الصحة بفاس في غرفة الإنعاش

المستشفى الجامعي يؤدي ضريبة الروافد ورقعة الغضب تتسع في انتظار استئصال الأورام يوجد قطاع الصحة بفاس، في غرفة الإنعاش في انتظار من يمكنه من جرعات تحيي جسده المعتل، وعملية جراحية تستأصل أورامه. ويحتاج لمن يعالجه من أوبئته المزمنة الجاثمة بمستشفيات فقيرة التجهيز بالموارد البشرية واللوجستيكية الكافية، مهما اختلف تصنيفها.مستشفياتها أزمن مرضها بالنقص في الموارد البشرية واللوجستيكية وسيادة سلوكات مسيئة إليها تتوسع رقعة الغضب منها، وآمال الفاسيين معلقة أملا في فحص الجسد ومكامن أمراضه وعلاجها ببنيات تحتية إضافية مجهزة بكل الحاجيات للتخفيف من معاناة مرضى أرهقتهم مشاكل القطاع. إعداد: حميد الأبيض (فاس) تصوير: أحمد العلوي المراني مستشفى فاس الجامعي يؤدي ضريبة خصاص الروافد وتهاونها وسمعته لم تتحسن رغم كل الجهود كما مستشفيات الظل المراهن عليها لاستكمالها وتكثيفها. أما مستشفى ابن الحسن فيحتاج روافد مدعمة، فيما تحتاج "سبيطارات الحومة" لجرعات أنسولين توازن بين العرض والطلب الزائد عليها. مكامن الخلل يشكل المستشفى الجامعي الحسن الثاني أكبر منشأة صحية بجهة فاس وأسوأها سمعة رغم ما يبذل من جهود حثيثة لتحسين صورة خدماته، دون أن يجفف ذلك منابع مؤاخذات فعاليات ومرتفقين غير راضين على سيادة سلوكات مشينة لا يمكن إسقاطها على كل الأقسام والأجنحة والتخصصات. ويشكل استفزاز وابتزاز بعض حراس الأمن الخاص لزوار بمصلحة المستعجلات، نقطة سوداء تحجب شعاع الأمل في تحسين صورة مستشفى يتوفر على إمكانيات بشرية ولوجستيكية قل نظيرها في مستشفيات أجنبية، وأجريت به عمليات جراحية كبيرة من أطباء يشهد لهم بالكفاءة والاجتهاد. نقطة الضوء المشعة لا يمكن أن تحجب تفشي "مرضيات" بعضها تفجر واهتزت له أسواره، كما ملف استغلال معداته في الكشف عن فيروس كورونا خارج بنايته، ونظيره لسرقة أدوية ومستلزمات طبية من صيدليته وبيعها لمصحات، الذي جر للمحاكمة أشخاصا حكم على بعضهم وبرئ آخرون. صيحات الامتعاض والغضب تتوسع لتشمل أحيانا ظروف استقبال مرضى وتطبيبهم وطول مواعيد الفحص والتشخيص، ما جهرت به أصوات غير راضية على سوء الخدمات أو التقصير في تقديمها، حتى من طرف نقابيين سيما إبان توقيف ممرض واحتجاج زملائه قبل تهدئة الوضع في لقاء رسمي. أما الفرع الجهوي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، فتحدث عن تدني الخدمات الصحية في قسم المستعجلات و"استفحال مظاهر الرشوة والمحسوبية والزبونية" ليس فقط به بل في كل المستشفيات الجهوية والإقليمية التي تحولت ل"نقطة عبور" وتزيد من اختناق مستعجلات المستشفى الجامعي. ضريبة الروافد يؤدي المستشفى الجامعي ضريبة الخصاص والتقصير في الروافد بأقاليم الجهة وضاحيتها، بعدما تحولت نسبة كبيرة من المستشفيات الإقليمية لمجرد نقط عبور تشنف فيها مسامع المريض عبارة "سير لفاس" رغم توفرها على الموارد البشرية واللوجستيكية الكافية، ودون اعتبار لتبعات ذلك. من تاونات وصفرو وتازة وبولمان وإفران وغيرها يستقبل المستشفى الجامعي الحسن الثاني، حالات مرضية عادية يمكن علاجها بالمستشفيات الإقليمية، لمرضى عادة ما يتحولون لكرات تتقاذفها المستشفيات بينها، ما يفوت عليها فرص العلاج السلس وقد يتسبب في استفحال المرض أو الوفاة. وإن كان إقليم مولاي يعقوب ما زال منذ عدة سنين في انتظار "غودو" مستشفى إقليمي يعلق عليه سكانه آمال تطبيب في المستوى، فإن مستشفيات باقي أقاليم الجهة "شبه معطلة" أو "يستهتر من بها بمسؤولياتهم دون احتكام لضمائرهم" تحت مسميات "الراديو خاسر" أو "حالتك خطيرة". ويشير الفرع الجهوي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان إلى أن "أغلب الحالات الطبية تحال على المستشفى الجامعي بسبب غياب آليات ومعدات وشروط التطبيب في المستشفيات الإقليمية" "ما يطرح سؤالا جوهريا عن التنمية المفترض أن تتمتع بها كل أقاليم الجهة"، متمنيا تدارك ذلك. هذا الوضع المقلق والمرفوض يجعلها بنايات بلا حياة وغير متيحة لها، وتصدر يوميا حالات تزيد من اختناق مستعجلات المستشفى الجامعي وأجنحته المفروض استقبالها فقط الحالات المستعصى علاجها إقليميا بمستشفيات أنهكها الاستهتار بالواجب، رغم أنها معنية بعلاج مرضى قرى مثقلة بتهميشها. أعطاب الصحة التقصير في المستشفيات الإقليمية لا يخنق المستشفى الجامعي فحسب، بل يزيد من معاناة المرضى وذويهم ومصاريف استشفائهم وتنقلهم وإقامتهم سيما الوافدين من قرى وأقاليم بعيدة من حسن حظهم بناء محسنين دارا لإيواء المتوفرين على شروط محددة، ما خفف نسبيا من آلام "المغتربين". هؤلاء التجار أبناء منطقة تافيلالت سعوا لإصلاح جزء من أعطاب قطاع يعاني أزمة هيكلية وأوضاع كارثية جهويا وداخل مدينة فاس، سيما في ظل غياب أو قلة المرافق والبنيات الصحية وقلة الأطر والخصاص فيها و"الحيف والتمييز في التوزيع غير العادل للخدمات والتجهيزات والأدوية". ذاك استنتاج الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بجهة فاس بعد فحص دقيق لقطاع يحتاج عمليات جراحية لاستئصال أوبئته وحقنه بالكافي من التجهيزات والموارد والبنيات لضمان حق المواطن في العلاج والسلامة البدنية. وحيت الأطقم الطبية والإدارية على جهودها رغم ضعف الإمكانيات. هذه الجمعية رسمت صورة قاتمة لما تعيشه بعض المستشفيات من قلة نظافة وانتشار أوساخ وعدم وجود أطباء بالقدر الكافي وندرة أدوية معينة وغياب أجهزة طبية ضرورية وعدم فعالية الموجود منها لنقص وغياب الصيانة اللازمة، ما يضع "المواطن في مواجهة جشع ونهب القطاع الخاص". ولعل ما يؤرقها استفحال الأخطاء الطبية والتقصير في تقديم العلاج الضروري للمرضى بالمستشفيات العمومية، وتوجيههم للعيادات والمصحات الخاصة من طرف أطباء "بحكم ارتباطهم بها"، داعية إلى التحقيق في ذلك ومختلف الاختلالات التي تشهدها المنظومة الصحية وتؤثر على الخدمات. قلة التجهيزات تكاد المراكز الصحية بمختلف أحياء المقاطعات الست، أن تكون فارغة إلا من أسوار وتجهيزات قليلة لا تكفي للوفاء بحاجيات المرضى قاصديها أملا في العلاج والاستفادة من أدوية سيما لأمراض مزمنة نخرت أجسامهم وتهدد حياتهم في حال عدم إيلائهم العناية اللازمة من طاقم لا حيلة له. يوميا يعاين العابرون قرب تلك المراكز "اللاصحية"، عشرات الناس في انتظار طبيب وممرض تأخر وعلاج مؤجل، في مشاهد مثيرة للتقزز والشفقة حركت فعاليات راسلت المندوب الإقليمي للوزارة، طلبا للأطر الطبية والخدمات العلاجية، على غرار فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان سايس. هذه الجمعية الحقوقية نبهت إلى حالة مرضى داء السل والجهاز التنفسي، بعدما توصلت بعريضة تحمل عشرات التوقيعات وتستنكر "غياب الأطر الطبية والخدمات العلاجية الضرورية سيما في المراكز الصحية ببن دباب وسيدي علي بوغالب"، حيث يتابعون علاجهم من داء السل الخطير. وليس باقي المرضى الوافدين على كل المراكز الصحية، أحسن حالا من المصابين بالسل، كما في مستوصف الحي الجديد بزواغة والزهور/ مونفلوري وللاسكينة وتلك بمختلف الأحياء، حيث النقص واضح في الأطر الطبية والتمريضية التي لا تسلم من ردود فعل عنيفة أحيانا كما وقع بجنان الورد. ولا يتفهم مرتفقون أحيانا حقيقة غياب الأدوية الكافية، سيما تلك للأمراض المزمنة، فلا يكتفون بالجهر بغضبهم وامتعاضهم، بل يصبون جام غضبهم على من يستقبلهم ببنايات فاقدة للتجهيز أو نامت ضمائر من بها أحيانا، ما قد يتطور لاعتداءات لفظية وجسدية من قبل جانحين أو مرافقين. ملايير لتعزيز البنيات الصحية لتوفير البنيات اللازمة في روافد المستشفى الجامعي الحسن الثاني بمختلف الأقاليم، خصصت وزارة الصحة أغلفة سمينة قاربت 36 مليار سنتيم في السنة الجارية لتوسعة وتهيئة مستشفى ابن باجة بتازة ومستشفى القرب بتيسة ومركز صحي للقرب بفاس ومستشفى النهار بإفران. وتشمل هذه المشاريع أيضا مستشفى ابن الحسن للأمراض العقلية والنفسية بغلاف قارب 7.2 ملايير سنتيم، فيما وقع وزير الصحة ووالي الجهة ورئيس الجهة والمدير الجهوي للوزارة، اتفاقية لإنجاز 10 مشاريع تهم قطاع الصحة بالجهة، منها توسعة المستشفى نفسه ب3 ملايير سنتيم. 140 مليار سنتيم ميزانية مخصصة ل9 مشاريع أخرى تهم الاتفاقية لبناء وتجهيز مستشفيات جديدة بتاونات وبولمان ومكناس وصفرو وتازة والحاجب ومولاي يعقوب وتأهيل مؤسسات صحية بإفران، مع تشييد مستشفى ببنسودة بمقاطعة زواغة بفاس بغلاف مالي يقارب 20 مليار سنتيم. ولتطوير العرض الصحي بمستشفى ابن الخطيب، ستنجز مشاريع بينها تجهيز مصلحة طب العيون بأحدث التجهيزات البيوطبية، كما مصلحة للأذن والأنف والحنجرة المخصص لها 3. 5 ملايين درهم، إضافة إلى تطوير وتجهيز مصلحتي القبول والاستقبال والمستعجلات بالمستشفى نفسه. وذكر الوزير خالد آيت الطالب، ذلك في جوابه عن سؤال لنائبة برلمانية، مؤكدا أن مديرية الصحة انكبت على برنامج لتأهيل بنايات هذا المستشفى بما مجموعه 11 مليون درهم لتهيئة وتجهيز الأقسام ومصالح المستعجلات والسكري والطب الباطني وأمراض الأطفال ومرافق عامة. مستشفيات الظل تحتل مستشفيات الغساني "ظهر المهراز" وعمر الإدريسي "باب الحديد" وابن الخطيب "كوكار" وابن البيطار"السبيطار دالزيت"، الرتبة الثانية من ناحية الأهمية بعد المستشفى الجامعي. وتعاني بدورها مما يعانيه ولو بوقع ونسبة أقل. وتحتاج ما يحتاجه من موارد بشرية وتجهيزات إضافية. ويظل الطاقم الطبي والتمريضي بها، وجها لوجه مع مرضى وأقاربهم غاضبين على تدني خدمات لا حيلة لهم لتحسينها، ما يتطور أحيانا لاعتداءات وأحداث فوضى وعنف، سيما بالمستعجلات خاصة أنها أقرب لأحياء شعبية غارقة في تهميشها، تلفظ من حين لآخر جرحى حوادث "فتوة" وتجبر. انعدام شروط السلامة بالمستعجلات يغضب أطقما عاملة بها كثيرا ما احتجت وتوقفت عن المداومة أحيانا كما بمستشفى الغساني سيما بعد إصابة 6 أطباء في حوادث مختلفة، فيما لم تسلم مستعجلات مستشفيات أخرى من هجوم منحرفين خاصة أثناء المداومة ليلا، ما يضع سلامة العاملين بها في خطر. الأوضاع ببعض هذه المستشفيات أستأثرت باهتمام برلمانيين ساءلوا وزير الصحة بشأنها كما بالنسبة لمستشفى ابن الخطيب الذي بني في 1913 و"لا يرقى لمستوى المستشفى المعلمة لهشاشته وتداعي بنيانه والخصاص الحاد في أطره الطبية والتمريضية وفي التجهيزات والوسائل الضرورية". وتحتاج مستشفيات الظل بالعاصمة العلمية، جرعات أمل لتتعافى من واقع الخصاص والهشاشة الذي يزيد من معاناة العاملين بها وقاصديها للاستشفاء الذين ينتظرون أحيانا شهورا طويلة للاستفادة من موعد للكشف والفحص وإجراء العمليات، في تخصصات معينة لطب العيون والأنف. "سبيطار الحماق" يعتبر مستشفى ابن الحسن للأمراض العقلية والنفسية أو "سبيطار الحماق" كما يسميه الفاسيون، أكبر منشأة صحية في المجال، تستقبل مرضى سبعة أقاليم بسعة وتجهيزات وموارد بشرية ولوجستيكية غير كافية للاضطلاع بدورها، كاملا وفي ظروف حسنة تصون كرامة المودعين في مختلف أجنحتها. وينطبق عليه ما يعيشه المستشفى الجامعي من اكتظاظ وارتفاع الإقبال عليه في غياب مستشفيات خاصة بالمرضى نفسيا بالمستشفيات الإقليمية، أو حتى أطباء على غرار إقليم تاونات، ما يجعل التوجيه إلى فاس ضرورة حتمية بالنسبة لكل عائلة تحلم بعلاج مريضها من عقده وخلله العقلي. وحتى وإن وجدت أجنحة للمرضى نفسيا، فإنها لا ترقى لمستوى تأمين سلامة وحياة من بها، بما في ذاك بمستشفى ابن باجة بتازة، الذي شهد، أخيرا، انتحار فتاة حديثة الإيداع به في ثالث حالة انتحار لنزلائه في سنوات معدودات، ما يسائل مسؤوليه حول درجة يقظتهم ومراقبتهم. الضغط على مستشفى ابن الحسن يفضح النقص في مختلف موارده وعجز بنايته عن استيعاب كل المرضى الموجهين إليه، ما يغضب ذويهم ممن يعانون كثيرا لنقلهم من مناطق بعيدة ليفاجؤوا بعدم إيوائهم، كما حال أسرة من سيدي المخفي بتاونات، وجهت إليه في 4 مرات دون جدوى. "مشاعر عاملين في المستشفى لم تتحرك لقبول مريض يشكل خطرا على أبنائه وأسرته وسلامة المواطنين وأمنهم، والاحتفاظ به وعلاجه" رغم مراسلة قائد المنطقة مع التنبيه إلى أنه "يعتدي على عائلته بالضرب والجرح ويخرب ممتلكاتها ويعتدي على من يصادفه في طريقه ويرهب التلاميذ".

الصحة بفاس في غرفة الإنعاش

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

"خارجون عن القانون" يتحدون الداخلية

إحباط محاولتين للهجرة بالحسيمة

مقالات ذات صلة