الزيارة تعكس توجه المملكة نحو تكريس إستراتيجية التعاون جنوب- جنوب

دشن جلالة الملك ثالث جولاته الإفريقية خلال سنة، بزيارة لدولة مالي التي ارتبط اسمها، أخيرا، بوفد الأئمة الماليين الذين يجري تكوينهم في المغرب لفائدة تأطير المساجد في دولة مالي، بالإضافة إلى حملة مساعدات طبية وإنسانية قامت بها المملكة لفائدتها، عززتها اليوم بمشروع إعادة هيكلة اقتصادية، ودعم مالي لسلطات هذا البلد الإفريقي، في سياق انخراط المغرب الإستراتيجي في ورش التعاون جنوب- جنوب. وتندرج الزيارة الملكية الجديدة، في سياق جولة تقود جلالة الملك أيضا إلى الكوت ديفوار والغابون وغينيا كوناكري. وكان جلالة الملك التزم أثناء حفل تنصيب الرئيس المالي بوباكار كايتا، بدعم دولة مالي ومساعدتها لتحقيق نهضة اقتصادية. ورافق جلالته في زيارته وفد اقتصادي هام، يضم ممثلين عن القطاعين العام والخاص، يغطون مجالات عمل مختلفة. وتعيد هذه الجولة الملكية إلى مالي، إطلاق مشروع التعاون الاقتصادي مع دول القارة الإفريقية، والاستجابة لاهتمام رجال الأعمال المغاربة المتزايد بالاستثمار في بلدان إفريقية، إذ يأملون في توقيع الحكومة مجموعة من العقود الثنائية مع الحكومة المالية، بغرض ترسيخ أرضية مناسبة للاستثمار، وفق منظور إستراتيجية التعاون المغربية الخارجية. ويشكل لقاء المسؤولين المغاربة بنظرائهم الماليين على هامش الزيارة الملكية، فرصة لإنعاش المبادلات التجارية بين البلدين، وإحياء الطريق التجارية التاريخية التي كانت تمر عبر مدينة «تومبكتو» المالية، إذ يرتبط المغرب بعلاقات اقتصادية وثقافية ودينية قديمة مع هذا البلد الإفريقي. ويركز التدخل الاقتصادي الجديد في مالي، على الاستثمار في مشاريع البنية التحتية، بما يسهل عملية الاستثمار، وتعزيز الوجود الاقتصادي للفاعلين المغاربة في هذا البلد، خصوصا عبر الشبكة البنكية المشكلة أساسا من مجموعتي التجاري وفا بنك والبنك المغربي للتجارة الخارجية، إذ يتوفر الفاعلون على نفوذ مالي مهم في دول محيطة بمالي، من خلال فروع بنكية وشركات بناء وتأمينات واتصالات في دول السنغال وكوت ديفوار والغابون. من الناحية الإستراتيجية، فإن انخراط المغرب في التعاون جنوب- جنوب يعد استجابة لمتطلبات حفظ السلام ومكافحة مسببات عدم الاستقرار، ورهانا من أجل المستقبل الذي بدأت تتشكل معالمه، إذ بدأ اهتمام القوى الدولية الكبرى يتحول في اتجاه إفريقيا، في ظل ظرفية عالمية تطبعها الأزمة الاقتصادية، لأنها المنطقة الوحيدة التي ما تزال تسجل معدلات نمو هامة، وتتوفر على ميزتي، شباب السكان، واتساع السوق الاستهلاكية المؤلفة من مليار مستهلك، بالإضافة إلى مؤهلات النمو الواعد في مختلف القطاعات. ويرتقب أن تحقق المقاولات المغربية، التي تستثمر حاليا في قطاعات البنوك والتأمينات والاتصالات والعقار والمعادن والنقل في إفريقيا، نجاحا خلال الفترة المقبلة، بالاستناد إلى المؤشرات التي أظهرتها أنشطتها الاقتصادية في هذه البلدان، إذ باتت تستحوذ على الحصة الأكبر من نموها. وفي السياق ذاته، اختار المغرب، في إطار تقيده بالتزامه المعلن لفائدة التعاون المشترك، التحرك مع الآخرين (دول الشمال)، وإثارة انتباههم إلى أهمية التعاون ثلاثي الأطراف (الشمال- جنوب- جنوب)، الذي يتيح للمغرب الاضطلاع بدور منصة للمبادلات التجارية، بفضل مختلف اتفاقيات التبادل الحر وبنياته التحتية اللوجستية أو كفضاء للتكوين ونقل الكفاءات. ورغم تغييبه عن الاتحاد الإفريقي، فإن هذا الموقف لم يخل بالتزام المغرب بالاستمرار في نسج العلاقات العادلة والمنصفة مع شركائه الأفارقة، الشيء الذي يظهر من خلال إطلاق مبادرات ملموسة للتضامن، وإنجاز مشاريع اقتصادية، بفعالية أكبر، لفائدة الدول الشريكة. بدر الدين عتيقي

الزيارة تعكس توجه المملكة نحو تكريس إستراتيجية التعاون جنوب- جنوب

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الاتحاد الأوربي يوقف دعم "راميد"

اعتقال متورطين في اختلاسات "صوناداك"

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات