ترويج المخدرات لا يعترف بأزمة كورونا

«الصباح» تخترق عالم "بزناسة" يؤمنون بشراكة "رابح رابح" مع زبنائهم إنجاز : محمد بها إذا كانت الشركات ومختلف المحلات التجارية، قررت تغيير خطة عملها لاستقطاب الزبناء والتعافي من أزمة اقتصادية، خلفتها جائحة كورونا، فإن تجار المخدرات لا يشكلون الاستثناء في ذلك، إذ هم الآخرون يستنفرون عناصرهم لإعداد خطة خاصة بكيفية الحفاظ على زبناء ليسوا عاديين، حتى لا تبور تجارتهم المحظورة. وتتمثل خطة «البزناسة» في تسطير برنامج خاص في زمن كورونا، الذي أتى على الأخضر واليابس، ويتضمن البيع بالتقسيط وعروضا أخرى، تتمثل في بيع كمية كبيرة بثمن أقل بالنسبة إلى الزبناء، الذين يقبلون عليهم بشكل يومي، وإضافة أماكن جديدة للتوزيع لتقريب المسافات، واعتماد خطط للتمويه على المصالح الأمنية من شرطة ودرك والاستجابة للطلب المرتفع، إذ يعتبر هذا البرنامج أملا لأصحاب المشروع في إغراء المدمنين للإقبال على سلعتهم دون تردد. الساعة تشير إلى الثامنة مساء. المكان الطريق المؤدية إلى دوار «جيني» بعين حرودة. لم تعد يفصلنا سوى نصف ساعة عن موعد سريان إجراءات حظر التجول الليلي. حركة غير عادية لأشخاص من مختلف الأعمار والفئات الاجتماعية. السبب في ذلك ليس اقتناء ما يلزم من مواد غذائية أو حاجيات خاصة تم نسيانها لتأثيث مائدة العشاء، كما يفعل أغلب الناس في زمن كورونا، بل هو استنفار أبطاله عشرات المدمنين اختاروا الالتفاف حول شاب ذي بنية قوية وهو يوزع عليهم الأقراص المهلوسة ومخدر «الحشيش». ولمعرفة خبايا عالم «التبزنيس» في زمن كورونا، وضعنا قبعة الصحافي جانبا، واخترنا تقمص شخصية زبون، وهو ما نجحنا فيه، بعد أن انطلت الحيلة على زبائن كانوا يتهيؤون للقاء مزودهم بالسلعة المحظورة وهم مستنفرون، خوفا من أي مداهمة أمنية أو مخبر يطيح بهم. «خويا إلى بغيت 30 درهم واش يهور معايا ولا يعطيني غير الفرشي؟»، من بين العبارات التي نطقنا بها لجر أحد الشباب المدمنين للحديث إلينا، وهو ما جعله يتجاوب بشكل عفوي بالقول «ما تخممش أعشيري «ولد الزوين» عندو السلعة نقية وراك شفتي بنادم كيتسنى فيه حيت سمعتو سابقاه». بزناس يستعين بالكلاب ومخبريه ما إن يحل الظلام بدواوير عين حرودة، حتى تتحول المناطق الخلاء إلى مرتع للمشتبه فيهم، إذ أصبحت الأحياء الغارقة في الظلام مرتعا لتفريخ الجريمة بمختلف أصنافها. بدوار «ّجيني»، يستغل المروجون، منطقة خلاء تنعدم فيها الإنارة مستعينين بكلاب شرسة للاتجار في المخدرات، إذ رغم حرصهم وخططهم الاحترافية إلا أنهم يضعون في الحسبان إمكانية تعرضهم للمحاصرة من قبل الدرك، وهو ما يفترض منهم الاستعانة بكلاب من الفصائل الممنوعة لاستعمالها في الهجوم على من لا يرغبون في لقائه. ومن «البزناسة» المعروفين بعين حرودة، الجانح الملقب ب»ولد الزوين» الذي يبسط سيطرته على دوار «جيني» ويعتبر من ذوي السوابق القضائية ويثير الرعب في نفوس السكان والمارة، إذ يهدد من يعترض أنشطته أو يتخاصم معه بالسلاح الأبيض وبالكلاب الشرسة. وليس هذا فحسب، إذ تفاديا للوقوع في يد الدوريات الأمنية التي يقوم بها رجال الدرك بعين حرودة، في إطار الإجراءات الاحترازية لمحاربة أشكال الجريمة، يستعين «ولد الزوين» بمخبرين يعملون لحسابه، من أجل التمويه على تحركات الدرك وتفادي محاصرته، إذ يستغل فترة حظر التجول الليلي المرتبط بالطوارئ الصحية لمحاربة فيروس كورونا، والتزام السكان بيوتهم تنفيذا لتعليمات السلطات المختصة، لتحديد موعد مع زبنائه مستعينا بمساعديه وبالظلام الذي يعم المنطقة الموحشة لترويج بضاعته لمن يهمهم الأمر. الحيطة قبل اللقاء كشف لنا عدد من الشباب المدمن، أن مروجي المخدرات يستغلون الجدران الفاصلة بين السكة الحديدية والدوار للقفز إلى مسرح الجريمة الذي يتخذونه فضاء للقاء بزبائنهم، بعيدا عن المراقبة الأمنية والمارة. ويحرص مروج المخدرات الملقب ب»ولد الزوين» على أخذ الحيطة والحذر، إذ قبل أن يمد يده لتسليم الزبون البضاعة وأخذ المبلغ يتفحص وجوه زبنائه ويشاركهم الحديث، حتى لا يقع ضحية مخبر أو دركي، يمكن أن يكون مندسا وسط المدمنين. وأضاف المتحدثون أنفسهم، أنه حينما يتأكد «البزناس» من أن الواقف أمامه لا يشكل خطرا عليه، يستل من حافظة نقود، يضعها بإحكام وسط سترة يرتديها، كمية محددة من «الكيف»، حسب الطلب. "نسمح فكلشي إلا البلية" «الأزمة ديال كورونا خلاتني نقص بزاف ديال الأنشطة سوا الرياضة فلاصال أو الجلوس في المقهى، قطعت جميع أنواع البلايا من شراب وفساد، ولكن ما قدرتش نقطع المعجون والحشيش، حيت موجود وهو الوحيد اللي نقدر نقطع بيه البليات الأخرى»، يقول أحد الزبناء وهو يحكي لنا دون أن يدري هويتنا عن تفاصيل يوميات «البلية»، لمقاومة «القطعة» التي تسببت فيها تداعيات وباء قاتل. غادر طاقم «الصباح» المكان حتى لا تفتضح هويته ويتعرض لمكروه من قبل أشخاص خارجين عن القانون، وانتقل إلى تجار المعجون، وهي البلية التي تقل خطورة ترويجها مقارنة مع «القرقوبي» و»الحشيش»، فبمجرد السؤال عن مكان ترويجه قام بعض الشباب المتحلقين وسط حديقة «بالواجب» وهم يرفقون تعاونهم «سير قبل ما تلقى الزحام راه فهاد الوقت ماكين غالتبواق». طرائف "التبزنيس" من بين الطرائف التي تطبع عالم المخدرات في زمن كورونا، أن «البزناسة» يحترمون التخصصات كما يحرصون على التعاون، رغم هدفهم الأساسي المتمثل في جني المال، فحينما يأتي زبون يسأل عن مروج «الحشيش» باللقب الذي ينادى به، يجيبه أحدهم بأنه أخطأ العنوان ليقوم بإحالته مباشرة على أحد التجار بالمنطقة ومده بعنوانه، حتى يجد ما يرغب فيه. وحسب أحد المدمنين على استهلاك المخدرات، فإن الحملات الأمنية والمداهمات التي تقوم بها المصالح الأمنية تلعب دورا كبيرا في تحديد سعر «الحشيش» والمعجون، ففي زمن كورونا حيث أصبح التنقل ليلا محظورا، باستثناء المرضى والعاملين، ارتفع الطلب على المعجون وجميع أنواع المخدرات، وهو ما يجعل أسعارها تقفز إلى مستويات قياسية، خاصة أن «البزناسة» يعتبرون أن مواجهة مخاطر عملية البيع تستدعي الزيادة في السعر. البنية التحتية تعرقل جهود الأمن من بين العوامل التي جعلت مروجي المخدرات يواصلون تجارتهم في زمن كورونا، الأماكن المهجورة وضعف البنية التحتية، إذ تشكل البنايات المهجورة عالة على عناصر الدرك الملكي، بفعل تحولها إلى مسارح لمختلف الجرائم، وفضاء يتجمع فيه المنحرفون والمدمنون والفارون من العدالة، للاختباء من أعين دوريات الدرك، إضافة إلى استغلالها أوكارا للدعارة وممارسة كل أنواع الجرائم. ويؤدي غياب الإنارة العمومية في الدواوير وضعفها في بعض الأحياء الأخرى الناقصة التجهيز، إلى تجمع المشتبه فيهم في فضاءات مظلمة لترويج المخدرات وحيازة أسلحة بيضاء، وهي التجمعات المشبوهة التي تعتبر مسرحا لوقوع أحداث إجرامية، أبرزها التحرش الجنسي والسرقة باستغلال الظلام الدامس، رغم المجهودات التي تقوم بها عناصر الدرك الملكي لتعقب مجرمين و»بزناسة» يعملون بحرفية ويطورون خططهم لتنظيم تحركاتهم تفاديا للوقوع في أيدي حماة الوطن.

ترويج المخدرات لا يعترف بأزمة كورونا

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

التزوير يلاحق ضابطا ساميا

اعتقال نصاب باسم القصر

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات