احتضار الرياضة بالحسيمة

سوء التسيير وضعف الموارد جعل أندية تختفي وأخرى تعاني إنجاز: جمال الفكيكي (الحسيمة) أضحت الحسيمة تمتلك بنيات تحتية رياضية مهمة منذ توقيع اتفاقية بين العديد من القطاعات الحكومية، في مقدمتها وزارة الشباب والرياضة ووكالة تنمية الأقاليم الشمالية وبعض المؤسسات. وشكلت مشاريع الحسيمة (منارة المتوسط ) انطلاقة حقيقية للعديد من المشاريع التنموية الرياضية، نظير الملعب الكبير والمسبح الأولمبي والقاعة المغطاة والحلبة المطاطية بآيت قمرة، بعدما كانت المدينة تتوفر فقط على القاعة المغطاة 3 مارس وملعب ميمون العرصي، وبعض ملاعب القرب التي تآكل عشبها، لا تلبي حاجيات الممارسين. ورغم حجم الاستثمارات التي أنفقت، من أجل تأهيل البنيات التحتية بالحسيمة، فإن ألقاب الأندية والجمعيات الرياضية المنتمية إلى المنطقة، باتت ضعيفة مقارنة مع السنوات السابقة، علما أن هذه البنيات تواجه مشكلا كبيرا يتعلق بغياب اعتمادات قارة لصيانتها بالشكل اللائق. ضعف الموارد تستغيث الفرق الرياضية بالحسيمة من العوز وضيق الحال، فيما يشكل شباب الريف الحسيمي ورجاء الحسيمة لكرة القدم الاستثناء، إذ يتلقيان كل موسم دعما من قبل مجلس بلدية الحسيمة لاعتبارات سياسية. ورغم توفر الحسيمة على ملعبين وقاعة مغطاة واحدة، ومسبح، وملاعب للقرب، فإنها لا تلبي حاجيات الممارسين في الوقت الراهن، في انتظار انتهاء الأشغال بالملعب الكبير بآيت قمرة، والقاعة المغطاة والمسبح الأولمبي. وباستثناء فريق المغرب الحسيمي لكرة القدم المصغرة الذي صعد هذا الموسم للقسم الممتاز التابع لعصبة الشرق، فإن نتائج باقي الأندية المحلية ضعيفة، خاصة شباب الريف الحسيمي لكرة القدم الذي نزل للقسم الأول هواة، وشباب الحسيمة لكرة السلة الذي تمكن من الحفاظ على مكانه في القسم الممتاز بعد موسم شاق، واتحاد إمزورن للعبة ذاتها الذي أخفق في مباريات "بلاي أوف " أمام الرجاء. الكرة في الحضيض لم تعد تحظى كرة القدم بالحسيمة بالاهتمام اللازم كما في السابق، ويعكس ذلك نزول شباب الريف الحسيمي للقسم الأول هواة بعد موسم يعد الأسوأ في تاريخه بالقسم الوطني هواة، وانحدار رجاء الحسيمة للقسم الجهوي الممتاز التابع لعصبة الشرق، في الوقت الذي بات نشاط باقي الأندية، كالنادي الحسيمي وبني بوعياش واتحاد إمزورن وميرادور يقتصر على الأقسام السفلى بالعصبة ذاتها، حيث تصارع نهاية كل موسم رياضي شبح النزول. وتعاني هذه الأندية في صمت، باستثناء شباب الريف ورجاء الحسيمة اللذين يستفيدان من منح الجهات المنتخبة. ولم يعد شباب الحسيمة يشد الأنظار إليه كما في السابق، بسبب تواضع نتائجه ونزوله ثلاث مرات متتالية من القسم الوطني الأول الاحترافي للقسم الأول هواة، بسبب سوء التسيير. ويرى عديدون ممن استقت آراءهم " الصباح " أن المكاتب المسيرة للنادي للمواسم الثلاثة الأخيرة كانت جزءا من الأزمة التي تعانيها الرياضة في الحسيمة، بسبب فشلها في تدبير ملف الفريق، فضلا عن عدم إيجاد حلول ناجحة لمشاكل النادي، معتبرين كرة القدم بالحسيمة باتت تستغل لأهداف انتخابية وسياسية. وتعيش كرة القدم بالحسيمة وضعية كارثية، تستدعي أكثر من وقفة تأمل لتشخيص مكامن الداء وإيقاف النزيف الذي يتهددها، لرد الاعتبار لمجال حيوي أضحى أساسا لتنمية مستدامة وجهوية متقدمة، مافتئ الملك محمد السادس يوليها أهمية قصوى. ضعف النتائج تواجه الأندية الرياضية بالحسيمة تحديات كبيرة، في ظل غياب النتائج الإيجابية التي بإمكانها أن ترضي سكان المنطقة، إذ أنها تفتقر إلى نتائج على المستوى الوطني أو الجهوي كما في السابق في جميع الرياضات، في الوقت الذي غابت فيه رياضات أخرى بعدما كان يشهد لها بالتألق، ككرة القدم داخل القاعة وألعاب القوى والسباحة والجمباز والألعاب المدرسية والتايكووندو والكيك بوكسينغ. وأكدت فعاليات رياضية أن الرياضة بالحسيمة باتت تشكل آخر اهتمامات المسؤولين المحليين والجهويين والفاعلين الاقتصاديين، مضيفة أنه بدل الاهتمام بالرياضة أساسا للتنمية وتسويق المدينة بشكل إيجابي وتأطير الشباب وإبعادهم عن كل أساليب الانحراف، تظل الرياضة بالحسيمة بكل فروعها تستغيث بشكل يبعث على الاستياء والتذمر. وأكد المتحدثون أن تراجع الرياضة وضعف النتائج تحصيل حاصل، طالما أن مسؤولي المدينة وكذا بعض الأندية غير معنيين بتطويرها، بل همهم قضاء مآربهم الشخصية واتخاذ الرياضة مطية لتحقيق أهداف أخرى. ويتخوف العديد من المهتمين بالشأن الرياضي من توقف مسيرة بعض الأندية ومن مستقبلها بسبب موقف السلطات الإقليمية والفاعلين الاقتصاديين من الرياضة، بصفة عامة. مركب مع وقف التنفيذ فرضت النهضة الرياضية التي كانت شهدتها الحسيمة في الفترة بين 2007 و2017، والزيارات المتتالية للملك محمد السادس للمنطقة، على مسؤوليها تعزيز البنيات التحتية الرياضية بمركب "سوسيورياضي" بمنطقة ميراضور بالحسيمة. ويضم المركب ملعبا معشوشبا ومسبحا وقاعة للندوات وأخرى لممارسة بعض الرياضات ومقصفا. ورغم هذه المرافق التي يتوفر عليها، فإنه لا يساهم في تطوير الرياضة بالمنطقة عبر تكوين لاعبين وشباب في بعض الرياضات، خاصة السباحة وكرة القدم والجمباز. ومن أهم الإكراهات التي تحول دون قيام المركب بالدور المنوط به، انعدام الرؤية لدى مجلس بلدية الحسيمة، الذي مازال متعنتا بخصوص تفويت هذا المركب للقطاع الخاص لتسييره، أو البحث عن صيغ إدارية وقانونية ملائمة لتشغيل المسبح والقاعة متعددة التخصصات، واستفادة أندية وجمعيات منها. ويتخوف العديد من المهتمين بقطاع الرياضة بالحسيمة، من تفويت المركب لإحدى الجمعيات المقربة لتدبير شؤونه، والاستفادة من مداخيلها. جمود كبير لألعاب القوى تعيش رياضة ألعاب القوى بالحسيمة جمودا كبيرا، بعدما توقفت العديد من الجمعيات عن الممارسة، وهي التي كانت تؤطر مجموعة من الشباب أحرزوا ألقابا على الصعيد الوطني والجهوي، خاصة في رمي الجلة والقفز العالي والمسافات القصيرة. ويتجلى تدهور هذه الرياضة في الحسيمة، في توقف الجمعيات الرياضية عن التأطير لانعدام الإمكانيات المادية، والتشجيع وعدم المواظبة على تنظيم تظاهرات ومسابقات وعزوف الشباب عن الممارسة لعدم تمكينهم من شروط الممارسة، رغم وجود حلبة مطاطية بمنطقة آيت قمرة تستجيب لتطلعات ممارسي ألعاب القوى. ونفى مصدر مطلع أن يكون هناك انقراض للطاقات الموهوبة في رياضة ألعاب القوى في الحسيمة التي كانت من المدن المتميزة في هذه الرياضة، موضحا أن المواهب موجودة، لكن تنقصها الإمكانيات المادية، كما أن الأطر التي كانت تنقب عن المواهب ابتعدت عن الميدان. ناقوس الخطر أكد العديد من الفاعلين الرياضيين بالحسيمة أن المسؤولين لا يعيرون أي اهتمام للرياضة المحلية، وهم غائبون عن كل المناسبات والتظاهرات، بل وإن حضروا فإن ذلك لا يكون سوى لتلميع صورتهم الانتخابية والحزبية. وأكد المتحدثون أن الرياضة بالحسيمة شهدت تراجعا كبيرا خلال السنتين الماضيتين، خاصة على مستوى النتائج، ما جعلهم يدقون ناقوس الخطر ويطالبون بإعادة الاعتبار إلى مختلف الرياضات. واعتبر الفاعلون أن كرة القدم بالحسيمة تعيش وضعية كارثية، مطالبين بتحديد تصور حقيقي للسياسة الرياضية بالمنطقة، وحث الفاعلين المحليين من سلطات محلية ومنتخبة على الاهتمام بالشأن الرياضي. ودعا الفاعلون ضمنهم قدماء لاعبين إلى الالتفات لبعض الرياضات، كالسباحة وألعاب القوى والدراجات والغطس، التي تمثل جانبا مشرقا من الذاكرة الرياضية الحسيمية، وتقديم الدعم الكافي للجمعيات، التي تسهر على تأطير الشباب وتشارك في حمايتهم من كل مظاهر الانحراف والاستغلال. وأكد مهتمون بالشأن الرياضي أن المنطقة تتوفر على طاقات شابة وواعدة بإمكانها تحقيق العديد من الألقاب كما في السابق، لكن ضعف الإمكانات يحد من كل هذه التطلعات.

احتضار الرياضة بالحسيمة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

ريع الإعفاءات تحت مجهر المنافسة

المصابون بكورونا مهددون بـ "ألزهايمر"

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات