مخلي: نشر العقوبات التأديبية يعطي إشارات سلبية

أكدت نتائج المجلس الأعلى للقضاء خلال دورته الأخيرة استمرار اشتغال هذه المؤسسة الدستورية بمنطق ما قبل دستور 2011 ، ويتجلى ذلك بشكل واضح من خلال عدم احترامها للنظام الداخلي بخصوص جميع مجالات نشاطه، سواء توزيع القضاة الجدد على المحاكم أو الترقيات أو الانتقالات أو التأديبات، إذ لم يتم الإعلان عن فتح باب الترشحات لمنصب المسؤوليات القضائية الشاغرة أو التي من الممكن أن تصبح شاغرة طبقا للفصل 24 من النظام الداخلي للمجلس ، كما أن المجلس فشل في تجديد النخب التي أسندت إليها مهمة الإدارة القضائية بالمحاكم .ويبقى في نظري البيانات التي نشرها موقع وزارة العدل والحريات بعد الإعلان عن نتائج المجلس، تطرح هي الأخرى العديد من الاختلالات والتي تجد سندها في مخالفة مقتضيات المادتين 59 و 60 من النظام الداخلي، فتعديل المعايير المعتمدة و عدم إشعار القضاة بمضمونها إلا بعد نشر نتائج المجلس يشكل خرقا لمقتضيات المادة 59 و التي توجب إعلام القضاة بأي تعديل على مقتضياته ، كما أن تغيير تلك المعايير يقتضي هو الآخر موافقة الجناب الشريف عليها و هو ما لم يثبت بأي وسلية من الوسائل الدستورية .وأضيف أن مقاييس البت في طلبات الانتقال التي تم إعلانها ينبني جزء منها على تنقيط المسؤول القضائي وهو ما يؤكد أن البت في هذه الطلبات شابه غياب الشفافية.فمعلوم أن المجلس الأعلى للقضاء يعتبر المؤسسة الدستورية المخول لها تكريس الضمانات الممنوحة للقضاة طبقا للدستور والنظام الأساسي للقضاة، وتطبيقا لذلك فإنه يتولى البت في كل ما يهم القضاة من تعيين ونقل وترقية وتأديب، ويعتبر الدور الأخير من أهم الوظائف التي تساعد على الإسهام في وضع قواعد السلوك المرجعية لأعضاء السلطة القضائية. وإن موقفنا من عدم أحقية هذا المجلس في البت في الملفات التأديبية خلال دورته الأخيرة يتأسس على التأويل الديمقراطي والسليم للمقتضيات الدستورية و التي تضمنت العديد من الضمانات كحق الطعن في مقررات المجلس الأعلى للسلطة القضائية أمام أعلى هيأة قضائية إدارية بالمملكة .وأعتقد أن نشر العقوبات التأديبية في موقع وزارة العدل والحريات تعطي إشارات سلبية على تنزيل المقتضيات الدستورية ، وأنه كان من الواجب نشرها في موقع يخصص للمجلس الأعلى للقضاء، وبالإضافة إلى ذلك فان عدم نشر التعليلات والتبريرات المعتمدة من قبل المجلس لم يساهم في تكوين رصيد اجتهادي لهذه المؤسسة الدستورية، فضلا عن أنه لم يسهم في ترسيخ قواعد سلوك أعضاء السلطة القضائية .وفي المنحى نفسه أعتقد أن نشر العقوبات التأديبية يطرح النقاش حول قواعد المحاكمة التأديبية العادلة، والتي يعتبر البت في إجراءاتها داخل اجل معقول احد مقوماتها، وأن إصدار العقوبات التأديبية بعد مرور 7 سنوات من تاريخ الأفعال موضوع المتابعات في بعض الحالات يعكس بشكل واضح اختلالا يمس بضمانات المحاكمة العادلة، وهو ما يؤشر على استمرار عمل المجلس الأعلى للقضاء بمنطق ما قبل دستور 2011. وأن نشر فقط العقوبات التأديبية القاضية بالعزل أو الإحالة على التقاعد يطرح عدة تساؤلات خصوصا مع عدم نشر المقررات الصادرة بالبراءة. وعن إمكانية تسطير المتابعات الجنائية في حق القضاة المتخذ في حقهم العقوبات التأديبية ، فإن الموضوع يرتبط ارتباطا وثيقا بالمطالبة باستقلال النيابة العامة عن السلطة التنفيذية لضمان مساواة الجميع أمام القانون و القضاء بعيدا عن الحسابات و المزايدات السياسوية ، كما أن ذلك يقتضي تنزيل ميثاق حسن سير العدالة وحقوق المتقاضين المكرس دستوريا بالنسبة إلى جميع المواطنين على السواء بغض النظر عن منصبهم، والذي يتأسس على احترام مبدأ قرينة البراءة إلى حين صدور مقرر حائز لقوة الشيء المقضي به، و ضمان الحق في الحصول على الأحكام داخل آجال معقولة، ذلك أن طرح هذا الموضوع بعد مرور سبع سنوات في بعض الحالات ، من تاريخ البحث في الأفعال موضوع المتابعات التأديبية يطرح نقاشا حول أسبابه وخلفياته وأسسه القانونية . كريمة مصلي

مخلي: نشر العقوبات التأديبية يعطي إشارات سلبية

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

العزلة والتهميش يؤججان الاحتجاجات بتاركيست

الخضراوي: أخطر ما يهدد القضاء هو تسييسه

مقالات ذات صلة