المحكمة الزجرية… استهتار يهدد بكارثة

مسؤولوها منعوا ولوجها دون كمامات ومواطنون حولوها لجواز الدخول وسارعوا إلى التخلص منها إنجاز : مصطفى لطفي كان يوما غير عاد بالمحكمة الزجرية بالبيضاء، إذ استعادت حيويتها ونشاطها، بعد أن كانت منيعة على المواطنين لأشهر عديدة بسبب تفشي وباء كورونا، إذ تجمهر مواطنون أمام الباب المخصص للمتهمين المحالين على النيابة العامة، في حين سارع آخرون الخطى لولوج المحكمة، بعد أن تقرر فتح قاعات الجلسات في وجه العموم. أمام البوابة الرئيسية للمحكمة، اجتمع حشد من المواطنين من مختلف الأعمار، بعد منعهم من ولوجها من قبل عناصر الأمن، إذ شرع العديد منهم في التوسل للسماح لهم بدخول المحكمة، فووجهوا بالرفض وبطريقة صارمة. يوحي الموقف أن منع ولوج المرتفقين ما زال ساريا، إلا أن هذا الإحساس سقط بمجرد ولوجها من قبل مواطنين بسلاسة ودون اعتراض من لدن الأمنيين. كشف هذا الأمر أن هناك أمرا غير مفهوم، قبل أن تثير انتباه "الصباح" مفارقة مثيرة، وهي أن الممنوعين من الدخول، حلوا بالمحكمة دون كمامات واقية من الفيروس، فكان الرد حازما في حقهم. الكمامات ...جواز الدخول بدا جليا من قرار منع أي شخص لا يرتدي الكمامة من دخول المحكمة، إصرار مسؤوليها على إجبار المرتفقين على احترام التدابير الاحترازية، سيما بعد أن ظهر تراخ كبير بعد سياسة التخفيف، التي تبنتها السلطات أخيرا، إلا أن هذه الخطوة لم يكتب لها الصمود، إذ تجرد العديد من المواطنين من الكمامات داخل المحكمة، كأنها تخنق أنفاسهم المتوترة بسبب محاكمة أقاربهم، ونادرا ما تصادف شخصا التزم بوضعها. تعمد رجال ونساء على عدم ارتدائها سواء في الساحة الداخلية للمحكمة، أو أمام أبواب قاعات الجلسات، وأن الكمامة، حسبهم، ليست سوى جواز لدخول المحكمة. تسبب هذا الوضع في فوضى، يجعل الزائر يخشى على نفسه من أن تتحول المحكمة إلى بؤرة جديدة للوباء، سيما أن الإحصائيات اليومية الصادرة عن وزارة الصحة لا تبشر بالخير، إذ يشهد عدد الإصابات اليومية ارتفاعا، صحيح أنه ليس بالمقلق، لكن الفيروس قادر على خلق "ريمونتادا" كارثية، في حال واصل المواطنون استهتارهم. وما يزيد من سريالية هذه المشاهد، تعمد مرتفقين مصاحبة الأطفال، كما في الفترات السابقة عند تفشي الوباء، والنتيجة فوضى عارمة، وعودة إلى سلوكات مثيرة للقلق، من قبيل وجود تجمعات صغيرة لا تحترم أدنى شروط الوقاية من الوباء. قضاة أمام المحك لم يقتصر استهتار المواطنين على الساحة الداخلية للمحكمة، بل تواصل حتى داخل قاعة الجلسات، وأول ما يثير الانتباه، تجردهم من الكمامات بمجرد دخول القاعة، وعدم احترام المسافة القانونية بين مرتفق وآخر، والنتيجة تزاحم كبير على كرسي واحد، يدفع أيا كان إلى وضع يده على قلبه خوفا من تعرضه للعدوى. هذا الوضع طرح نقاش، هل يمكن للقاضي أن يتدخل لإجبار المواطنين داخل القاعة على ارتداء كمامتهم أو المغادرة؟، لكن يبدو أن الكم الكبير من الملفات المعروضة عليه وطبيعة القضايا التي يناقشها، واستمرار المحاكمات عن بعد وضغوط العمل، جعلت إنهاء ملفاته في وقتها من ضمن أولوياته، أما التدابير فهناك جهة مختصة للنظر فيها. والملاحظ خلال جولة بقاعات المحكمة، أن قضاة تساهلوا مع عائلات المعتقلين، إذ سمحوا لهم بالولوج، رغم أن المحاكمات ما زالت تتم عن بعد، إذ استغلت فرصة للنظر لأقاربها من شاشة، إلا أن قضاة آخرين كان لهم موقف صارم، كما الأمر لرئيس الجلسة بالقاعة 2، إذ بحكم صغرها وعدم التزام المرتفقين بارتداء الكمامة، تم منعهم من ولوجها، وحصر الأمر على المحامين والشهود. صحيح أنها مبادرة متميزة، وتطبيق سليم للتدابير الاحترازية، إلا أن إصرار عائلات المتابعين على البقاء أمام باب قاعة الحكم، وتزاحمهم أمام حاجز حديدي وضع لمنعهم من الدخول ينذر بكارثة. أحجية حيرت القاضي والحضور أغلب القضايا المعروضة في ذلك الزوال، لا تخرج عن السرقات والاتجار في المخدرات والضرب والجرح، إلا أن القاعة 8 كانت على موعد مع ملف مثير، تطلب من الحضور بذل جهد فكري وتركيز كبير لاستيعابه وفهم وقائعه وتحديد أطرافه. الغريب في هذا الملف أنه في كل لحظة يتوقع المتابع أنه قبض بيده على "رأس الخيط"، فيضيع منه في ثوان بمجرد الجواب عن سؤال واحد للقاضي أو النيابة العامة أو الدفاع. القضية تتعلق باتهام أب لابنه المتابع في حالة اعتقال وزوجته بالتزوير في وكالة، استغلت في بيع سيارة تابعة لشركته إلى شخص، فوجئ بأنها موضوع رهن من قبل شركة للقروض وأجبر على تسديد قيمته التي تتجاوز سبعة ملايين للحصول على رفع اليد، ولما احتج على زوجة المتهم، جلبت له زبونا فوتها له قبل أن يختفي عن الأنظار، وتبين خلال بحث الشرطة القضائية أن الوثائق التعريفية التي تقدم بها مزورة. أحضر مشتري السيارة الأول بصفته شاهدا في القضية، عندما طعن الأب في الوكالة التي استعملها ابنه لتفويت السيارة، والمؤرخة في 2018، على أساس أنه سبق أن منحه وكالة في 2016، قبل أن يتراجع عنها لأسباب خاصة. شرع القاضي في استفسار الشاهد حول ظروف إنجاز الوكالة ومدى علمه بتزويرها والأطراف التي أنجزتها رفقته، فساد الغموض أجوبة الشاهد وغاب التنسيق بين الوقائع وترتيبها الزمني وأحداثها، مرة يتحدث الشاهد أن الوكالة كانت تحمل اسم الابن المتهم، وفجأة يتحدث عن ظروف تفويته السيارة إلى شخص آخر بوساطة من زوجة المتابع. في خضم أجوبته، كشف الشاهد أنه بعد أن سدد مبلغا ماليا لشركة الديون لرفع اليد عن السيارة، وجد نفسه ضحية عملية احتيال، فاستفسره القاضي إن تقدم بشكاية في الموضوع، فأكد الأمر، قبل أن يتدخل ممثل النيابة العامة ليزيد غموضا في القضية، عندما شدد على أن المراكز القانونية في القضية تغيرت، فالشاهد صار ضحية نصب واحتيال، بناء على الشكاية التي تقدم بها، وبالتالي فالمتهم، الذي كان يتابع القضية من السجن عبر تقنية المحاكمة عن بعد، صار متابعا رفقة زوجته بالتزوير والنصب، الأمر الذي دفع القاضي إلى تأجيل القضية إلى 32 يونيو الجاري، من أجل إعداد الدفاع، بناء على المستجدات التي شهدتها القضية.

المحكمة الزجرية… استهتار يهدد بكارثة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الحبس لهاتك عرض فتاة بمكناس

دركي البورصة يخصص 5 ملايين للبحث العلمي

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات