المهرجانات وقرارات “عا تا جا”

قررت الحكومة، دون سابق إنذار، منع جميع المهرجانات والتظاهرات الثقافية والفنية، خوفا من انتشار المتحور الجديد من فيروس "كوفيد 19"، في ضربة جديدة قاضية لقطاع الفن والثقافة وتنظيم التظاهرات، وكل ما يرتبط به من مهن كانت في أمس الحاجة إلى قليل من الانتعاش، بعد أكثر من سنة ونصف سنة من العطالة القاتلة. ويبدو أن الحكومة تريد أن تعود بنا إلى نقطة الصفر، حين كان الوباء في بداياته، وقبل أن يتوصل العالم إلى وجود أدوية ولقاحات وتدابير للعلاج والوقاية وتخفيف خطورة عدواه وانتشاره، ضاربة بعرض الحائط جميع المكتسبات التي استطاع أن يحققها المغرب في مواجهة الفيروس، وعلى رأسها حملة التلقيح الوطنية، التي أشادت بنجاحها كبريات المؤسسات والمنظمات الدولية. مثل هذه القرارات، التي أنزلت وفق سياسة "عا تا جا"، غير مفهومة ولا أساس لها من المنطق، خاصة أن الوضعية الوبائية في بلادنا مستقرة، والمعلومات حول "أوميكرون" ومدى خطورته غير متوفرة إلى اليوم، كما أن المغرب أقفل حدوده البحرية والجوية على جميع بلدان العالم، بكل ما له من تداعيات سلبية على السياحة والاقتصاد، اللهم إن كانت الحكومة تملك معلومات أخرى ليست في متناول المواطنين، تجعلها قلقة إلى هذه الدرجة. القرار غير مفهوم أيضا، لأنه عاد ليؤكد أن الأنشطة الفنية والثقافية داخل قاعات السينما والمسارح والمعارض وغيرها، غير مشمولة بالمنع، علما أن الأنشطة التي تقام داخل المهرجانات الفنية السينمائية، هي نفسها، كما أن الأعراس والحفلات يتكدس فيها من "المعروضين" ما لا يتجمع في مهرجان فني. فما هو الفرق إذن بين عرض فيلم سينمائي في "ميغاراما" مثلا وعرض شبيه له في مهرجان مثل الداخلة أو سينما الهجرة بأكادير؟ المهرجانان اللذان كانا يستعدان لإطلاق دورتيهما خلال الأسبوع الجاري، قبل أن ينزل قرار المنع ليضرب كل المجهودات التي قام بها المنظمون، في "الزيرو"، ويتركهم بين سندان الأموال التي ذهبت سدى ومطرقة الدائنين الراغبين في تحصيل أموالهم، اليوم، قبل الغد، ودون أن يقدم لهم أي حل أو تعويض. ستبرر الحكومة قرارها، ولو بشكل غير واضح، حين جددت، في الفقرة الأخيرة، دعوتها المواطنات والمواطنين للانخراط القوي في الحملة الوطنية للتلقيح. وهو عذر أكبر من زلة المنع والإغلاق، لأنها بمثل هذه الممارسات، تعاقب جميع المواطنين الذين وثقوا في تدبير الدولة للجائحة، وعددهم أكثر من 23 مليونا أخذوا الجرعة الثانية، في امتثال واقتناع كامل، أملا منهم في العودة إلى حياة شبه طبيعية، لتأتي الحكومة وتقضي على ذلك الأمل، لأن الإقبال على الجرعة الثالثة لا يزال محتشما. فلتكن لديكم الجرأة والشجاعة إذن لفرض إجبارية التلقيح، ما دمتم لم تتمكنوا من إيجاد التوازن المطلوب بين الهاجس الصحي وإنقاذ بعض القطاعات من السكتة القلبية. نورا الفواري

المهرجانات وقرارات “عا تا جا”

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

"بيجيدي" في مستنقع تجنيد مخابرات الجزائر

المحطة الطرقية بالجديدة... الجدل الكبير

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات