العرب وإسرائيل… حرب برعاية الدين

أسلمة وتهويد التاريخ يؤججان الصراع حول الأرض وسيطرة الدين على النزاع تعقد حل الأزمة تشابكت خيوط الصراع حول الأرض بين الفلسطينيين ودولة إسرائيل، إلى درجة أصبح البحث عن الحقيقة مثل البحث عن إبرة وسط كومة قش، خصوصا أن التاريخ له دور حاسم في هذه الأزمة، التي ورثتها حكومات وشعوب الشرق الأوسط، من عهد الاستعمار منتصف القرن الماضي، وبمرور كل هذه العقود، لم يتمكن الطرفان من بلوغ السلام والعيش جنبا إلى جنب. ولعل أكثر العوامل تعقيدا لهذا الملف، هو العامل الديني، الحاضر بقوة في كل الخطابات والإستراتيجيات، كما أنه أيضا حافز ووقود "المقاومة" والحرب، فإذا كانت الأديان تجب ما قبلها، فإن الأمر نفسه ينطبق على هذا الصراع، إذ أن الطرفين ينفيان بعضهما البعض، وكل منهما يعتبر طرح الآخر عاريا من الصحة، وهو ما زاد من تعميق هوة الخلاف. ولم يترك الدين مجالا للسياسة، في صراع دولة إسرائيل مع السلطة الفلسطينية، إذ رغم المحاولات المتكررة ودخول الأمم المتحدة وحكومات الدول على الخط، فإن الدين ظل مسيطرا على الصراع، ويفرض مبدأ نفي الآخر وعدم الاعتراف به، وجعل الشعبيين ضحايا لانعدام السلم، وضيع فرصا كبيرة للتنمية، وفي النهاية يبقى الفقراء والأطفال والنساء حطب حرب خاسرة، إذ أن الآلاف ولدوا في الحرب وماتوا فيها، دون أن تأتي النصرة من الله، التي وعدهم الدين بها، وفي كل مرة تزيد الهوة. ويعتقد الفلسطينيون أن الأرض أرضهم، وأن فلسطين إسلامية، وأن القدس مكان مقدس صلى فيه الأنبياء، بينما يرى الإسرئيليون أن تلك الأرض ملكهم، وأنهم ضحايا شعوب من أديان أخرى، وأنه من الضروري عودتهم إلى أرض الميعاد التي وعدهم الله بها، وكلا الطرفين يؤمنان بأن روايتهما هي الأصح، وأن الآخر مجرد مدع للحق، وأن ما يطالب به لم يتركه له الآباء والأجداد. وبما أن إسرائيل الطرف الأقوى في الصراع، وأثبتت ذلك في ساحة الحرب، فإن الفلسطينيين لا ينظرون لضعفهم بنوع من العلمية بعيدا عن الإيديولوجية، إذ أن الفهم السائد يقول إن هناك مؤامرة ضدهم من قبل اليهود والنصارى وحكومات الغرب، من أجل إخراجهم من ديارهم وتهجيرهم، وبعض المستفيدين من الصراع يغطون فسادهم وخذلناهم لإخوانهم، بخطاب النصرة من الله، وأن ما يقع مؤامرة ضد الإسلام، من أجل تعويم النقاش، وتوريط شعوب مسلمة أخرى في صراع غير متكافئ. ويتضح جليا أن الأرض المتنازع عليها، ليست قضية شعبين يعيشان في رقعة جغرافية معينة، بل يتعلق الأمر بتطاحن بين دينين، ومعركة لإثبات أيهما على حق، وأيهما أقرب إلى الله، وأيهما أصح. والغريب أن إسرائيل تتعمد استفزاز مشاعر المسلمين، وتطالب بالمقابل بسلام "زائف" مع حكومات الدول، وليس مع شعوبها. وأما فلسطين فتلك قصة أخرى، إذ كيف يمكن لشعب يعيش تحت القصف، ويمر من مرحلة ضعف، ولم يتمكن من تأسيس دولة بمفهومها السيادي، أن يتوعد اليهود ليل نهار بالإبادة، وأن الفلسطينيين سيردون الصاع صاعين حينما يصبحون أقوياء. منطق لا يمكن أن يفهم منه، إلا أن هناك من يستفيد من معاناة البسطاء، وموت الأطفال. وبما أن الصراع بدأ منذ البداية عربيا إسرائيليا، فإن سياسات القوميين العرب وأحزاب اليسار وحركات الإسلام السياسي، أعطت القضية زخما إيديولوجيا كبيرا، وشيطنت اليهود باستعمال الدين وأفكار اليسار "التحررية"، وبالتالي أصبحنا اليوم أمام شعوب تريد أن ترمي بإسرائيل في البحر، وهو منطق غير مفهوم أيضا. ولعل أكثر ما يبين أن الصراع مؤدلج، هو أن الشعب اليمني يموت بالقصف وبمرض الكوليرا، في حرب ممولة من جيوب العرب دافعي الضرائب، لكن قليلين من يتضامنون مع أطفاله. عصام الناصيري

العرب وإسرائيل… حرب برعاية الدين

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

فجـوات إداريـة تعـدم التـراث

لقطات

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات