رفع وصاية النيابة العامة عن هيآت المحامين أمر ضروري

محمد أقديم النقيب السابق لهيأة المحامين بالرباط أكد أن هناك بدائل في موضوع سلطة التأديب للمخالفين للمهنة قال محمد أقديم، النقيب السابق لهيأة المحامين بالرباط، إن المطلب الرئيسي للمنتمين إلى المهنة يبقى هو رفع وصاية النيابة العامة عن الهيآت المهنية للمحامين، مع طرح بدائل جديدة لسلطة التأديب التي يجب أن تتكلف بها الهيآت المهنية، وفقا لقوانين تنظيمية وعصرية أسوة بالتجربة الأنغلوسكسونية. واعتبر النقيب السابق أن التشطيب على المحامي وإرساله إلى السجن، يحول دون حصول الموكلين على الحقوق التي ضاعت منهم. ماذا تحقق من انتظارات أشغال مناظرة فاس حول قانون مهنة المحاماة؟ تجدد للنقاش حول مشروع قانون المهنة من خلال الورشات الخمس التي ناقشت مواضيع مهمة مرتبطة بالمهنة، وكل ورشة ناقشت مجالا من المجالات المرتبطة بالممارسة المهنية، وهي في حد ذاتها نقاشات سبق أن راجت في المؤتمر السابق للمحامين بالسعيدية، وكان طموحنا في النقاش هو الوصول إلى مقترحات بدائل كفيلة بطرح الحاجيات، التي أصبحت تطرح بإلحاح من قبل المنتمين إلى المهنة. وأعتقد أننا وصلنا من خلال مناظرة فاس إلى ضرورة مراجعة مجموعة من المفاهيم التقليدية المستوحاة من التجربة الفرانكفونية التي أصبحت وسائلها تقليدية. رفعتم شعار الاستقلالية والحرية والكرامة في مناظرة فاس، فماذا تقصدون بالاستقلالية؟ الاستقلالية معناها بالضبط، ألا تخضع مهنة المحاماة إلى وصاية النيابة العامة، وأن تبقى بعيدة عن هذا الجهاز، والمناظرة طرحت أفكارا حول القوانين التي يجب سنها في المستقبل لتحقيق مطلب استقلال مهنة المحاماة عن سلطة النيابة العامة. وأنا في نظري أن وصاية النيابة العامة من خلال مراقبة المجالس، خصوصا سلطة التأديب يؤكد أن المهنة غير مستقلة في حد ذاتها، ومازال أمامنا طريق طويل لتحقيق هذا المطلب. وما هي البدائل التي تطرحونها مكان وصاية النيابة العامة في مجال التأديب؟هناك طرح جديد يسمى "النقابة الضامنة"، ويعني هذا المفهوم بشكل مختصر أن نقابة هيأة المحامين يجب أن تكون المسؤولة الوحيدة عن التجاوزات أو الاختلالات التي يرتكبها المحامون المنتمون إلى الهيآت المهنية، ويعني كذلك أن النقابة تكون مسؤولة عن المحاسبة الداخلية لأعضائها. وأرى أن التجربة الأنجلوسكسونية أثبتت فعاليتها في استقلالية مهنة المحاماة عن جهاز النيابة العامة العامة، بينما المغرب ما زال يقتدي بالتجربة الفرنكفونية التي أصبحت متجاوزة في الوقت الراهن، وأصبح رجال المهنة يبحثون عن بدائل أخرى. ودعني أقول إن التشطيب على المحامي عقوبة تأديبية تعني إعدامه على مستوى الممارسة وحقوق الموكلين، فحينما يتم التشطيب على عضو بالنقابة أو إيداعه السجن، فمن يتحمل مسؤولية تعويض المتقاضي في أمواله، فهناك محامون تم التشطيب عليهم يتسكعون الآن في الشوارع وحقوق موكليهم ضاعت في مهب الريح، ويكون المتضرر هو المتقاضي من هذه الحلول التقليدية. لكن استقلال المهنة عن جهاز النيابة العامة سيطرح معه مشكل الضمانات في محاسبة المحامي إذا ارتكب اختلالات مهنية؟ إذا تركت سلطة التأديب إلى الهيآت المهنية، أعتقد أنه سيتم ضمان حقوق المتقاضين أكثر، لأن إرسال المحامي إلى السجن أو التشطيب عليه يتسبب في ضرر الموكلين الذين يكون هدفهم هو الحصول على حقوقهم. وأعتبر أن الوقت قد حان لحماية مهنة المحاماة من الكلام الزائد الذي يسيء إليها، قصد حفظ كرامة وحرية المنتمين إلى المهنة، لأنه أي مهنة لا يوجد فيها تسيب، فكل متضرر يجب أن تكون مسألة معالجة شكايته قانونية، ومن المفروض على الهيآت المهنية احترام الضوابط المعمول بها في النظام الأساسي من خلال تنفيذ العقوبات البديلة. ما هي المطالب الرئيسية التي سترفع في وقفة 29 نونبر الجاري من قبل أصحاب البذل السوداء أمام البرلمان؟ أعتقد أن مطالب إزالة ونزع أي وصاية من أي جهة كانت تبقى المطلب الرئيسي للمحامين في ممارسة المهنة والمراقبة غير المقيدة، وستكون من الشعارات الأساسية التي سترفع أمام البرلمان، كما سنطالب بقانون حديث وعصري قصد ممارسة مهنة راقية تعبر عن طموحات كل المحامين. إذا في نظرك هناك وجود تحديات تعرقل خروج القوانين الجديدة في المهنة إلى حيز الوجود، إذا ظلت الهيآت المهنية تحت وصاية النيابة العامة؟ إخراج قانون المهنة ليس صعبا، ولابد من توفر الإرادة للمنتمين إلى المهنة، لأن التشخيص موجود والعلاج كذلك، ويجب أن تبقى كل نقابة مسؤولة عن قراراتها. هل تعتبر أن مصطفى الرميد وزير العدل والحريات وابن المهنة تخلى عن مطالب أصحاب البذل السوداء؟لا أعتقد ذلك في نظري، لأن الخلافات السياسية غالبا ما تطرح العديد من الإشكالات، ولا بد من مراجعة الذات، فكان علينا أن نخرج بمرسوم المساعدة القضائية في عهد الوزير الراحل الطيب الناصري، وإذا اقتضى الأمر كان علينا أن نعدل المادة 42 حتى تستفيد النقابات من المبالغ المالية المخصصة لذلك، لأننا أضعنا 24 مليار سنتيم نتيجة عدم تطبيق هذا المرسوم في عهد المرحوم الناصري، والمحامون الآن يستمرون في تقديم المساعدة القضائية بالمجان للمتقاضين الذين يطلبون المساعدة، وأرى شخصيا أن المحامين يجب أن يحصلوا على بعض الامتيازات في الوقت الراهن، مقابلا عن المساعدة القضائية بالمجان، تتمثل أساسا في مراجعة الضرائب التي يؤديها المحامون لصالح الدولة. باعتبارك نقيبا سابقا كيف تنظر إلى نتائج هيأة الحوار الوطني لإصلاح منظومة العدالة؟ في تقديري الشخصي فالمجهود الذي قام به المهتمون بالشأن القضائي ضمن هيأة الحوار الوطني لإصلاح منظومة العدالة، يبقى عملا لا بأس به، كما أعتقد أن أي عمل كيفا كان لا يخلوا من نقائص، وما أرجوه هو أن لا يتشبث كل طرف بوجهة نظره في الموضوع، و لابد من مناقشة كل القضايا المرتبطة بإصلاح القضاء، وحينما تكون السلبيات تفوق الإيجابيات، يجب أن نطرحها جانبا، وأن نبحث عن الحل الموازي المتفق عليه من قبل الجميع، فالحوار المنتج يقضي الاستماع إلى القرار المناسب عن طريق الرجوع إلى كافة المعنيين بالأمر، ويمكن اعتبار ميثاق إصلاح العدالة، أرضية لانطلاق النقاش الجدي والسريع، قصد خدمة الفترة المقبلة، التي يحتاج فيها المغرب قضاءا مستقلا ونزيها يستجيب لتطلعات المرحلة. حان وقت مراجعة التكافل بين المحامين أين وصل مشروع صندوق التكافل الاجتماعي للمحامين الذي أنشأته نقابتكم، وألغته المحكمة الابتدائية بالرباط؟القضاء في الدارالبيضاء اعتبر أن القرار سليم أثناء البت فيه على مستوى محكمة الاستئناف، وأوضح أن القرار المتخذ من قبل هيأة المحامين بالرباط لا يتناقض ومقتضيات المادة 57 من القانون المنظم للمهنة، فالمقرر يطبق حاليا، وبشكل سليم، وحقق كرامة وحرية واستقلال المحامي، من خلال خصم 0.5 في المائة من ودائع المحامي التي تمر من حسابات الهيأة، وتوجه إلى الحساب الخاص للمحامي، لأنه لا يعقل أن يحصل المحامي على 200 درهما تقاعدا شهريا في الوقت الراهن، ونتوفر على مجموعة من الحالات ضمن الهيأة. والآن حان الوقت للقيام بمراجعة التكافل والتضامن بين المنتمين إلى جسم المهنة، وفي الكثير من الحالات لا يجد المحامي أداء ثمن تطبيبه واستشفائه، وأعتقد أن هذا الصندوق الاجتماعي سيساعد المتضررين في الحفاظ على كرامة المحامي. أجرى الحوار: عبد الحليم لعريبي

رفع وصاية النيابة العامة عن هيآت المحامين أمر ضروري

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

المجلس الدستوري ينتصر للأحزاب "الصغيرة"

كتاب الضبط يطالبون بحوار جدي

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات