الريع يلتهم 3٪ من الناتج الداخلي

بنعلي: التدابير الاستثنائية حرمت الدولة من 29 مليار درهم في 2021 تستفيد قطاعات التصدير والنقل والمناجم وقطاع التعليم الخاص والسياحة والعقار، إلى جانب الفلاحة، من تحفيزات وامتيازات ضريبية، ظلت مثار انتقادات وتساؤلات مع مناقشة مشاريع القوانين المالية. وتثير النفقات الجبائية أو ما يطلق عليها الإجراءات الجبائية الاستثنائية مجموعة من التساؤلات، بخصوص نطاق اعتمادها، آلية تحفيزية لأنشطة أو قطاعات تساهم في إقرار عدالة جبائية لفائدة جميع الفاعلين الاقتصاديين، وتنعكس إيجابا على المجالات الاجتماعية والاقتصادية. قدرت أوساط مختصة حجم الخسائر التي تلحق الخزينة جراء الإعفاءات الضريبية في عدد من القطاعات، بحوالي 3 في المائة من الناتج الداخلي الوطني. وأوضحت "أوكسفام المغرب" أن الإعفاءات الضريبية، التي زادت بنسبة 6٪ في 2021، مقارنة مع 2020، كانت موضوع انتقاد المجلس الأعلى للحسابات، الذي أكد ضرورة إرفاق الإعفاءات بدراسات أولية مدعومة بما يكفي من الأدلة الكفيلة بتبرير جدواها. وأوضح خالد بنعلي، الخبير الاقتصادي، أن تلك الإعفاءات تفوت على ميزانية الدولة فرصة استخلاص موارد جبائية مهمة لدعم موارد كانت ستساهم في تقليص مستوى العجز السنوي للميزانية التي تعتمد على المداخيل الجبائية لتمويل الإنفاق العمومي. وأكد بنعلي في حديث مع "الصباح"، أن المعطيات الواردة في تقرير النفقات الجبائية المرفق بقانون المالية 2022، تبين أن عدد الإجراءات والتدابير الاستثنائية الجبائية، تكلف حوالي 29 مليار درهم في 2021، وتمثل ثلاثة قطاعات مستفيدة بنسبة هامة منها وهي العقار (22,2%) و(الطاقة15%) و(الأمن والاحتياط الاجتماعي 19,8%). وأوضح بنعلي أن حوالي 82% من الإجراءات والتدابير الاستثنانية اتخذت قبل 2016 ، الأمر الذي يفسح المجال للتساؤل حول مدى تشجيع النفقات الجبائية على الاستثمار. وتساءل الخبير الاقتصادي، هل ساهمت محدودية مردودية الاستثناءات الجبائية في غياب عمليات تقييم دورية» في تقليص عدد الإجراءات الاستثنائية، مدخلا لدفع الفاعل الاقتصادي إلى تنويع وتوسيع مجالات الاستثمار واختيار قطاعات واعدة ومتجددة منتجة لقيمة مضافة تمكن من النهوض بالجوانب الاقتصادية والاجتماعية عوض التركيز على القطاعات المعنية بالتدابير الاستثنائية الجبائية. ورغم أن تلك التدابير الجبائية الاستثنائية قد يفهم منها أنها تهم الفاعل الاقتصادي، الذي يستفيد من مبالغ مالية، فإنه لا ينبغي أن تبقى محصورة في هذه النظرة، بل يتعين أن تهدف من خلال مقاربة تروم في آن واحد دعم الفاعل الاقتصادي، باعتباره منتجا ومستثمرا ومشغلا ، وتمكن من تحسين الجوانب الاجتماعية التي تساهم في الحفاظ على القدرة الشرائية والحد من التفاوتات التنموية والمجالية. وأكدت «أوكسفام المغرب» أن الإعفاءات ضيعت إيرادات مهمة على الخزينة، دون أن يستفيد الاقتصاد الوطني وسوق الشغل من الامتيازات التي استفادت منها القطاعات المذكورة، مشيرة إلى أن قانون مالية 2022 لم يأخذ في الاعتبار مجمل مقتضيات القانون الإطار رقم 16-69 المتعلق بالإصلاح الضريبي، الذي أقرته المناظرة الوطنية للجبايات. وخلصت الدراسة إلى أن القطاعات المعفاة من الضرائب لا تسجل في الواقع أي نتيجة من شأنها تبرير الإعفاءات الضريبية الممنوحة لها، سواء تعلق الأمر بالاستثمار أو التشغيل، رغم التحفيزات الهائلة التي تستفيد منها في إطار الإعفاء الضريبي. برحو بوزياني إعفاءات تعمق العجز قدرت «أوكسفام المغرب» حجم الإعفاءات الضريبية الممنوحة في 2018، بما يقرب من 3٪ من الناتج المحلي الإجمالي، بينما بلغ عجز الميزانية 3.9٪ من الناتج ذاته. وطالب مسؤولو المنظمة بالتخلي عن الامتيازات الضريبية التي تعزز الاقتصاد القائم على الريع، واعتماد تقييم للتبعات الاجتماعية والاقتصادية للإعفاءات الممنوحة، وجعل السياسة الضريبية تلعب دورها التصحيحي في الحد من التفاوتات، وتزويد خزينة الدولة بالموارد التي تمكنها من الشروع بشجاعة ومسؤولية في المشاريع المعلنة في إطار النموذج التنموي الجديد. وطالبت "أوكسفام" بالإبقاء على الإعفاءات الضريبية ذات الجدوى الاقتصادية، التي تراعي الاحتياجات الحقيقية للمواطنين، ووضع معالم نظام تحفيزي عمومي مشجع للابتكار والبحث في القطاعات الناشئة ذات القيمة المضافة المرتفعة. ترشيد النفقات الجبائية يبقى تحقيق الرهانات، يقول بنعلي، مطمحا على اعتبار أن سياسة الإعفاءات الجبائية تساهم لا محالة في تحفيز الاستثمار، مؤكدا أن محطة تنزيل مخرجات ومقترحات النموذج التنموي الجديد، تشكل فرصة متاحة لإعادة النظر في المقاربة المعتمدة لإقرار الإجراءات الاستثنائية الجبائية، من خلال ترشيد النفقات الجبائية، بناء على الخلاصات المستنتجة من نقاط القوة والضعف والفرص المتاحة التي أفرزتها التجربة منذ الاستقلال. ويرى بنعلي أن البديل يكمن في وضع منظومة جبائية منسجمة وعادلة تمكن من دعم الاستثمار، وتحسين تنافسية الاقتصاد، وتساهم في تثمين الطلب الداخلي، وفي تمويل القطاعات والمشاريع الاجتماعية، التي ترتكز على التضامن.

الريع يلتهم 3٪ من الناتج الداخلي

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

لقطات

بلجيكا تترصد عقارات مهربين بالمغرب

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات