تنظيم محكم ومراقبة صحية وتأمين الكسابة والزوار من السرقة أصبح سوق مديونة من أهم الأسواق التي يقصدها سكان البيضاء لاقتناء الأضاحي في السنوات الأخيرة، خاصة بعد محاولة تجميع المربين والتجار في مكان واحد، والقطع مع كراء "الكاراجات"، الذي كان يثير الفوضى والأزبال والروائح الكريهة، وسط أزقة وأحياء المدينة، ما شجع على فكرة سوق موحد، إذ بمرور السنوات أصبح أحد أهم أسواق الخروف، نظرا لما يوفره من خدمات، تبدأ بالحراسة والتأمين، وتنتهي بحل النزاعات بين الزوار و"الكسابة". أهم ما يميز سوق مديونة هو التنظيم، إذ أن جميع "الكسابة" يتوفرون على مكان خاص بهم، عبارة عن خيمة، توضع الخراف داخلها بعيدا عن أشعة الشمس والغبار، كما أن تلك الخيمة مجهزة بأحواض لوضع العلف والماء، الأمر الذي يحافظ بشكل كبير على صحة الخروف، ويجنبه الأمراض، خاصة في ظل طقس حار. زيادة بـ 700 درهم يقول عادل العيناني، وهو أحد المشرفين على التنظيم في السوق، بتنسيق مع السلطات والمؤسسات المنتخبة بالمنطقة، إن "السوق منظم وهادئ، وتنعدم فيه مظاهر الفوضى أو السرقة"، مضيفا "بالنسبة إلى الأسعار، فهناك ارتفاع نسبي، ويتعلق الأمر بهامش يصل إلى 700 درهم أو 800، فالخروف الذي بيع العام الماضي بـ 2300 درهم، سعره اليوم يتجاوز 3000 درهم". وأوضح العيناني، أن سبب الارتفاع يكمن في غلاء الأعلاف والمحروقات، ناهيك عن سنوات الجفاف المتوالية، مستدركا، أن العرض والطلب متكافئان، وأن الجميع سيجد أضحيته، نظرا للعرض المتنوع، سواء تعلق الأمر بالسلالات أو الأحجام المختلفة. سوق منظم وتحسنت أوضاع السوق بعد إسناد مهمة تنظيمه إلى جهة خاصة، مكلفة بجميع الأمور التي سيحتاجها "الكساب" والزائر، سواء تعلق الأمر بالتنظيم في خيم، أو جلب الماء إلى السوق، أو توفير المراحيض، وتسهيل مهمة المراقبين الصحيين، ناهيك عن الفصل بشكل حبي بين الزوار و"الكسابة". ويقول العيناني في هذا الصدد، إن "هناك حركة بيع وشراء، والعرض يقابله الطلب، عكس ما يسوقه البعض بأن الطلب ضعيف، فالجميع هنا يريد اقتناء أضحيته حسب قدرته المالية". ويضيف المشرف على التنظيم، أن العام الماضي لم تكن هناك مراحيض، ويضطر الباعة والزوار إلى مغادرة السوق نحو الخلاء لقضاء حاجاتهم الطبيعية، ويكون المال بحوزتهم ما يعرضهم لخطر السرقة، لكن هذه السنة تم تشييد عدد من المراحيض داخل السوق. وتابع المتحدث ذاته، أن السوق هذه السنة أضيفت له محلات مخصصة للأكل، وبالتالي لن يكون الزائر والبائع في حاجة إلى البحث عن الأكل في مكان آخر، كما أحدث المنظمون أيضا مسجدا للصلاة. وأما بالنسبة إلى عدد الأضاحي التي دخلت السوق، فيقول المنظمون إنها تتراوح ما بين 5 آلاف خروف و6 آلاف، تمثل جميع السلالات الموجودة في المغرب، إذ هناك سلالات من السراغنة والشياظمة وتنغير وآسفي والصويرة ومزاب ووجدة. وأشار العيناني في حديثه مع "الصباح"، إلى أن هناك بعض التحديات التي تواجه السوق، أهمها الماء، مبرزا أن الآبار القريبة من المنطقة جفت، وأصبح وصول الماء إلى السوق من أجل شرب الماشية، والكسابة وباقي الزوار، ومن أجل استعماله أيضا في الاغتسال وباقي الأنشطة، مؤكدا أن السلطات المنتخبة تعمل بجهد كبير لتوفير هذه المادة الحيوية، وتجلب الماء إلى السوق كلما توفرت لها الفرصة. ويسرد المتحدث ذاته، التحديات التي تواجه السوق، قائلا "إن بعض الزوار يشترون الأضاحي، وتكون في صحة جيدة، وهناك من كسر خروفه أثناء نقله، ويعيدونه للفلاح، ويطالبون باستبداله أو الحصول على المال، وهنا يأتي دور المنظمين للحيلولة دون وقوع خلافات حادة، ويتدخلون لإرضاء الطرفين، بتعويض الخروف بآخر، وأداء مبلغ بسيط للفلاح، والبحث عن جزارين لاقتناء الخراف التي تعرضت لحادث، ولم تعد صالحة للتضحية بها. عصام الناصيري