تدبير الأزمات بالحل السياسي

لم تكن المقاربة الأمنية، هي السبيل الوحيد الذي نهجته الدولة في التعامل مع الهزات الاجتماعية التي عاشتها. ففي أحيان أخرى، كان المدخل سياسيا، بالتقدم نحو تبني إصلاحات سياسية ودستورية، في التعامل مع مطالب الشارع. هذه الوصفة جربها الحسن الثاني، لأول مرة، منتصف السبعينات، باستغلال تنظيم المسيرة الخضراء، لتحقيق الإجماع الوطني، وتأجيل الخلافات السياسية، والخروج من أزمة الثقة التي خلفتها المحاولتان الانقلابيتان ضد النظام الملكي. وفي مرحلة أخرى، سوف يشكل التعديل الدستوري لسنة 1996، فرصة جديدة لتحقيق إجماع وطني، سبقته مجموعة من الإجراءات التصالحية التي قامت بها الدولة، منها العفو عن المعتقلين السياسيين، وفتح الباب أمام المعارضة البرلمانية للمشاركة في تدبير الشأن العام. لقد سعى الحسن الثاني، إلى أن يؤسس لمرحلة جديدة باستخدام ورقة التعديل الدستوري، وعرض وثيقة دستورية متقدمة، صوتت لفائدتها المعارضة بـ"نعم"، لتكون بذلك لحظة مؤسسة لمرحلة سياسية جديدة، قوامها التوافق بين النظام والمعارضة، أفضت إلى حالة من التعايش السياسي، وصولا إلى تشكيل حكومة التناوب في مارس 1998، لتستمر بذاك وضعية الاستقرار السياسي والسلم الاجتماعي، تأمينا لانتقال سلسل للسلطة في البلاد. بالمقابل، جاء التعديل الدستوري الأخير (دستور فاتح يوليوز 2011)، نسخة أخرى للمقاربة السياسية للدولة، في التعاطي مع المطالب الاجتماعية، فقد ظلت تنظر من بعيد إلى الحراك الاجتماعي والسياسي الذي قادته حركة "20 فبراير"، وانتهت إلى أن المدخل يجب أن يكون سياسيا بإصلاح دستوري عميق، يتجاوب مع المطالب السياسية للحراك، ويراعي حالة الاهتزاز التي كانت تمر منها المنطقة، بفعل موجة الربيع العربي. وفعلا تجاوبت الدولة، مع مطالب الشارع، وتركت "العصا" جانبا، وتحاشت التعامل وفق مقاربة أمنية صرفة. فجاء حل البرلمان، وتشكيل حكومة جديدة بناء على نتائج الاقتراع، وتضمن الدستور تنطيقا جديدا للسلط، يدفع في اتجاه تعايش بين السلطة التنفيذية والمؤسسة الملكية.إ. ح

تدبير الأزمات بالحل السياسي

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

حرب الأرقام تنتقل إلى القطاع السياحي

أقوى الهزات التي كادت تعصف بالدولة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات