، لم تقم بأي شيء يذكر، قبل أن يضيفوا أن السكان هم من تكلفوا بذلك من مالهم الخاص، رغم الظروف المعيشية القاهرة، بهدف ربط المنازل بشكة الماء والكهرباء وقنوات الصرف الصحي. لكن، في هذه الورقة سنركز أكثر على مشاكل البناء العشوائي، الذي ينخر المنطقة ويتوغل فيها دون أن تعرف محاولات السلطات لوقف هذا الزحف، نجاحا، سيما على مستوى العمارات التي شيدت قبل سنوات قليلة. يقول مهراز إن البناء العشوائي من المشاكل الكبرى التي تواجهها مقاطعة لمريسة وبشكل أدق حي النور، مشيرا إلى أنه، ومنذ سنوات، تعالت بعض الأصوات المنددة بالأمر، لكنه مازال في استمرار ويصعب توقيفه. وتابع حديثه بالقول إن حي النور، يعرف مشاكل كثيرة، وتحتاج إلى تضافر الجهود لإخراج السكان من أزماتهم ومعاناتهم. لكيحل: حلول بديلة لفوضى الأسواق رئيس المقاطعة قال إنه رغم ضعف الميزانية هناك مجهودات كبيرة للتصدي للكثير من المشاكل < يرتبط وضع سوق سيدي موسى بالأمن والسلطات، فالمقاطعة لا تتوفر على الوسائل التي تخول لها التدخل وإيقاف الفوضى التي تعرفها المنطقة بسبب الباعة المتجولين، لكن هناك إرادة قوية بتحسين الوضع، على مستوى برنامج عمل الجماعة، والتي وضعت تصورا جديدا في ما يتعلق بالتعاطي مع ملف الباعة المتجولين. وعلى العموم فلابد من تضافر جهود كل المتدخلين، لأن هناك أزمة حقيقية بسبب احتلال الشارع العام، وأن الأمر لا يهم فقط الباعة المتجولين، بل أيضا أشخاصا ينصبون خياما قارة يستغلونها لبيع بعض المنتوجات، مع الاستفادة من الإنارة العمومية. نحن ضد الفوضى، وهناك محاولات لإعادة النظر في الأسواق بشكل عام داخل المدينة، مع اقتراح بديل. < هناك مقترح بتنظيم أسواق أسبوعية متنقلة، ما سيخفف العبء عن منطقة واحدة، إذ يمكن أن تنتقل إلى سبع مناطق. ولقد بدأنا في تنفيذ المقترح، وتم تهييء التصور والبطاقات التقنية، ومباشرة بعد اعتماد البرنامج، سيتم تنفيذ التصور وتطبيقه على أرض الواقع. < إذا غاب التنسيق والتناغم بين الجماعة والسلطات المحلية، فمن المستحيل الوصول إلى النتيجة المرغوبة، سيما أن القانون لا يخول لنا الاعتماد على الوسائل الزجرية لمعاقبة المخالفين لضبط المشاكل. وأعتقد أن الأمر من المشاكل الوطنية، علما أن المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي تحدث عن أسباب ظاهرة الباعة المتجولين، وتطرق إلى غياب إمكانيات تشغيل فئات كبيرة من المجتمع، وبالتالي فإن أقرب حل تجده هذه الفئة للخروج من البطالة، هو التحول إلى باعة متجولين. < إذا كان هناك بناء عشوائي، فسيكون محسوبا على المسؤولين السابقين عن المقاطعة، أما اليوم، فكلما ثبتت أي مخالفة في التعمير، تحرر محاضر المراقبة، وتطبق في حق المخالفين العقوبات الجاري بها العمل. < أي مخالفة مسجلة، تطبق عليها المساطر القانونية، من بينها المساطر القضائية. وأعتقد أن هذا الموضوع، يجب أن يكون بعيدا عن الحسابات السياسية، وأن كل مخالف يجب أن تطبق عليه القوانين، لأنه من نتائج تلك المخالفات، ظهور الكثير من الآفات الاجتماعية. < عند الحديث عن المدينة العتيقة، لابد من الإشارة إلى مشروع إعادة تهيئتها والذي رصدت له ميزانية مهمة تقدر بـ 900 مليون درهم، وهو مشروع غير مسبوق في تاريخ سلا، علما أن نهاية الاتفاقية حددت في نهاية 2023. كانت هناك مجهودات كبيرة لتوفير السكن اللائق للكثير من الأسر، سيما ما يتعلق بـ"الفنادق" والتي تم التخلص من أغلبها، باعتبار أنها كانت مآوي غير لائقة للسكن للكثير من الأسر. كما أن هناك اتفاقية متعلقة بالدور الآيلة للسقوط، والتي تضم برنامجا قارا لتوفير 80 منزلا كل سنة. وبعدما أشرفت الوكالة الوطنية للتجديد الحضري وتأهيل المباني الآيلة للسقوط، على عملية الإحصاء العام حول أوضاع الدور بالمدينة العتيقة، ننتظر برنامجها وتصورها، لكننا نطالب، في الوقت ذاته، برفع عدد الدور التي ستستفيد من البرنامج سنويا، إذ أن تحديد العدد في 80 منزلا غير كاف. < التزمت الشركة المكلفة بتنفيذ برنامج إعادة تهيئة المدينة القديمة، خلال اجتماعات سابقة، باحترام توقيت تنفيذ المشاريع دون استثناء. وقد سجل رفع وتيرة الأشغال خلال الأشهر القليلة الماضية، علما أنها بلغت مراحلها الأخيرة. وفي المقابل سجل رفع وتيرة التتبع والمراقبة، إذ يتم تتبع الأشغال أسبوعيا، سيما المشاريع التي لها علاقة مباشرة مع المواطنين، منها تبليط الواجهات، وهناك عدد من الملاحظات، تسجل في تقرير يقدم خلال اجتماعات اللجنة الإقليمية. < غير كافية بطبيعة الحال، باعتبار أن هناك مشاكل كثيرة تعرقل تطورها، لكن هذا لا يعني أننا نبقى مكتوفي الأيدي، فرغم ضعف الميزانية نقوم بكل المجهودات للتصدي لتلك المشاكل، ونحرص على النهوض بالمقاطعة، لتكون ضمن المقاطعات المميزة.

لمريسة… يا جبل هزك الريح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الفاسي و"الإقامة الذهبية"

ضرائب المحامين... انتهى الكلام

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات