المدينة العتيقة… ورش ملكي لترميم المـآثر

تعزيز المدارات السياحية بالمدينة والارتقاء بجمال الفضاءات التاريخية حميد بن التهامي (مكناس) / تصوير: أحمد العلوي لمراني في سياق الجهود المبذولة لإعادة الاعتبار للتراث التاريخي وتعزيز البنيات الثقافية بمكناس، أوشكت أشغال تأهيل وترميم العديد من المعالم التاريخية التي تزخر بها العاصمة الإسماعيلية على الانتهاء، خاصة في المدينة العتيقة. وتأتي هذه المبادرة تأكيدا للعناية التي ما فتئ صاحب الملك محمد السادس يوليها للعاصمة الإسماعيلية، بترميم ورد الاعتبار لدور العبادة والأضرحة والمساجد والمآثر التاريخية والحضارية التي تزخر بها هذه الحاضرة. وتميزت السنة الماضية على وجه الخصوص، بإنهاء عمليات ترميم وتجديد العديد من الأضرحة، على رأسها ضريح المولى إسماعيل، الذي يختزل قيما كبيرة في تاريخ المغرب، ويعد أحد أبرز المعالم التاريخية التي تزخر بها مكناس وأكثرها شعبية وجذبا للسياح المغاربة والأجانب. كما تتواصل خلال هذه السنة عمليات ترميم ورد الاعتبار للمآثر التاريخية والحضارية، والتي تختزل بين ثناياها جزئيات وتفاصيل تاريخ المغرب وحضارته العريقة. ومكنت هذه الأشغال من تدعيم الأساسات وترميم التصدعات والشقوق وتقوية الأسطح والأسقف والقباب، مع إعادة أشغال الصباغة والطلاء وصيانة شبكات المياه والكهرباء والتطهير السائل، فضلا عن ترميم مجموع العناصر الخشبية والمكونات الزخرفية، بكيفية مطابقة للأصل (الزليج والرخام والقرميد والزخارف المصنوعة من الجبس والحديد والبرونز). وتطلبت أشغال ترميم العديد من المآثر التاريخية تدخلا عاجلا ومن نوع خاص، بالنظر إلى الحالة التي كانت توجد عليها، إذ كان أغلبها مهددا بالانهيار، وفي حالة تدهور متقدمة، مثل الأسوار الإسماعيلية وبعض الأضرحة والأبراج وسجن قارة ومتحف الجامعي والأبواب التاريخية الشامخة على رأسها (باب المنصور العلج الشهير وباب القصدير، باب الخميس، باب ابني امحمد، باب الجديد..)، فضلا عن إعادة تأهيل صهريج السواني والقصبة الإسماعيلية وساحات الهديم والمشور الملكي وزين العابدين ولالة عودة، وغيرها من معالم الموروث التاريخي الأصيل، ما فرض على المشرفين على هذه العملية القيام بتدخلات، تمت على مراحل وهمت مرافق كانت آيلة للسقوط وفي وضعية متلاشية، إذ تم ترميم العديد منها بطابع تقليدي أصيل للحفاظ على رونقها واحترام أصالتها الثقافية. وستساهم التدخلات المدرجة في إطار هذا المشروع الضخم، في تعزيز المدارات السياحية على مستوى المدينة العتيقة لمكناس، والارتقاء بجمال المشهد الحضري والتنمية السوسيو- اقتصادية لهذه المدينة العريقة، مع الحفاظ على تراثها المادي، الذي يعكس عظمة التاريخ المعماري ومهارة الصانع التقليدي المغربي. ومن شأن عمليات الترميم ورد الاعتبار للمآثر التاريخية بمكناس أن تعطي زخما معماريا وثقافيا كبيرين للمدينة المصنفة منذ 1969 من قبل منظمة اليونسكو ضمن التراث العالمي، والرفع من مستوى جاذبيتها السياحية، خاصة أن المقاربات المعتمدة في مجال ترميم هذه المعالم لا تقتصر فقط على ترميم الجدران، رغم أهميتها، بل تتعداها إلى أنها عملية مندمجة تروم إدماج هذه المعالم في محيطها الاقتصادي والاجتماعي. وحسب معطيات للمندوبية الجهوية لوزارة الثقافة، فقد شملت الأشغال المنجزة، ترميم وإعادة تهيئة متحف دار الجامعي بكلفة 200 ألف درهم، وتقوية المواقع التاريخية لبرج باب لكاري بكلفة 860 الف درهم وباب الأنوار بكلفة 300 ألف درهم وصومعة جامع السنتيسي بكلفة 196 ألف درهم، فضلا عن ترميم وتأهيل عدد من المواقع التاريخية وسط المدينة العتيقة، من بينها دار الباشوات بكلفة 1697123 درهما، ومكتبة الجامع الكبير بكلفة 600 ألف درهم، وباب مراح. ولا زالت الأشغال جارية لبناء المجمع الثقافي مولاي ادريس زرهون بغلاف مالي حدد في 4 ملايين درهم. وفي السياق ذاته، صادق مجلس عمالة مكناس، خلال دورته العادية الأخيرة وبالإجماع، على مشروع اتفاقية شراكة لتمويل، وإنجاز ما تبقى من برنامج ترميم وصيانة وتوظيف التراث المعماري والحضري للمدينة. ويتضمن البرنامج، الذي خصص له غلاف مالي يصل إلى 240 مليون درهم، حماية ورد الاعتبار للمشاهد التاريخية وفقا لتوصيات منظمة «اليونيسكو» حول المدن التاريخية المدرجة ضمن مواقع التراث الثقافي الإنساني، وذلك من خلال توحيد وتزيين النسق المعماري لواجهة المدينة القديمة المطلة على وادي بوفكران وإنجاز أشغال الإضاءة التزيينية للأسوار والأبراج ومعالم تاريخية أخرى.

المدينة العتيقة… ورش ملكي لترميم المـآثر

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

اعتقال متورطين في دعارة "المساج"

جثة ستيني تستنفر أمن مكناس

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات