الثورات الحقيقية لا تفرز لصوصا وعملاء

إياد الأسمر الفنان السوري قال إن الأزمة السورية ستستمر طالما هناك من يدعمها ويستفيد منها رغم انتمائه إلى مجال الفن، فإن المطرب السوري إياد الأسمر لا يجد غضاضة في الخوض في قضايا سياسية بحتة، ويدلي بدلوه في قضايا تتعلق بسوريا البلد الذي ينتمي إليه وظل مسكونا بحرقة عشقه التي لازمته أين حل وارتحل. سوريا التي تتمزق الآن وتعيش على إيقاع التطاحنات بين أطراف تريد أن تستأثر بها. في هذا الحوار الذي خص به إياد الأسمر "الصباح"، يكشف عن جوانب من ما يجري بسوريا، من موقعه فنانا ومواطنا سوريا. في ما يلي نص الحوار: بداية نود أن تعرّف القارئ المغربي عن نفسك قليلا؟ اسمي إياد الأسمر" اشتغلت في المجال الفني منذ سنوات في سوريا، قبل مجيئي إلى المغرب منذ إحدى عشرة سنة. درست الموسيقى لمدة تسع سنوات بسوريا منها كانت انطلاقتي الفنية حيث امتهنت الغناء، وبعدها سافرت إلى دول وعواصم عربية عديدة، منها سلطنة عمان والبحرين ودبي ولبنان، قبل أن اختار المغرب. وسبق أن أصدرت بعض الألبومات الغنائية منها ألبوم بعنوان "الضياع" كنت أصدرته خلال الحملة الأمريكية على العراق.وخلال انتقالي إلى المغرب مارست الغناء في عدد من الفضاءات والملاهي الشيء الذي جعلني أتعرف أكثر على الوسط الفني والفنانين المغاربة الذين تربطني بكثير منهم علاقات وطيدة، قبل أن أقرر بعد تحسن أوضاعي المادية خوض عمار التجارة، والاكتفاء بالمشاركة في بعض المهرجانات. تتابع الوضع في سوريا كفنان ومواطن سوري، وهو الوضع الذي يخلق الكثير من الالتباس لدى المغاربة حول ما يجري، في ظل تراشق أطراف الأزمة السورية تهم مسؤولية ما يجري هناك؟ أولا طبيعة الصراع القائم في سوريا، إذا أخذناه في إطار العمل السياسي سنجده قائما ما بين تحالفين سياسيين متباينين، يضم كل منهما قوة دولية وقوة إقليمية، أحدهما يتخندق في الدفاع ضد المصالح العربية والآخر مع هذه المصالح. التحالف الأول يضم كلا من الولايات المتحدة الأمريكية وأوربا أو القوى الاستعمارية، على وجه التحديد، وكذا إسرائيل والأنظمة الرجعية في المنطقة العربية، بينما التحالف الثاني يضم سوريا والقوى التقدمية في المنطقة العربية وحزب الله وبعض التنظيمات الفلسطينية المقاومة وإيران وروسيا والصين، وجنوب إفريقيا وفينزويلا ومجموعة البريكس. في إطار هذا التحالف السياسي توجد الكثير من القوى التي تقف في صف المعارضة السورية مشاركة في الحرب الدائرة بشكل أو بآخر، سواء من خلال المشاركة الفعلية المباشرة، أو من خلال فتح الحدود في وجه المقاتلين الإرهابيين القادمين من كل أصقاع الأرض، ومدهم بالسلاح والمال، أو مشاركة غير مباشرة وخجولة تحت غطاء سياسي أو تقديم المساعدات اللوجستيكية لهؤلاء الإرهابيين. بهذا المعنى أنت تخندق نفسك في معارضة معارضي نظام بشار الأسد، الذي التبس الأمر على المغاربة بخصوص ما إذا كان مجرما أم الأمر مجرد دعاية؟ اعتبار بشار الأسد مجرما أرى أنه مسألة مرفوضة على الأقل بالنسبة إلي كمواطن سوري معني بما يقع في سوريا، فالمسألة لا تعدو تضخيما إعلاميا من طرف الغرب والقوى المساندة له في الدول العربية، فهم إن أرادوا نعت شخص بمجرم لمجرد أنه لا ينسجم مع مخططاتهم فأسهل شيء يقومون به هو ذلك، فكل شيء بين أيديهم خاصة وسائل الإعلام. (مقاطعا) لكن ألم تكن هناك أخطاء من جانب نظام بشار الأسد جعلت من السهل على خصومه إلصاق تهم الإجرام والتقتيل به؟ لا توجد دولة أو نظام في العالم دون أخطاء، وأود أن أوضح في هذا السياق أنني لست طرفا في الصراع، ولست بالضرورة مؤيدا للنظام أو مؤيدا لمعارضيه، أنا مع سوريا كبلد أنتمي إليه، لكن يبدو أن معارضي بشار تمكنوا من الاصطياد في الماء العكر، واستطاعوا أن يسوقوا للجميع أن بشار الأسد مجرم حرب، والحقيقة عكس ذلك تماما، فسوريا كانت مصنفة من أحسن الدول من حيث الأمن الاجتماعي، كما أشارت إلى ذلك العديد من التقارير الدولية، كما أن مستوى سوريا المعيشي كان لابأس به خاصة خلال السنوات الأخيرة التي سبقت اندلاع الفوضى فيها، فالربيع العربي، الذي اعتبره خريف الإرهاب، لم يأت بالخير على سوريا. كيف تتوقع أفق الأزمة السورية ومآل الأحداث فيها؟ أمد الأزمة سيطول، وستكون هناك لقاءات واتفاقيات "جنيف 2" و"جنيف 3" إلى ما لا نهاية، لكن على الأرض لن ينتصر إلا الحق، فالأزمة ستسمر ما دام هناك من يدعمها ويستفيد منها وله مصلحة في استمرارها، فلن يكون توقف الأزمة إلا بتوقيف تسرب الإرهابيين إلى سوريا ووقف الإمدادات عنهم. ألا يبدو أن النظام السوري يعيش نوعا من العزلة وسط كل هذه القلاقل؟ النظام السوري ليس معزولا، فهو الأقوى على الميدان في حربه ضد معارضيه، وما زالت جل المناطق السورية بنسبة كبيرا جدا في يد النظام، باستثناء أجزاء صغيرة من مدينة حلب هي الواقعة تحت سيطرة المعارضة، لأنهم استطاعوا أن يجدوا فيها بيئة حاضنة لهم تتمثل في حسن استغلالهم بؤس فقراء المدينة. صورة "بشار المجرم" انطلت حتى على السوريين أنفسهم، أليست هناك مراجعات في ما بينهم بخصوص هذه الصورة التي قلت إنها من ترويج أعداء سوريا؟ شخصيا أتكلم عن نفسي، ففي الوهلة الأولى لاندلاع الأحداث في سوريا، قلت إن النظام فيها لن يسقط أبدا وراهنت على ذلك، وكثير من أبناء الشعب السوري ذهبوا إلى الرأي نفسه، لكنهم لا يستطيعون التعبير عن هذا الرأي، فلم يعد لك الحق في سوريا حتى في الحياد أو اعتزال الصراع، فإما أنت مع بشار أو ضده، والمعارضون يعتبرون من يخالفهم الرأي، حتى ولو لم يكن من أنصار بشار، "شبيحا" وقد يكون مصيره القتل بكل برودة دم، فهؤلاء انتهازيون وأصوليون لا يمثلون إلا فئة قليلة من أبناء سوريا، لذا لا يمكن أن نعتبر ما يأتي منهم "ثورة" بالمعنى النبيل الذي تحمله هذه الكلمة في بقاع أخرى من العالم، لأن الثورات الحقيقية لا تفرز لصوصا وعملاء وخونة وانتهازيين. لكن النظام السوري ما قبل الثورة، كان قاسيا في حق معارضيه، وكان يتمتع بنظام بوليسي صارم؟ قد تكون هناك تجاوزات، لكن لا يجب أن ننسى أن سوريا هي من الدول القليلة التي دخلت مع إسرائيل في حرب وتوجد معها في خط تماس واحد، لذا من الطبيعي أن يكون لديها جهاز أمني ومخابراتي صارم، وكانت هناك معارضة داخلية موجودة لكن لم تكن تتدخل فيها جهات خارجية، وليس كما يقع الآن إذ تتحكم جهات خارجية في المعارضة كما يتحكم لاعب الشطرنج في بيادقه، كما تشكلت معارضة خارجية سمت نفسها بالائتلاف وتتحدث باسم السوريين، في حين أنها لا تمثل إلا نفسها، فمن يمثل الشعب السوري هو من يقرر من الداخل لا من الخارج. عزيز المجدوب

الثورات الحقيقية لا تفرز لصوصا وعملاء

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

نقص الأطر وغياب المعدات بمستشفى أزيلال

العثور على جثة رضيعة قرب فندق بآسفي

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات