البيضـاء تحتـاج عمـدة حقيقيـا

حسن بن عمر البرلماني ورئيس مقاطعة عين السبع قال إن المدينة دفعت ضريبة انعدام الرؤية قال حسن بن عمر، البرلماني عن التجمع الوطني للأحرار ورئيس مقاطعة عين السبع لولايتين، إن البيضاء تحتاج إلى عمدة حقيقي، ملم بقواعد القيادة وله رؤية واضحة وشاملة لتدبير المدينة بكل أبعادها وتفاصيلها. وأكد بنعمر، في حوار مع "الصباح"، أن عددا من المشاريع والبرامج المنجزة افتقدت إلى الجودة والأثر لانعدام هذه الرؤية، مدليا بعدد من الأمثلة. فيما يلي نصر الحوار: أجرى الحوار: يوسف الساكت- تصوير (عبد اللطيف مفيق) > انتهت ولاية انتدابية بالبيضاء، ونحن، اللحظة، على مشارف انتخابات محلية جديدة. في بداية هذا الحوار، نود معرفة كيف عشتم هذه التجربة التي تأتي بعد خطاب ملكي شخص أعطاب العاصمة الاقتصادية، وترتب عنها مخططٌ للتنمية؟ > عشنا جميع التفاصيل في التجمع الوطني للأحرار، ونعرف جيدا (حزبا ومنتخبين وأطرا وقيادات) هذه المدينة، ونتوفر على المعطيات الكافية، من موقع التسيير والمسؤولية، لإجراء تقييم موضوعي للتجربة الحالية، وللتجارب السابقة. ينبغي أن نؤكد اليوم، بكل اعتزاز، أن حزب التجمع أضحى جزءا أساسيا من فسيفساء هذه المدينة، وتحملت قياداته وأعضاؤه المسؤولية بجدارة في المهام المسنودة لهم، سواء في المقاطعات، أو في مجلس المدينة، علما أن المشاركة في التسيير لا تعني بالضرورة أن تكون متحكما في مفاصل القرار النهائي الذي لا يمكن أن تتحمل مسؤوليته، في النهاية، سوى قمة هرم التسيير، أعني رئيس الجماعة الحضرية في هذه الحالة. > هل تُعدٌّنا نفسيا للتنصل من المسؤولية، لأن حزبكم فاعل أساسي في التجربة؟ > (يضحك)، لا، بكل تأكيد. نحن مازلنا نؤكد بكل شجاعة بأننا تحملنا مسؤولية تسيير المدينة وبعض مقاطعاتها مع العدالة والتنمية، لكن ذلك لا يمنع، اليوم، من القول، بالشجاعة نفسها، بأن النتائج والإنجازات المحققة في الخمس سنوات الماضية، لم تكن في مستوى انتظارات وطموحات البيضاويين الذين منحونا أصواتهم في 2015. ومن باب التذكير، إن التجمع الوطني للأحرار تحمل، من موقع الأغلبية، مسؤوليته في قطاعات حيوية ذات أهمية كبيرة بالنسبة إلى المواطنين، ويتعلق الأمر أولا، بقطاع النظافة الذي أسند إلى الأخ محمد حدادي، باعتباره نائبا للرئيس مفوضا له في هذا القطاع، وثانيا، النقل والتنقلات الذي تحمل مسؤوليته الأخ محمد بوالرحيم، وهناك ثالثا، قطاع الصحة الجماعية، بكل الإكراهات المرتبطة به، أسند إلى الأخت نبيلة الرميلي، المديرة الجهوية لوزارة الصحة بجهة البيضاء-سطات، وقدمت فيه مشروعا متكاملا. ويمكنك بالعين المجردة أن ترى عددا من النجاحات التي حققها إخواننا الثلاثة في هذه القطاعات الحيوية، وترى المشاريع التي خرجت إلى الوجود والمشاكل والصعوبات الضخمة التي تمت تسويتها وإيجاد حلول لها، بجهد كبير وتغييب لجميع المصالح الأخرى، سوى المصلحة العليا لتنمية هذه المدينة. هذا لا يعني أبدا أن جميع المشاكل وجدت طريقها إلى الحل في هذه القطاعات، بل هناك ملاحظات ينبغي تسجيلها على كل قطاع على حدة، وهي ملاحظات غير مرتبطة، بالضرورة، بعمل هؤلاء الإخوان، بل لها علاقة وطيدة ببنية اتخاذ القرار الأخير. فلا معنى اليوم أن تكون لك قطع غيار جيدة، إذا كان "المحرك" ميتا، كذلك الأمر بالنسبة إلى تسيير المدن والجماعات، فلا يكفي أن تشتغل قطاعات ولجان وتطلق مشاريع، إذا كان الرئيس فاقدا للبوصلة وللرؤية الواضحة، وغير حريص على تنظيف الزجاج الأمامي لسيارته، تفاديا لارتكاب حوادث سير. > هل يمكن أن نفهم منكم بأن البيضاء كانت تفتقد، في هذه المدة، ربانا حقيقيا؟ > ما أود التأكيد عليه هو أن الأغلبية المسيرة لجماعة البيضاء كان يمكن أن تحقق الأفضل، لو توفرت الرؤية الواضحة لأصحاب القرار الأخير والحاسم، وهو ما لم يحدث في عدد من الملفات. > من يصنع هذه الرؤية الواضحة، اليوم، في البيضاء؟ > إنه العمدة (بشكل عام ولا أعني الأشخاص). فهو المسؤول الأول والأخير أمام البيضاويين وعليه أن يتحمل مسؤوليته، لكن حين يترك مكانه فارغا، من الطبيعي أن يملأه آخرون. وهذا ما وقع في عدد من المناسبات، وما وقع خلال الفيضانات الأخيرة، إذ كان من المفروض أن يكون رئيس الجماعة في مستوى اللحظة. وفي اعتقادي أن الافتقار إلى التصور الشامل والفشل في إدارة لوحة القيادة في لحظات حاسمة من دورة تدبير مدينة من حجم البيضاء، كان له وقعه على النتائج النهائية. كما أن الإصرار على إنجاز كل الملفات والمشاريع دفعة واحدة، دون تدقيق في أصغر التفاصيل كان له أيضا أثره على جودة عدد كبير من هذه المشاريع، ويمكن أن نعطي عشرات الأمثلة في هذا الصدد. فحين نستعرض مثلا ما تحقق من إنجازات مهمة في قطاع النظافة، فإن ذلك سيظل ناقصا في غياب التفكير في حل سريع وناجع ومواز لما يسمى بالنفايات الهامدة، أو نفايات الأوراش والإصلاحات. ولأن قمة التسيير لم تفكر في هذه الحلقة، أو فكرت فيها بشكل متأخر، لم ُتنجز إلى حد الآن، والنتيجة أن عددا من البقع الأرضية الفارغة في عدد من المقاطعات (منها عين السبع التي أعرفها جيدا)، تحولت إلى نقاط سوداء لرمي هذا النوع من الأزبال، مع كل ما يمكن أن يترتب عن ذلك من مشاكل جانبية، تفرض على رئيس المقاطعة إيجاد حلول آنية لها، دون جدوى، إذ كلما ربطنا الاتصال بشركة، أو جهة ما، قالت لنا إن ذلك لا يدخل ضمن اختصاصاتها !!. > من الصعب أن نسمع اليوم أن البيضاء تعاني أزمة رؤية في وقت مرت أكثر من 18 سنة على نظام وحدة المدينة الذي جاء حلا إجرائيا لضبابية الرؤية.. > للأسف. هذه هي الحقيقة. وللأسف أيضا هناك من اختزل وحدة المدينة في توزيع الإمكانيات والأموال والمنح والمشاريع، بالتساوي، على عدد من المقاطعات الموجودة. فإذا قررنا مثلا بناء نافورة في سيدي البرنوصي، علينا أن نبني 15 أخرى في المقاطعات الأخرى، بغض النظر إذا ما كانت مقاطعة من هذه المقاطعات تحتاج نافورة، أو ملعبا، أو قاعة مغطاة، أو حديقة ما. إن هذه المساواة المفترى عليها هي التي تقتل التنمية، وتمنح للعشوائية فرصة لتطفو على العمل التنموي العقلاني المنسجم. العمل الذي ينظر إلى المدينة ككتلة موحدة، وليس مللا وشيعا علينا أن نرضيها جميعا. > لكن ذلك يدخل ضمن اختصاصات المقاطعات.. > من الأخطاء الجسيمة الأخرى التي ارتكبت في حق نظام الجماعة/المقاطعات، أن تمنح للأخيرة اختصاصات إصلاح الطرق والتزفيت وصيانة الأرصفة وغيرها من الأشغال التي لا يفقه فيها الرؤساء (وأنا واحد منهم) أي شيء، ويتطاولون عليها، لأنهم مهمتهم ليس الأشغال العمومية، بل المساهمة في التنشيط المحلي ودعم تنمية القرب اجتماعيا ورياضيا وثقافيا وفنيا. فلا أفهم شخصيا (وهذا موقف عبرت عنه مرارا) كيف تفرق ميزانية ضخمة على المقاطعات لأشغال الطرق والتزفيت وإطلاق العنان إلى شركات بوسائل اشتغال وتصورات مختلفة؟ في وقت كان من المفترض أن تشرف الجماعة الحضرية على هذه الأشغال عبر شركات كبرى متخصصة (قد تكون شركات التنمية المحلية مثلا)، ملزمة بالحفاظ على الانسجام بين جميع المقاطعات، و"ماشي واحد كيشرق وواحد كيغرب". > ماذا اقترحتم هنا كحزب؟ > اقترحنا تجميع هذه المبالغ المهمة في حساب واحد لدى الجماعة الحضرية يصرف حسب الحاجيات والأولويات والمطالب المعبر عنها من قبل المقاطعات، وفق تصور ورؤية واضحة للتهيئة الحضرية للمدينة. فلا يعقل أن تسلم كل مقاطعة، سنويا، ما بين 600 و800 مليون سنتيم، تبرمج في أشغال طرق وتزفيت وصيانة وترصيف تزيد طرقنا وشوارعنا وأزقتنا تشويها وحفرا ومطبات عشوائية، علما أن المقاطعات لا تقوم بما يسمى "الرابوطاج" المكلف ماليا، وتعوضه بوضع طبقات الزفت فوق بعضها. كفى شوارعنا سياسة الترقيع > يشتكي البيضاويون من مشكل الأشغال العشوائية، أو ما يسمى "شي يسد وشي يحل".. > هذه كارثة عظمى تعانيها المدينة، وأذكر أن ذلك من أهم المقترحات التي دافعنا عنها مرارا لحماية البنية التحتية للمدينة، وخصوصا الطرق والشوارع، ووضع حد لفوضى أشغال الفاعلين في مجال الاتصالات، على وجه الخصوص وشركة "ليدك" في بعض الأحيان. فلا يعقل اليوم أن تبقى شوارع المدينة رهينة لهذه الشركات، التي تحفر ما تشاء في الوقت الذي تشاء، دون توجيه أو مراقبة، حتى أصبحت طرقنا مشوهة من كثرة "حل وسد"، وهي حالة فريدة لم أر مثلها في الدول التي زرتها. ماذا اقترحكم بالضبط؟ في هذا الموضوع، اقترحنا كفريق تجمعي، أن تعلن الجماعة عن طلب عروض لاختيار شركة متخصصة في هذا المجال، مهمتها استقبال طلبات شركات الاتصالات و"ليدك" الخاصة بتحويلات وحفر وربط شبكات، ثم تقييمها وإنجازها وفق معايير محددة تراعي جودة البنية التحتية، على أن تلتزم هذه الشركات بأداء كلفة الإنجاز. هذه الصيغة ستكون مرضية حتى بالنسبة إلى هذه الشركات، التي تعتبر شريكا استراتيجيا لنا خصوصا "ليدك"، لكن سيكون من العيب الاستمرار في تخريب الطرق والشوارع بهذا الشكل، بينما هناك حلول عملية لهذا الإشكال، من قبيل ما طرحناه، وسنسعى إلى تطبيقه فور وصولنا إلى جماعة البيضاء بعد الانتخابات. > لكن، في الوقت نفسه هناك بعض الشوارع الكبرى المهيأة حديثا تتوفر على فتحات فارغة مخصصة لمد الشبكات والقنوات والأسلاك؟ > طبعا، هذا مثال جيد لما يمكن أن يكون اليوم في المدينة. وهذا الإنجاز يعود الفضل فيه إلى شركة البيضاء للتهيئة التي وضعت ضمن الشروط ألا ينجز أي مقطع طرقي دون إحداث فتحات تحتية (فتحة في كل 50 مترا) توضع رهن إشارة شركات الاتصالات و"ليدك" من أجل استعمالها، حتى لا تضطر إلى شق الطرق وتخريبها. التمويل الذكي > هل ستلجؤون إلى مزيد من القروض لسد الخصاص؟ > لا ينبغي أن تخيفنا عملية الاقتراض والبحث عن تمويلات، وهي مسألة عادية، بل مطلوبة لإنجاز عدد من البرامج والمشاريع، شرط أن تكون ضمن رؤية واضحة للتنمية وتحقيق القيمة المضافة. الجماعة لها عدة اختيارات للتمويل ولها الحق في ذلك، بل ينبغي أن تطالب بمزيد من الاستثمار والاعتمادات لتمويل مشاريع تصب في مصلحة المواطنين والمدينة وتقوي بنياتها التحتية ضد الكوارث الإنسانية والطبيعية، والحماية من الفيضانات الموسمية التي يمكن أن تقع. أضف إلى ذلك، أن التجمع الوطني للأحرار يتوفر على حزمة من حلول لتمويلات الذكية في إطار شراكة عام/خاص بمنطق رابح-رابح. وهناك مشاريع ضخمة في أجندتنا تتطلب قدرا قليلا من التمويل العمومي، لكن فائدتها كبيرة للسكان والمستثمرين والقطاع الخاص، وهو ما سنعمل عليه مستقبلا. تذكرة اجتماعية بحديقة عين السبع > هناك حديقة اسمها عين السبع. أين انتهى المطاف بها بعد سنوات من الأشغال؟ > نعود في هذا الموضوع للمشكل نفسه المتعلق بغياب نموذج واضح للتدبير، وغياب الرؤية، علما أن الفضل يرجع لهذا العبد الضعيف في إنقاذ هذا المرفق العمومي من الضياع الكلي، حين كان "البعض" يخطط للتشطيب عليه في وثائق تصميم التهيئة لـ2009 وتفويت عقاره للخواص. لقد خضنا حروبا، من موقعي رئيسا لمقاطعة عين السبع، من أجل الإبقاء على حديقة للحيوانات في المكان نفسه، ما نجحنا فيه ودعمتنا الدولة في ذلك. اليوم، هناك مشروع أعتبره من أحسن المشاريع بالبيضاء كلف 250 مليون درهما، وانتهت فيه الأشغال وقمنا بزيارة لمرافقه، لكن للأسف مازال مغلقا في وجه الزوار والبيضاويين لأننا فشلنا في وضع نموذج للحكامة والتدبير لهذا المرفق، علما أن طريقة التسيير كان ينبغي التفكير فيها مسبقا. وشخصيا، اقترحت عدة مرات أن نفتح قناة مع الشركة الإسبانية، التي أنجزت المشروع وتعتبره امتدادا لحديقة أخرى مشابهة لمدينة فلنسيا، على أن تتكلف بالتسيير لمدة محددة بتعاون مع مغاربة، وحين تنتهي عقدتها، نفتح المجال لطلب عروض. وفي كل ذلك، كان حرصي ومايزال على أن تكون تذاكر الدخول والاستفادة من مرافق الحديقة في متناول الجميع، كل حسب قدرته الشرائية، وهو مطلب قيد التحقق. القضاء على نفايات الأوراش سهل > هل تقدم التجمع بحل، أو فكرة للنفايات الهامدة ولم يؤخذ بها؟ > طبعا، ومرارا قدمنا أفكارا ومقترحات عملية وفق تصورات واضحة، لكن لم يؤخذ بها للأسف، ومن ذلك أن إصدار مقرر جماعي يلزم منتجي النفايات الهامدة المتأتية من أشغال البناء بتضمين ملف الحصول على الرخصة وثيقة تعاقدية مع شركة خاصة لجمع ونقل النفايات إلى المطرح العمومي، والتزاما أيضا بأداء كلفة خدمة استغلال هذا المطرح. ولا أعتقد، بحكم تجربتي، أنه يوجد مقاول سيرفض هذا الطلب من أجل الحصول على رخصة البناء، بل أعرف عددا من المقاولين مستعدين للتعاون في شتى القطاعات من أجل مصلحة المدينة، كما أن هذا المقرر المقترح من قبل حزبنا، يمكن أن يكون مصدرا لمداخيل إضافية تتأتى عن طريق أداء حصص استغلال المطرح العمومي. في سطور - ولد في 21 دجنبر 1966 بالبيضاء، حيث نشأ وتابع تعليمه الأولي والإعدادي والثانوي. في 1989، حصل على دبلوم في مجال المالية من المعهد العالي للتجارة وإدارة المقاولات. - بعد سبع سنوات، انضم إلى جامعة هارفارد الأمريكية، أول طالب مغربي مسجل بهذه الكلية وحصل على ماجستير في إدارة الأعمال التجارية. - بين 1996 و1998، جمع حسن بن عمر بين المعرفة بالبيئة الوطنية والانفتاح على العالم الأكاديمي وممارسات الإدارة والقيادة في النسخة الأمريكية. التحق بالتجمع الوطني للأحرار. وفي 2007 انتخب منسقا إقليميا بعمالة عين السبع، ثم رئيسا لمقاطعتها لولايتين (2009-2015/2015-2021). - عضو المكتب السياسي ورئيس لجنة الخارجية 2016، انتخب عضوا بمجلس النواب، حيث شغل عددا من المناصب وترأس لجانا، آخرها لجنة الاستطلاع الخاصة بالمطارح العمومية. متزوج وأب لـ3 أبناء.

البيضـاء تحتـاج عمـدة حقيقيـا

يمكنكم مطالعة تتمة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة تتمة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الشابي باق بالرجاء لموسم إضافي

برشيد ينتدب خمسة لاعبين

مقالات ذات صلة