ثورة الملك والشعب خصوصية مغربية

المؤرخ معروف الدفالي قال إن محمد الخامس تحدى الاستعمار وغامر بعرشه ووثق في شعبه قال المؤرخ محمد معروف الدفالي إن حدث ثورة الملك والشعب يعكس وجها من وجوه الخصوصية المغربية، التي تتميز بها عن باقي حركات التحرر في العالم، وهي اللحظة التي اختار فيها السلطان الاصطفاف إلى جانب قوى الشعب في مواجهة الاستعمار عوض التحالف معه كما كان معمولا به في دول قريبة منا جغرافيا وتاريخيا، كما استعاد أستاذ التاريخ بكلية الآداب عين الشق كرونولوجيا الأحداث التي مهدت لثورة الملك والشعب وأدت إلى استقلال المغرب. وأشار المتحدث نفسه إلى أن هناك رغبة لدى البعض من أجل تكريس نوع من القطيعة بين الأجيال الصاعدة وبين محطات من مراحل الماضي، وإهمال الاهتمام بالتاريخ القريب أو الراهن، في الوقت الذي يشكل هذا الاهتمام مدخلا رئيسيا للتطوير.في ما يلي نص الحوار: أجرى الحوار: عزيز المجدوب الدروس والعبر والغاية من استحضار ذكرى 20 غشت، أي ذكرى ثورة الملك والشعب؟ > الحديث عن " ثورة الملك والشعب"، في وجه من وجوهه، هو حديث عن إحدى الخصوصيات المغربية، ومن الصعب فهم مثل هذا التعبير في بلدان أخرى عاشت أوضاع الاستعمار، مثل المغرب، ففي تلك البلدان، غالبا ما كانت الأنظمة السياسية الحاكمة، إما تابعة للاستعمار ومؤيدة له، أو صنيعة له، وبالتالي لما تثور شعوب تلك البلدان على الاستعمار، لا تستثني الأنظمة الحاكمة، فتكون ثورتها ضدهما معا، أو ثورة مزدوجة تبدأ بالاستعمار وتنتهي بالنظام الحاكم . وحالة اتفاق الشعب و السلطان محمد بن يوسف ضد الاستعمار وتحالفهما من أجل طرده واستعادة الاستقلال والحرية، حالة فريدة في تاريخ حركات التحرر، وحالة ارتبطت انطلاقتها بانطلاقة الحركة الوطنية المغربية، فقد كانت هذه الحركة واعية بأهمية تحالفها مع السلطان، وبأهمية حمايته لها ضد غطرسة الاستعمار، ودفاعها عنه في حالة تعرضه لاعتداء، من قبل ذلك الاستعمار الذي لا تهمه سوى مصالحه. < يمكن القول إن هذا التحالف قد أسس لنفسه بقوة منذ نجحت الحركة الوطنية في التأسيس للاحتفال بأول عيد وطني مغربي، ونعني به عيد العرش، وعرفت كيف ترغم سلطات الحماية على إصدار ظهير يجعل من مناسبة جلوس السلطان محمد بن يوسف على العرش عيدا وطنيا، يحتفل المغرب قاطبة بذكراه كل سنة. ومنذ تلك اللحظة ما فتئ ذلك التحالف يتعمق ويزداد قوة ليعبر بوضوح قاطع عن أهدافه إبان الحرب العالمية الثانية، من خلال حركة المطالبة بالاستقلال سنة 1944، وبعد نهاية تلك الحرب عبر عدد من المحطات التي جعلت الفرنسيين لا يترددون في وضع السلطان والحركة الوطنية معا على رأس أعداء الاستعمار الفرنسي، ناهجين في حقهما نوعا من سياسة الكيد والتفكير في التخلص منهما ، فكان السؤال هو بأي منهما وجب البدء ؟ < في هذا السياق بدأت القطيعة الكبرى بين سلطات الحماية الفرنسية وبين السلطان سنة 1947، إثر رحلة زيارته لطنجة، وتعمقت هذه القطيعة سنة 1950، ثم كان إضرابه على توقيع المشاريع الفرنسية سنة 1951، وراء الضغط عليه وتهديده بالإقالة. وفي سنة 1952، صفت سلطات الحماية أحزاب الحركة الوطنية، فأغلقت مقراتها ومنعت صدور صحافتها، وألقت بعدد من رموزها في السجون والمنافي، مستغلة تضامن الحركة النقابية والحركة الوطنية، مع الشعب التونسي إثر اغتيال الرمز النقابي "فرحات حشاد". وحتى تستمر عملية التخلص من الخصوم، رفع الفرنسيون بتاريخ 17 دجنبر من تلك السنة، رسالة إلى رئيس الجمهورية الفرنسية، يطالبون فيها بخلع السلطان، وبإبعاد ولي العهد، وحل الأحزاب الوطنية، فلما نجحوا في ما أرادوا في حق تلك الأحزاب الوطنية عمدت سلطات الحماية يوم 20 غشت من سنة 1953 إلى إقالة السلطان ونفيه خارج البلد، وتعيين سلطان آخر مكانه، بعد فشل ضغطها عليه كي يقدم استقالته ويتنازل عن العرش. < لقد كان تحدي السلطان للاستعمار لدرجة تضحيته بعرشه من أجل مصالح الشعب مبادرة ثورية، قدرها الشعب حق قدرها، بإشعاله حركة مقاومة فدائية ثورية، جمعت على رأس أهدافها بين عودة السلطان وبين استرجاع الاستقلال. ويظهر أن السلطان كان واعيا بأن الشعب المغربي لن يلوذ بالصمت في حالة المس به، إذ في حوار مع نائب فرنسي تسعة أيام قبل النفي، لما سأل ذلك النائب السلطان بقوله: هل أصبحتم في عزلة لا تملكون وسيلة تبليغ صوتكم إلى حيث يجب أن يبلغ ؟ أجاب السلطان: أنا في عزلة ! إن ورائي كل شعب المغرب . وبعد نجاح المغاربة في مسعاهم التحرري بعودة السلطان وإلغاء معاهدة الحماية والاعتراف للمغرب باستقلاله، صُنفت حركة المقاومة المسلحة وحركة جيش التحرير وفعاليات الحركة الوطنية السياسية ضمن حركات التحرر الثورية، ونعتت العديد من الحركات ومن الأنظمة الثورية في العالم الملك محمد الخامس بـ " الملك الثوري ". وفي هذا المناخ اختير لذكرى 20 غشت 1953 تسمية " ذكرى ثورة الملك والشعب "، بما تعنيه هذه التسمية من تحالف ضد الاستعمار، وما جسده من تسلط وسيطرة وظلم واستبداد واستعباد ، وبما تعنيه ، كذلك ، من رد على العدوان ومن دفاع عن السيادة والكيان ، ومن وفاء لأرواح من استشهدوا في صفوف تلك الثورة . < في الاحتفال بهذه الذكرى سنة 1957 ركزت الاحتفالات على التعبير عن الوفاء لذكرى شهداء المقاومة والفداء، كما زينت شوارع الدار البيضاء ومدن أخرى، بملصقات ولافتات حملت الأيدي بعضها في الحفل الرسمي الذي أقيم بالقصر الملكي بالرباط، وعلى تلك الملصقات واللافتات، كتبت شعارات تعبر عن رأي الفعاليات السياسية إزاء الواقع، كما تعبر عن عدد من المطالب من أجل تجاوز عدد من المشاكل التي تهم الوضع الداخلي ، أو تخص العلاقة مع المستعمر السابق، بالإضافة إلى دعوات للتعاون والتكتل من أجل معركة التنمية والإصلاح والإخلاص للثورة والتضحية والوفاء للمبدأ . أما الخطاب الملكي للمناسبة فمما جاء فيه لشرح مغزى ذكرى ثورة الملك والشعب، تعريفها بأنها كانت ثورة من أجل تحرير البلاد من الاستعباد وإنقاذها من الاستبداد وإيصالها إلى مصاف الدول الراقية العظيمة، كما ربط تلك الذكرى بالمستقبل، مبينا ما يجب بذله لتثبيت الاستقلال ولإنجاز المشاريع لصالح الشعب، من تحرر سياسي واقتصادي ومن تدعيم للأمن والاستقرار وتمتين لعرى الوحدة . ومنذ ذلك الاحتفال والتجاوب أضافت ذكرى ثورة الملك والشعب إلى صفة الذكرى والوفاء، صفة أخرى هي صفة الميثاق والتعاهد على السير بالبلد في اتجاه الديمقراطية والتنمية، وعلى التشبث بالثورة الحقيقية إزاء الأوضاع بواسطة الرجال والأساليب. ولا شك أن ذلك الميثاق الذي ذكرنا والمرتبط بثورة الملك والشعب، كان دافعا من أجل بناء نظام يعتمد الإصلاح والديمقراطية، كما عبرت عن ذلك التركيبة الائتلافية للحكومة الأولى والثانية، وتأسيس المجلس الوطني الاستشاري، مقدمة لحياة برلمانية، وكذا التصاميم الاقتصادية التي برمجت العديد من المشاريع التنموية الكبرى في عهد الحكومات الأربع المتتالية ، خاصة منها حكومة عبد الله إبراهيم . الاهتمام بالتاريخ وبالموروث < من خلال تجارب بعض الشعوب، يظهر أن من بين الطرق الموصلة إلى هذا الهدف، يحضر الاهتمام بالتاريخ وبالوعي التاريخي والاهتمام بالموروث وبالثقافة، في إطار نوع من المعاصرة والمسايرة بعيدا عن أي تحنيط أو تنميط، إذ نجد بعض التجارب قد نجحت في الاستفادة من هذا الطريق. إلا أن المشكل لا يكمن في الجواب عن السؤال في حد ذاته، بقدر ما يكمن وراء أسئلة أكبر من قبيل الاستعداد لطرح السؤال، ومن قبيل الاستعداد لتبادل الرأي حوله، ومن قبيل الانفتاح على مختلف الأفكار والرؤى التي عاصرت المراحل الأولى لبداية الاستقلال، والأفكار والرؤى المتداولة حاليا ، باعتبار ذلك مدخلا رئيسيا للملامسة والتطوير . < هي كثيرة، على رأسها رغبة البعض في تكريس نوع من القطيعة بين الأجيال الصاعدة وبين محطات من مراحل الماضي، مع ما يرافق هذا الأمر من عدم الاهتمام بتاريخ الزمن القريب، أو تاريخ الزمن الراهن، وما ترتب عن ذلك من عدم معرفة ما جرى، ومن ساهم فيه، وكذا بالأفكار التي أطرته، وأعتقد أن فهم هذا الأمر نفسه يتطلب اطلاعا واسعا على التاريخ الذي ذكرناه، كما يتطلب قراءات جديدة ومتجددة لذلك التاريخ. في سطور ـ من مواليد البيضاء. ـ أستاذ التاريخ بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة الحسن الثاني عين الشق. ـ عضو الجمعية المغربية للبحث التاريخي. ـ عضو فريق الخبراء بالمعهد الملكي للبحث في تاريخ المغرب. ـ منسق مجموعة البحث «ملتقى الذاكرة والتاريخ» بكلية الآداب عين الشق. ـ مدير ورئيس تحرير مجلة «أمل» للتاريخ والثقافة والمجتمع. ـ له العديد من الإصدارات منها كتاب «أصول الحركة الوطنية بين السلفية المجددة والسلفية الجديدة» ومشاركات في ندوات ولقاءات علمية ومؤلفات جماعية.

ثورة الملك والشعب خصوصية مغربية

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الكراطي يتألق بالألعاب الإسلامية

بداية التمثيل السياسي

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات