توبة الفنانين…بحث عن الخلاص

ممثلون ومطربون ضحايا حملات تشويه الفن وتحريمه يتحولون إلى صيد ثمين للمتطرفين لا تمر سنة في بلدان شمال إفريقيا والشرق الأوسط، إلا وتنقل الصحف ومواقع الأخبار، نبأ اعتزال ممثل أو مطرب أو راقصة الميدان الفني، ودخول كنف «الالتزام الديني»، وهو ما يراه كثيرون مفارقة، إذ يعبر جزء من الجمهور عن رفضه للجمع بين الاعتزال والتوبة، الذي يخدش صورة الفن، ويعطي الانطباع أنه محرم ونجس. اعتزال المجال الفني، يدخل ضمن الحرية الفردية للشخص، وقرار فردي لا يحق لأحد الحكم عليه، لكن أغلب الفنانين يبررون قرارهم للجمهور، بالقول إن خلفيات الاعتزال محكومة بوازع ديني، وأن الله تاب على هذا الفنان أو ذاك، وكأنه أمضى عقودا في معصية الله، واليوم يريد أن يتخلص من الذنوب التي راكمها خلال مسيرته. الجمع بين التوبة والاعتزال، تدخل أيضا ضمن حرية التعبير، لكن يحق للناقد والرأي العام، أن يدليا بدلوهما في الموضوع، وينتقدا هذا الجمع غير المبرر، لأنه يعطي صورة سيئة عن الفنون، ويشيطن الإبداع ويغلق الباب أمام الشباب والمواهب الناشئة، ويزيد من حساسية الأبوين، اللذين غالبا ما يرفضان أن يدخل أبناؤهما المجال الفني، لأن الشيوخ يسوقون أن الفنون تغضب الله، إلى درجة أن البعض اعتبر أن مجرد أخذ صورة مع الأسرة، أو نحث تمثال أو رسم لوحة، هو تقمص لدور الإله في ما يتعلق بالخلق والإنشاء. وإذا كان الكثير من الفنانين يناضلون من أجل تبرئة الفن من «الخطيئة»، وإبراز أهمية الفنون، وأنها تلعب الأدوار نفسها التي يضطلع بها الدين، والمتمثلة في تهذيب النفس، والرقي بالذوق، وإذكاء لقيم الإبداع والخلق، فإن جزءا منهم يهدم هذا البناء بجرة قلم، فكيف يمكن لشاب في بداية مسيرته، أن يؤمن بالفن وهو يرى بعض النجوم يعتزلونه، ويقرون بأنه بعد عن الله، وأن حياة الفن عذاب. ولو كان الفنانون المعتزلون صادقين وواعين بقراراتهم، فيجب عليهم أن تكون لهم مبادئ، تدفعهم للتخلي عن الأموال، التي جمعوها خلال عقود من مسيراتهم الفنية، إذ كيف يقبل التائب أن يعيش بقية حياته، وينفق ويتصدق من أموال مصدرها حرام بالنسبة إليه. وتطهر هذه المفارقة أن قرارات الاعتزال مرتجلة، ومبنية على انفعالات نفسية وانطباعات ذاتية، تحكمها المصلحة الشخصية أحيانا. وتمثل هذه الفئة، صيدا ثمينا لحركات الإسلام السياسي، والتيارات المتطرفة، إذ أن المجال الفني في المغرب ودول الجوار، فقد فنانين مشهودا لهم بالكفاءة في مجال الإبداع، غير أن بعض الحركات المتطرفة وغير المعترف بها، تستقطبهم وتدمجهم في «مجتمع إسلامي» مغلق، من أجل بعث رسالة مشفرة للخصوم الإيديولوجيين، من أجل إعطاء خطابها مصداقية وحجية. وسقط بعض الفنانين ضحية للحركات الإسلامية المتطرفة في الشرق، كما هو الأمر بالنسبة إلى فضل شاكر، وأما في المغرب فهناك الكثير من الأسماء، التي غادرت معترك الفن نحو الحركات الإسلامية، من قبيل المطرب الشهير عبد الهادي بلخياط، والشاب رزقي، المختار جدوان وغيرهم. ومن جانب آخر، فإن بعض الفنانين اكتشفوا سوقا كبيرة، تمكنهم من رفع مداخيلهم المالية، مقابل إعلان «التوبة» واللجوء إلى مجال الأغنية الدينية، ومنهم من أصبح غنيا عشرات المرات مما كان عليه، بسبب إعلان التوبة والتعاطي لأغان "ملتزمة»، من قبيل المغني سامي يوسف، والمغني رشيد غلام وغيرهما. عصام الناصيري

توبة الفنانين…بحث عن الخلاص

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

تتويج الجندي بجائزة أحسن ممثل

أسود القاعة يصطدمون بالبرتغال بالمونديال

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات